الإثنين 25 نوفمبر 2024

فن

«عبرت من خلالهم».. فصل جديد من كتاب «هيكل.. المذكرات المخفية»

  • 11-11-2020 | 10:29

طباعة

تنشر بوابة "الهلال اليوم"، فصلا جديدًا من كتاب "هيكل.. المذكرات المخفية"، للكاتب الصحفي محمد الباز، الذي جاء تحت عنوان "عبرت من خلالهم..هؤلاء الرجال وحكاياتهم ".


خلال الفترة التى اقتربت فيها من جمال عبد الناصر، قابلت عددا كبيرا من الناس، وبالتالى أنشات قاعدة عريضة من العلاقات الإنسانية. 

(2)

 قابلت نهرو للمرة الأولى مع جمال عبد الناصر، وتحاورت كثيرا معه ولم أجعله يشعر أن كل ما أريده منه أن أسمع كلاما على لسانه وأنشره فى الجورنال، حاولت أن أجعل ما بينى وبينه حوارا أوسع، وصل بعدها إلى حدود الصداقة. 

(3) 

قابلت معمر القذافى لأول مرة مساء أول سبتمبر 1969. 

كانت أنباء الثورة فى ليبيا قد أعلنت للعالم الخارجى من إذاعات طرابلس وبنغازى ضحى يوم أول سبتمبر 1969، وكان الإعلان مصحوبا بالبيان الأول للثورة على مكتبى حوالى الساعة العاشرة صباحا.

اتصلت بجمال عبد الناصر، لكنه كان قد دخل إلى قاعة إجتماع طارئ لدول المواجهة، وكان المطلوب من هذه الدول تنسيق العمل العسكرى على الجبهة الشرقية، استعدادا للمعركة القادمة مع إسرائيل. 

بعد دقائق اتصل بى جمال عبد الناصر لأن الاجتماع الذى وصلته أنباء الثورة فى ليبيا انشغل بالحدث الطارئ الذى فرض نفسه فوق جدول الأعمال المعد سلفا، خصوصا أن المجتمعين كانوا فى أجواء تساؤل يتحرق إلى معرفة اتجاه الثورة فى ليبيا، وهل هو قومى أى أقرب إلى القاهرة، أم هو بعثى أى أقرب إلى حزب البعث بصرف النظر عن انقسامه إلى فريقين بين بغداد ودمشق. 

سألنى جمال عبد الناصر عندما اتصل بى عما أستطيع استقراءه من بيان إعلان الثورة فى طرابلس، وكان سؤاله يحمل نبرة من طلب التدقيق شاغلها ومغزاها فى النهاية، أهم أقرب إلى القاهرة أم أقرب إلى البعض... وأى بعث منهما؟ 

قلت إن استقرائى للبيان أنهم أقرب إلى القاهرة، ذلك أنه بصرف النظر عن العبارات الإنشائية فى النص فإن ترتيب شعار الحرية والإشتراكية والوحدة جاء متفقا مع الترتيب الذى يستعمل فى القاهرة، ومخالفا للترتيب الذى يستعمله حزب البعث والذى ترد فيه الوحدة قبل الإشتراكية وقبل الحرية. 

كان رأى جمال عبد الناصر أننى ربما أتعسف فى دلالة ترتيب الكلمات، لأن الذى يقوم بما قام به هؤلاء الضباط فى ليبيا لن يتوقف طويلا أمام مواضع الشعارات وحتى إذا جاءت الشعارات المعلنة فى طرابلس متوافقة مع الترتيب الذى تستعمله القاهرة فمن الاحتمال أن تكون تلك محض مصادفة. 

وقلت: ربما ولكنى أشعر فى نبرة البيان العامة بما يعزز استنتاجى. 

كان اعتقادى أن جمال عبد الناصر يميل إلى استنتاجى سواء لأنه رأى مثلما رأيت، أو لأن ذلك كان معناه، فقد كانت قوى الأمة المقاتلة ذلك الوقت وسط معارك حرب الاستنزاف المستمرة على الجبهة المصرية فى حاجة إلى دعم معنوى من الحركة القومية العامة فى الوطن العربى. 

