الثلاثاء 21 مايو 2024

مدحت العدل: الصورة الذهنية عن اليهود غير دقيقة

فن3-11-2020 | 21:20

 هل مدحت العدل ناصرى يجهل تاريخ ثورة يوليو؟ أثار هذا التساؤل عددا كبيرا من الآراء والنقاد، بعد عرض العشر حلقات الأولى من مسلسل "حارة اليهود".. حالة كبيرة من الجدل أثارها المسلسل ما بين اتهامات عديدة للمؤلف بسبب وقوعه فى أخطاء تاريخية فادحة.. ما اضطر "العدل" للرد بالأدلة وأسماء المراجع التاريخية التى اعتمد عليها فى كتابة السيناريو، وهو يراهن على وجود خطأ تاريخى واحد فى المسلسل، يقول: كنت أعلم حالة الجدل هذه قبل كتابة العمل؛ لأننى أعلم مدى حساسية كلمة يهودى فى مصر، ولا تقلقنى الصفحات الإسرائيلية ولم أهتم برأيهم فى المسلسل، وشخصية "علي" ضابط الجيش لا علاقة لها بالزعيم الراحل "جمال عبدالناصر".. ويضيف فى حواره لـ"المصور" أنه لا يخشى أبدا أن يقدم "عبدالناصر"، خاصة أنه ناصري.

  

لماذا قررت أن تقدم عملا فنيا عن اليهود الآن؟

فكرة مسلسل حارة اليهود فى ذهنى منذ ٦ سنوات، ولكن لم تكن لدى الفرصة الكافية للكتابة.. أيضا هذا هو الوقت المناسب لهذا المسلسل، أثناء فترة حكم الإخوان قدمت مسلسل الداعية لارتباطه بالواقع وقتها، أما الآن فوجدت أن هذا أنسب وقت لكى نقول للجميع.. مصر ليست الإخوان الإرهابيين وليست الفتن الطائفية التى رأيناها.. مصر طول عمرها تحتضن الجميع مسلما كان أو مسيحيا أو يهوديا.. هذه هى مصر، وحارة اليهود نموذج تشبيهى لمصر فيها الجار اليهودى الذى يحب جاره المسلم، والجار المسيحى الذى يهتم بجاره المسلم ويخاف على اليهودى وهكذا...


قررت أن أقول نحن لسنا إخوانا ولسنا متطرفين وأرجعت ذلك إلى تاريخ مصر فى 48 لذلك كان هذا الوقت المناسب لمسلسل حارة اليهود .

 

أثناء كتابتك للمسلسل.. هل كنت مقرر اختيار الأبطال؟؟

  اختيارى للفنانة منة شلبى كان منذ بداية كتابتى للمسلسل وذلك لأن دور"ليلي" صعب ومعقد وفيه صراع نفسى كبير بين الهوية الوطنية والهوية الدينية، وأثناء كتابتى كنت أرى دائما أمام عينى "منة" فى دور "ليلي" فمن الصعب على أى ممثلة مهما كانت نجوميتها أن تقدمه كما قدمته منة شلبي.

  أما باقى الأبطال فكان اختيارهم للمخرج وكان اختيارا موفقا لإياد نصار، فهو نجم كبير وأيضا مناسب جدا للشخصية.. وكل أبطال المسلسل قرأوا الورق بشكل جيد وأظهروا العمل بالشكل الذى يليق به. 

 

التركيبة الاجتماعية التى قدمتها فى المسلسل لحارة اليهود والتى تضم الدعارة.. البلطجي.. ظابط الجيش، هل هذه التركيبة الحقيقية لحارة اليهود؟؟

قدمت فى المسلسل التركيبة الاجتماعية التى كانت موجودة فى مصر هذا الوقت.. مصر كان بها المسلم واليهودى والمسيحى والتاجر والبلطجى والمعبد والمحلات، أما الدعارة فقدمتها فى المسلسل فى شارع "كلوت بك" وليس حارة اليهود، وهذه هى التركيبة الاجتماعية الحقيقية طبعا لحارة اليهود.

 

  واضح من المسلسل أن اليهود كانوا متسامحين ووطنيين.. وما نعرفه عنهم أن معظمهم كان تابعا لمنظمات صهيونية، لماذا أظهرتهم بهذا التسامح؟؟

  أنا قدمت اليهود كما كانوا موجودين بالضبط، قدمت ليلى التى تحب مصر وقدمت موسى الذى ينتمى لمنظمة صهيونية وصفوت ووالده ووالدته التى تهجّر الشباب لإسرائيل وشخصية مزراح شخصية يهودية رابعة مختلفة، وهارون أيضا شخصية خامسة مختلفة تماما، فأنا قدمت المجتمع اليهودى بشكله الحقيقى الذى كان يعيش فى مصر فى هذا الوقت.

المشكلة هنا مرتبطة بالصورة الذهنية المرسومة فى خيالنا عن اليهود كما تعودنا عليها من جميع المسلسلات والأفلام التى شاهدناها، والتى تظهر اليهودى الجاسوس البخيل الذى يكره مصر بصوته المعروف وهو يقول "يا حبيبي" وشكله الشائع، وهذا غير صحيح، الفنانة ليلى مراد كانت يهودية ويعقوب صنوع الذى بنى المسرح المصرى كان يهوديا وغيرهم وغيرهم، أنا أقدم التركيبة الاجتماعية وليست الدينية وأتمنى أن نفرق حتى لا نقع فى أخطاء كبيرة ومغالطات بين الدين والوطن.

  مصر زمان كانت تستوعب الجميع ولا تسأل عن دين، وحتى الآن نحن نقبل اليهودى الذى يعيش فى حاله ولا يضر من حوله ولم نقبل المسلم المتطرف الإرهابي.. نحن جميعا نرفض الإرهاب بكل صوره، وهذا ما أظهرته أيضا فى المسلسل.

 

بمناسبة ذكرك للإخوان.. لاحظنا أنك لم تظهر الإخوان بصورتهم الحقيقية فهم وقتها كانوا أسوأ كثيرا مما ظهروا عليه فى حارة اليهود.. لماذا؟

للمرة الثانية أقول أنا لم أقدم دينا، أنا أقدم تركيبة اجتماعية، وما حدث هو عندما قمت بعمل أبحاث عن التفجيرات التى حدثت فى حارة اليهود وجدت أن 95% من الآراء تقول إن الإخوان هم من قاموا بالتفجير، ولكن البعض الآخر قال إن اليهود هم من فجروا بأنفسهم، حتى يضغطوا على اليهود الموجودين فى مصر ويخوفوهم منها ويتم تهجيرهم إلى إسرائيل، وهذا ما قدمته فى المسلسل بناء على أبحاثي، لذلك يعتقد البعض أننى أبرزت الإخوان فى صورة أفضل مما هم عليه أو أنى أدافع عنهم وهذا غير صحيح بالمرة، المشكلة الكبرى أن الجميع يصدر أحكاما مسبقة ولا أحد ينتظر للنهاية .

 

من هو إياد نصار فى مسلسل حارة اليهود؟

إياد نصار هو نموذج لضابط فى الجيش المصرى من حارة اليهود، وطنى مخلص تم اعتقاله من قبل العدو يحافظ على وطنه، وبالرغم من ذلك وقع فى حب فتاة يهودية، وهذه هى التركيبة الاجتماعية الممتزجة التى أشرت إليها.

 

  الكثير يقول إن قصة الحب بين "ليلي" و"علي" إسقاط على قصة حب جمعت بين الزعيم الراحل "عبد الناصر" أثناء شبابه وفتاة يهودية كما يقول الإخوان فى كتبهم عن عبد الناصر؟

هذا غير صحيح ولا أعلم من أين جئتم بهذه المعلومة، فهذه المرة الأولى التى أعرف فيها أن عبدالناصر وقع فى حب فتاة يهودية، بالرغم من أننى قدمت شخصية عبدالناصر من قبل فى "العندليب" إلا أننى لم تمر على هذه المعلومة أبدا، وأريد أن أقول إننى ناصرى وإذا كنت أقدم "علي" على أنه عبدالناصر كنت سأعلن هذا بشكل واضح بدون تلميح أو إسقاطات أو رموز، أنا لا أخشى أحدا، ولكن "علي" هو "علي" كما نراه فقط .

 

بعض الأخطاء التاريخية ينتقدك فيها البعض.. مثل الغارة التى وجدناها فى الحلقة الأولى من المسلسل، وكان آنذاك لا توجد أية غارات منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 45؟

ارجعوا إلى كتاب "العروش والجيوش" للكاتب محمد حسنين هيكل سوف تجدون أنه كان يوجد غارات عام 48، العمل التاريخى يجب مراجعة التاريخ فيه جيدا، وبالتأكيد أننى لدى عدة مصادر ومراجع ولم أقدم مسلسلا مثل هذا بدون اللجوء إلى التاريخ ومذاكرته جيدا.