فى الساعة الثالثة والربع عاد جمال عبد الناصر إلى الاتصال بى يقول أن ضابطا ممثلا لقيادة الثورة فى ليبيا قصد القنصلية المصرية فى بنغازى وأبلغ رسالة مفادها أن قيادة الثورة فى ليبيا تريد إقامة اتصال سريع مع القاهرة، والهدف منه بحث التطورات المحتملة، وتقديرهم أن الثورة نجحت وتسيطر على كل أنحاء ليبيا، كلن هناك قواعد بريطانية وأمريكية والمخاطر قائمة. 

وقال لى جمال عبد الناصر أن هناك الآن اتصالات جارية بقصد الإتفاق، إما على مجئ وفد من الثوار إلى القاهرة، أو على ذهاب وفد مصرى إلى ليبيا يقابل ممثلا أو ممثلين لقيادة الثورة لبحث الاحتمالات. 

فى الساعة الخامسة والربع بعد الظهر عاد جمال عبد الناصر إلى الإتصال بى وأتانى صوته على التليفون ضاحكا قبل أن يقول كلمة واحدة.

 تساءلت، فكان قوله: يظهر أنك سوف تقضى ليلتك فى بنغازى لأنهم طلبوا حضورك. 

قلت مستغربا: من هم؟ 

قال: قيادة الثورة هناك، اتفقوا على أفضلية أن يسافر وفد من هنا إليهم، فليس بينهم من يستطيع أن يترك البلد فى هذه الظروف. 

وأضاف: إنهم طلبوك بالاسم، وهم يعرفون صلتك بى، كما أنهم يقرأون مقالاتك أو يسمعونها من الإذاعات ورأيى أن تذهب. 

قلت متحسما: إنه بصرف النظر عن أى شئ فأنا أريد أن أذهب، ما دامت هناك فرصة كصحفى بالدرجة الأولى. 

وتساءلت: هل أستطيع أن آخذ مصورا من الأهرام معى؟ 

قال جمال عبد الناصر الذى كان يتبرم أحيانا من هوس صحفى لا يفارقنى فى كل الأوقات: خذ من تشاء. 

وكان رفيقى من الأهرام صديقى وكبير مصوريه فى ذلك الوقت محمد يوسف. 

فى الساعة السابعة والنصف مساء وجدت نفسى على متن طائرة حربية مصرية تقلع من مطار ألماظة فى اتجاه الحدود الليبية، وتقاطعها عند طبرق رسالة من قاعدة العظم البريطانية تسألها عن هويتها وعن اتجاهها وعن حمولتها، وترد الطائرة المصرية على الأسئلة بطريقة عامة تريد كسب دقائق تبدأ بعدها الهبوط فى مطار طبرق. 

وفى الساعة الحادية عشرة والنصف وجدت نفسى فى القنصلية المصرية فى بنغازى وقيل لى إن رئيس مجلس قيادة الثورة قادم إلى لقائى فيها. 

بعد قرابة نصف الساعة أقبل جمع من الضباط الشبان، أربعة أو خمسة، وتقدم أحدهم نحوى قائلا: لا أصدق أنك هنا. 

ثم قدم نفسه : معمر القذافى " نطقها الجذافى" 

وكان سؤاله الأول: كيف حال الرئيس جمال طمئنا عليه. 

قلت له: إن الرئيس جمال هو الذى يريد أن يطمئن عليكم. 

قال: اقترح بعض الإخوان أن نتصل به قبل قيام الثورة لكنى آثرت أن لا نفعل، كنا سوف نحرجه بمجرد إخطاره، وكنا إذا لا سمح الله فشلنا فيما اعتزمناه سوف نلقى عليه المسئولية، ولذلك فضلنا أن نفعل ما هيأنا أنفسنا له ونفاجئه بالنجاح الذى تحقق. 

حتى الساعة السادسة صباحا كنت ما أزال أستمع إليه، وأسأله ويجيب، وأحاوره ويناقش، ثم قلت فى النهاية: إننى الآن عائد بالطائرة إلى القاهرة، وكان فى رأسى كثير مما أريد أن أحكيه لجمال عبد الناصر، وكان فى عدسة صديقى محمد يوسف ألبوم كامل من صور قائد الثورة الليبية ورفاقه، وعدت إلى القاهرة، قبل الظهر، وكانت هناك رسالة من جمال عبد الناصر بأن أتوجه إلى بيته مباشرة. 

دخلت عليه وكانت الأسئلة تطل من عينيه قبل أن تجرى على لسانه، وقلت له: عندك مشكلة. 

وسألنى إذا كنت وجدت لديهم ميولا حزبية أو عقائدية من أى لون؟ 

وقلت له: على العكس... مشكلتك أنهم رجالك. 

وأحسست أنه استراح بأعصابه ولم يسترح بفكره، وسألنى: أين المشكلة إذن؟ 

قلت: لأنك الآن أمام شباب برئ إلى درجة محرجة، وشباب رومانسى إلى درجة خطرة. 

وكان فى شوق إلى التفاصيل، وجلسنا لحديث متدفق وغزير أكثر من أربع ساعات. 

جمعت بينا أنا والقذافى السنين، التقينا، وتقطعت بنا السبل، كان آخر مرة رأيته فيها قبل سنوات من الثورة عليه، لكن المشكلة الكبرى بالنسبة للقذافى أنه جاء بمساحة كبيرة من البراءة، وهناك انفصام بين آرائه والواقع، بالإضافة إلى أنه منذ رحيل جمال عبد الناصر، ذهبت كل الأحزاب والتيارات والقوى السياسية العربية إليه، كل منها قال له كلاما مختلفا، وهو يصدق الجميع. 

فى النهاية بقيت مشكلة كبيرة جدا، إنك عندما تقول إنك تريد عمل رحلة فى عقل القذافى تحتار، خاصة عندما تغوص فى تصوراته للعمل الثورى، لقد دخل فى أشياء غير طبيعية، مثل مساندته للجيش السرى الأيرلندى، وقد حدثنى ثلاثة من رؤساء الوزراء المتعاقبين فى بريطانيا ( هيوم وويلسون وكالاهان) عما يفعله القذافى مع الجيش السرى الأيرلندى، إنه تصور أنها منظمة ثورية فراح يدعمها، وهى غير ذلك. 

من ينظرون إلى كصديق للقذافى، أنا أقبل بهذا، وأعتبر نفسى صديقه، وإذا كان هو يعتبر الشئ نفسه، فإننى أكون سعيدا.

 أعتقد أن القذافى كان رجلا وطنيا وقوميا، وملئ بالحماس، ثم أنه كان له فى داخل ليبيا إيجابيات، وله إيجابيات خارجها، كما أن له مشاكل أو سلبيات فى الداخل والخارج، لكنى أعتقد أنه فى مجمل ممارساته كان من الظواهر فى العالم العربى. 

تخيل البعص أننى كان من الممكن أن أقوم معه بالدور نفسه الذى قمت به مع عبد الناصر، لكن هذا لم يخطر ببالى، لأن الإنسان لا يكرر نفسه، عملت تجربة مع عبد الناصر لأننا من بيئة واحدة، من داخل وطن عربى واحد، من ظروف عمل واحد، من اتصال يومى مستمر. 

وعندما وجدت أمامى عرضا بأن أعيش فى ليبيا، قلت: أنا لا أستطيع العيش فى ليبيا، لأننى لن أعيش إلا فى مصر، فى بيتى، ثم إننى لا أعرف ظروف ليبيا بالقدر الكافى ولا أعرف عقلية ونفسية القذافى، ولا الاعتبارات التى تحركه.

 أحيانا من بعيد كنت أتساءل: كيف يقوم القذافى بهذه الأعمال؟  

وأحيانا ومن بعيد أعجب بأعمال يقوم بها. 

لم أكن مستعدا لأن أقوم بدورى مع عبد الناصر، لا مع معمر القذافى ولا مع أنور السادات، ولا مع أى شخص آخر، كان ما جرى مرهونا بظروف تاريخية معينة غير قابلة للتكرار إلا إذا تحولت القناعات إلى إرتزاق، وهذا يعنى مصيبة. 

فى 17 يوليو 2010 كانت المرة الأخيرة التى رأيت فيها القذافى. 

وكان آخر ما قلته لأحمد قذاف الدم عند باب الطائرة وأنا عائد من ليبيا: لن أرى ابن عمك مرة أخرى. 

وقد كان. 

(3) 

قضيت يوما كاملا مع الملك حسين، وتناولت معه الغداء والعشاء.