 

أيضا وجدنا الإنجليز فى المسلسل يسيرون فى شوارع القاهرة وبموجب معاهدة 36 فإن الجنود الإنجليز تركوا شوارع القاهرة وانتقلوا إلى سيناء وشمال مصر؟

بالرجوع إلى التاريخ فى عدة مصادر هذا غير صحيح، فالتاريخ يقول إن الإنجليز تركوا قصر النيل عام 50، بمعنى أنهم كانوا فى شوارع القاهرة عام 48، وهذا ما ذكرته فى المسلسل، ولهذه المعلومات المغلوطة عند الكثير فقد استعنت بباحث فى التاريخ وباحثة فى الشئون اليهودية، حتى تكون كل المعلومات الخاصة بالتاريخ من ناحية وباليهود من ناحية أخرى صحيحة مائة بالمائة.

 

  ريهام عبدالغفور "ابتهال" كانت ترقص على أغنية يا مسافر وحدك عام 48، وهذه الغنوة ظهرت سنة 50 .. هل هذا خطأ فى اختيار الأغنية؟

قد يكون واردا حدوث خطأ فى مزيكا أو فى أغنية لم أركز فى أى سنة بالظبط تم غناؤها، ليس لدى مشكلة فى الاعتراف بخطأ من كانوا قائمين على اختيار الأغاني، لكن لا مجال للحديث عن خطأ تاريخى .

 

لقد عرضت وجهة نظر موسى وهو يقرأ من "التوراة" ويقول إن الله وعدهم بوطن منذ 2000 عام سيتجمعون فيه بعد الشتات، وسوف يكون من نهر مصر إلى نهر العراق .. هل كنت تقصد أن التوراة تم تحريفها كما فهم الكثير من المشهد أم هذا فعلا ما وعد به الله لليهود وهنيئا لهم الأرض؟

  لا دخل لى بالتوراة، لم أتدخل فى أى ديانات، هذا مكتوب بالفعل فى التوراة ليس لدى أى دخل بموضوع تحريفه من عدمه ولم ولن أبحث فيه، قد يكون واردا تحريفه وقد يكون لا، ولكن ما أثق فيه أن هذا مكتوب نصا فى التوراة الآن، ولكننى لم أترك الموضوع عند هذا فقط، فقد ظهرت ليلى وهى تعارضه وتتهمه بالغدر والخيانة للوطن "مصر".

 

فى أى عام سينتهى مسلسل "حارة اليهود"؟

سوف ينتهى المسلسل فى عام 54 قبل خروج اليهود بشكل نهائى من مصر، الحقيقة أنهم حتى الآن لم يخرجوا من مصر بشكل نهائي.

ما رأيك فى ردور الأفعال التى أثيرت فى الحلقات الأولى من المسلسل؟

 أنا سعيد جدا بالعمل وسعيد أكثر بالضجة وردود الأفعال التى تثار، فهذا يدل على نجاح المسلسل، خاصة أنه يتم عرضه فى وقت ملىء بالأعمال الفنية المختلفة، فهذا يعنى بالنسبة لى النجاح والتميز، أما عن بعض الهجوم فإننى أرحب به أيضا لأن هذه هى سمات العمل الناجح، وكنت أتوقع هذا الجدل والنقد؛ لأننى أعلم جيدا حساسية كلمة اليهود فى مصر، خاصة أننى قدمتهم بصورة مختلفة وجديدة لم نعتَد عليها، كما أننى أرى أن من أعجبهم المسلسل هم الناس العادية التى تريد أن تشاهد مسلسلا اجتماعيا من ذكريات وشوارع وتاريخ مصر يعيد ذكراهم من جديد دون أن يحللوا المسلسل أو أن ينتظروا خطأ تاريخيا يقفون عليه، أنا أقدم عملا فنيا اجتماعيا من حوارى مصر، لا أحاول إرضاء أى أطراف سواء كانت تاريخية أو سياسية.

 

هل تعلم أن صفحة الخارجية الإسرائيلية باركت ورحبت بمسلسل "حارة اليهود" ألم يقلقك هذا؟

 لا يعنينى هذا وإذا قرأت بعد ذلك ستجدين رفضهم للمسلسل والتنديد به، وقالوا على صفحاتهم إن المسلسل فى البداية كان طعما لنا، لذلك رحبنا به ثم بعد ذلك أظهرت اليهودى بشكل آخر لم يعجبهم فانقلبوا عليه، وأيضا إذا قدمت الإخوان إرهابيين سوف يفرح الكثير ويلومنى البعض.. لا أجامل ولم أقدم نصف حقيقة لصالح أحد، فأنا أقدم مسلسل "حارة اليهود" عملا تاريخيا اجتماعيا فى حياة مصر.


نقلا عن مجلة المصور