قلت له: إننى غدا سأرى الأمير الحسن فى الصباح على فنجان قهوة ثم أعود إلى القاهرة، وفوجئت فى اليوم التالى أن الديوان الملكى يتصل بى ويبلغنى: إحنا فى انتظارك الساعة العاشرة.

 فقلت إن جلالة الملك حسين يعلم أن عندى موعدا مع الأمير الحسن الساعة العاشرة.

 فقال لى رجل المراسم الأردنى: أستاذ هيكل إحنا بنتصرف وسنبلغ الأمير الحسن بموعدك الجديد عند الملك، وذهبت إلى الملك حسين فى الموعد الذى كان محددا للأمير الحسن وتكلمنا. 

كانت بينى وبين الأمير الحسن علاقة من نوع غريب، فأنا وهو وجورج بوش أصدقاء، وكل منا صديق لصدر الدين أغاخان، وعندما نذهب إلى جنيف ننزل ضيوفا فى قلعة بيليرى، ونحن الثلاثة مهتمون بالشرق الأوسط، وهناك سيدة اسمها ماريا تشرف على إدارة القصر، وبالذات الغرفة الخضراء التى ينزل فيها الأصدقاء الشخصيون للأمير صدر الدين أغاخان، وكانت ماريا قريبة من كل ضيوف الغرفة الخضراء، وكانوا يسمعون عن بعضهم دون أن يلتقوا بالطبع فى نفس الجناح فى الوقت نفسه. 

وعندما رأت ماريا ابنى أحمد ينزل من السلم إلى حديقة القصر الواصلة إلى البحيرة قالت له: الأمير يجب ألا يلبس جينزا أزرق، فرد عليها أحمد قائلا: أنا لست أميرا. 

لقد اعتدنا الضيافة أنا وزوجتى هناك والأمير الحسن والأميرة ثروت وجورج بوش وزوجته، حتى وإن لم نلتقى كان هناك ما يربطنا. 

(4) 

كان الرئيس السورى حافظ الأسد ضابطا  مهتما بأن يعلم بأكثر مما هو ضرورى لمهنته، الاهتمام بالشأن العام والاقتراب من السياسة.

ضابط التقى بحزب عقائدى قومى منتظما فى صفوف الحزب ليصل إلى منصب رئيس اللجنة العسكرية بحزب البعث. 

مدرك لموقع سوريا فى حوض المتوسط، ودورها فى العمل القومى، وقد أصبحت مسرحا " جائزة" لصراع القوى الإمبراطورية وهدفا لصراعات القوى الإقليمية فى زيادة نفوذ كل منهما. 

قارئ شغف للتاريخ العربى، ومهتم بسيرة صلاح الدين الأيوبى " تزين مكتبه لوحة ملحمية للجيوش العربية تحت قيادة صلاح الدين " ومن هنا أدرك أهمية العمل القومى مع مصر، خاصة مع تجربته العملية فى مصر ما قبل حرب أكتوبر 1973. 

مع كل هذه المزايا كان مفضيا إلى فهم استراتيجى جعلته يمد خطوطه بكفاءة من بيروت إلى طهران، فى محاولته كلاعب تكتيكى بارع أن يجمع فى يديه مجموعة من الأوراق الرابحة. 

وكنت أعرف أن هنرى كيسنجر كان معجبا إلى حد بعيد بالرئيس حافظ الأسد، كان حكمه عليه بعد أول لقاء بينهما فى 15 ديسمبر 1973 أنه متشنج، لكنه بالتجربة غير رأيه وأصبح يعتقد أنه أمام رجل متزن يعرف ما يريد ويحاول الوصول إليه. 

قبل رحيل الرئيس الأسد جمعنى به لقاء، قلت له: سيادة الرئيس عندى ملاحظة أرجو أن يتسع صدرك لها. 

 بعد عشرين عاما، سرت فى الطريق نفسه، طلعت من فندق البستان فى بيت ممرت عن طريق الجيب عبر الحدود إلى دمشق قادما من بيروت فى الطريق نفسه لأقابل الرجل نفسه، وكأن شيئا لا يتغير. 

كان الرئيس الأسد رقيقا ومداعبا، فقال: ألا تلاحظ أنت أيضا أنى أقابل الرجل نفسه. 

قلت للرئيس الأسد: أنا الرجل نفسه باق لسبب واحد أنه يجرى على استفتاء كل يوم، بمعنى أنه إذا توقف قارئ عن شراء جريدة أنا أكتب فيها أو شراء كتاب أنا مؤلفه، فأنا سقطت فى الاستفتاء. 

القارئ بإمكانه أن يعزلنى، فالقارئ يصنع قيمتك وهو الذى يقدر عمرك الافتراضى، وهو الذى يستغنى عنك برقة، وأنا أعتبر أنه متى بدأ القارئ يقول : كفاية فلا تلح عليه. 

(5) 

التقيت بالأخ والصديق ياسر عرفات لأول مرة فى سبتمبر 1967، بالطبع كنت قد سمعت عنه قبل ذلك خلال متابعتى للنشاط الدائر على الساحة الفلسطينية، وكان اسم أبو عمار يصل إلينا فى القاهرة بين الحين والآخر باعتباره زعيم منظمة فتح التى كانت ظاهرة جديدة على الساحة الفلسطينية فى تلك الأيام. 

فى البداية كانت فتح قد حاولت إقامة اتصال مع مصر، وتم هذا الاتصال مع بعض الأجهزة الرسمية المصرية المهتمة بالعمل الفلسطينى، وكان الذى قام بهذا الاتصال المبدئى هو الأخر خالد الحسن، ولم تلق محاولة خالد الحسن فى ذلك الوقت ما كان يتوقعه وتتوقعه فتح من القاهرة، لأن الأجهزة التى اتصل بها كان لها رأى فى فتح، يعتبرها بالدرجة الأولى واجهة لتنظيم الإخوان المسلمين، وهو تنظيم كانت له أيامها مشاكل مع السلطة فى مصر. 

ويبدو لى أن فتح قررت أن تحول تجربة اتصال مباشر مع جمال عبد الناصر يتخطى كل أجهزة الدولة، وهكذا جاءنى رسول قدم لى نفسه فى ذلك الوقت باسم " خالد".

حدثنى خالد طويلا عن فتح وبدورى فإنى نقلت صورة كاملة لجمال عبد الناصر، وفى اليوم التالى أخذته للقاء جمال عبد الناصر، بعد أسبوع عاد إلى خالد ومعه شاب آخر من قيادة فتح، قدم لى نفسه باسم أبو اللطف، فاروق قدومى الذى ذاع صيته فيما بعد باعتباره المسئول الأول عن دبلوماسية العمل الفلسطينى، 

أبو اللطف أعطانى صورة كاملة عن جذور فتح وتوجهاتها وآمالها، ومرة أخرى أخذته معى للقاء جمال عبد الناصر، وفى هذا اللقاء تم الاتفاق بيننا على مجئ ياسر عرفات إلى مصر، ولم تمض أيام حتى جاء ياسر عرفات ومعه أبو أياد وكان أبو اللطف معهما. 

فى ذلك اليوم جلست ساعات طويلة مع الثلاثة نتحدث عن العمل الفلسطينى وإمكانياته ومستقبله، واتصلت فى المساء بجمال عبد الناصر لكى يحدد موعدا للقائهم، وسألنى رأيى فيهم، وأتذكر أننى قلت له: إذ حكمت بأول انطباع فإن ياسر عرفات فيما بدا لى رجل يستطيع أن يعطى حياته لقضيته ويستطيع أن يجسدها. 

وأما أبو اياد فقد لفت نظرى كمناضل صلب صريح مستعد لمواجهة تحدى الموت فى أى لحظة. 

كان تعليق جمال عبد الناصر فى التليفون كما أذكر: غريبة إن كل الناس هنا لهم رأى مختلف عن رأيك فى فتح وفى المسئولين عنها. 

ثم حدنا موعدا فى الساعة الثانية ظهر اليوم التالى. 

واتصلت بالثلاثة فى ساعة متأخرة من الليل أدعوهم إلى التجمع فى مكتبى الساعة الحادية عشرة صباحا، نتحدث معا بعض الوقت ثم نذهب فى سيارتى إلى بيت الرئيس لموعدنا معه. 

قبل أن يدخلوا مكتبى بدقائق صباح ذلك اليوم اتصل بى جمال عبد الناصر تليفونيا يقول لى: هل تعرف ماذا أقرا الآن؟ 

واستطرد: أمامى الآن تقرير ينصحنى بأن لا أقابل أصدقاءك، يقول التقرير إنهم جاءوا لتنفيذ مؤامرة لإغتيالى. 

لم أجد ما أقوله لحظتها سوى عبارة: هل هذا معقول؟ 

وقال جمال عبد الناصر: أظنه غير معقول، واستطرد: أنا أعرف طبيعة مثل هذه التقارير ولو أنى صدقتها لما تحركت خارج غرفة نومى، ثم سألنى فجأة قبل أن تنتهى المكاملة: هل أنت واثق منهم؟ 

وقلت: بقدر ما أستطيع إنسانيا. 

جاءوا فى موعدهم، وتحدثنا لبعض الوقت، ثم ركبنا سيارتى وكان ما سمعته من الرئيس يلح على فكرى، وقررت أن أفتح الموضوع معهم ونحن بعد فى السيارة تشق طريقهها من وسط المدينة إلى منشية البكرى حيث منزل الرئيس. 

قلت لياسر عرفات: كان الرئيس معى على التليفون قبل أن تدخلوا مكتبى. 

ثم رويت له ما سمعت منه، وكان تعليق ياسر عرفات العفوى والتلقائى: أعوذ بالله. 

حين وصلنا إلى بيت الرئيس ودخلت بنا السيارة إلى ساحته الداخلية ونزلنا لندخل من باب البيت، تقدم أحد ضباط الحراسة يسأل الثلاثة إذا كان مع أى منهم سلاح؟ 

تطوعت لضابط الحراسة بأن لا يلح فى سؤاله، وكان ياسر عرفات فى غاية الحرص والتنبه واللباقة، فقد قال لضابط الحراسة: إننى لم أخلع مسدسى أبدا منذ بدأنا العمل الفدائى، ولكن احتراما لجمال عبد الناصر أنزع سلاحى على بابه. 

وفعلا أخرج مسدسه ووضعه على مائدة فى مدخل البيت، ومرة أخرى  تطوعت فقلت لياسر عرفات:خذ مسدسك إذا أردت، وقال هو بسرعة: لا يدخل عليه أحد بسلاح أبدا. 

دخلنا غرفة الصالون، ولم تمض ثوان حتى دخل جمال عبد الناصر وفوجئت بما حدث، قام الثلاثة يحتضنون جمال عبد الناصر ويقبلونه كأنه يعرفهم من زمن طويل، وكانت دموع ياسر عرفات على خده وهو يقول: الحمد لله الذى جمعنا بكم. 

فيما بعد قال لى جمال عبد الناصر إن قلبه تفتح لهم من أول حظة، وكان انطباع أول لحظة دائما شيئا مهما بالنسبة لحكم جمال عبد الناصر على الناس. 

(6) 

فى ديسمبر 1993 وصلت إلى العاصمة الإيرانية طهران، وكانت هذه هى آخر زيارة لإيران، التقيت برئيس الجمهورية على رفسنجانى، أجريت معه حوار تليفزيونيا، وفوجئت بأنه يبوح لى عن أمنيته التى يتمنى يوما أن تتحقق.

 قال لى: أتمنى أن أمشى يوما فى صحن الأزهر الشريف. 

(7) 

صليت الفجر خلف الملك عبد الله بن الحسين مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية فى إحدى حجرات قصر رغدان بالعاصمة عمان فى مايو 1948. 

وصليت العشاء خلف الإمام روح الله الموسوى الخمينى فى سرادق أقيم على ساحة فى إحدى ضواحى باريس " نوفل لوشاتو" فى ديسمبر 1978. 

وبذلك أرضيت المذهبين السنة والشيعة. 

 وكذلك فرعى الإمام على من زوجته السيدة فاطمة.

 فمن ينتهى نسبه للإمام الحسن بن على هو من الأاشراف.

ومن ينتهى نسبه للإمام الحسين بن على هو من السادة. 

(8) 

رؤساء الدول يقولون لك: قدم لنا أسئلتك ونحن سنجيب عليها ولو كنت تريد التقاط صورة مع الشخصية ممكن، لم أقبل هذا الأسلوب أبدا. 

 كنت أرفض هذا المنهج لأنى أعلم أن رئيس الدولة سيكلف وزير إعلامه بالرد، ووزير الإعلام يكلف واحد فى مكتبه بالرد، أنا أفضل أنا أعرف الناس عن قرب. 

عندما ذهبت لأقابل الزعيم الروسى خروشوف وكان النجم الساطع فى السياسة الدولية بعد مؤتمر جنيف وبعد السويس، طلب أسئلة مكتوبة، وحاولت أن أشرح لسفيرنا حينذاك أنى لا أريد هذا الأسلوب، فقال لى: معلهش.

وعندما ذهبت للمقابلة ووجدت الإجابات على أسئلتى جاهزة، قلت لخروشوف بواسطة المترجم أريد أن أجلس معك وأتكلم معك، أريد أن أفهم أكثر من العثور على حديث سوف تبثه على الفور وكالة تاس، وكان خروشوف كريما، فسمح باللقاء.

قلت له على الفور: أنت كلفت الرفيق جروميكو بالرد، والرفيق كلف مستشارا مستشرقا يكتب الإجابات على مقاس ما يتصوره هذا المستشار عما ينبغى أن يقال فى مصر. 

وعندما زارنا خروشوف ليشارك عام 1964 فى افتتاح المرحلة الأولى من مشروع السد العالى، وكانت هذه أول زيارة له لدولة عربية وللعالم العربى وإفريقيا، طلب شخصا غير رسمى يستطيع التحاور معه، فيما يرى أو يستعصى فهمه من شئون لهذه المنطقة أو العالم المستجد عليه.

قالت له ابنته: ما رأيك فى هيكل؟ 

قال بطريقته المحببة: هاتوا لى هيكل. 

فى هذا الوقت كنت فى اليمن والرئيس أرسل يستدعينى ولما وصلت المطار وجدت سامى شرف فى انتظارى، وطلب منى إحضار شنطة من منزلى بها هدوم ثقيلة، لأننى سأذهب إلى موسكو.

سألت سامى شرف عن السبب.

 قال: خروشوف عاوزك.

اتصلت بالمنزل وطلبت تحضير شنطة، ثم ذهبت لمقابلة الرئيس وطرت إلى موسكو، وقابلت خروشوف الذى نمت فى بيته يومين ثم ركبنا المركب أرمينيا إلى الأسكندرية، واستغرقت الرحلة 5 أيام، وطوال الطريق كنا نتكلم وذكرنى هو بمقابلتى الأولى ورفضى الإجابات الجاهزة. 

(9)

وصلت إلى ميونيخ منتصف أغسطس 1972، حتى امتلأت صحف العالم وإذاعاته بحكايات تقول إن مقصدى من السفر إلى عاصمة بافاريا هو ترتيب لقاء بينى وبين هنرى كيسنجر مستشار الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون لشئون الأمن القومى، وإنها محاولة جديدة فى الدبلوماسية السرية التى مارسها كيسنجر بنجاح مشهور فى بكين وموسكو وباريس، وجاء الدور فيها الآن على أزمة الشرق الأوسط. 

سمعت بحكاية كيسنجر لأول مرة من صاحبة الفندق الهادئ الذى نزلت به أياما على ضفاف بحيرة فى شمال النمسا، قبل أن تبدأ الدورة الأوليمبية، كنت أقف فى مدخل الفندق ذات صباح مبكر لآخذ مجموعة من صحف لندن وباريس حتى لا أنقطع عن الدنيا فإذا صاحبة الفندق وكانت فى شبابها ممثلة لامعة من نجوم المسرح والسينما واقفة فى انتظارى. 

سألتنى: هل ستقابل كيسنجر فى هذا الفندق أو أن اللقاء سيتم خارجه؟ 

نظرت إليها بدهشة وسألتها: من الذى قال بأننى سأقابل كيسنجر؟ 

قالت: أوه... هر هيكل... إن القصة كلها منشورة فى الصفحات الأولى من جرائد سالزبورج هذا الصباح...من أجل خاطرى دع هذا اللقاء يتم هنا، إنه سوف يجعل من هذا الفندق مكانا مشهورا. 

تناولت منها الصحف التى كانت تحملها، وقلت لها ضاحكا: هل تصدقين الصحف؟ 

سألتنى باستغراب: ألست أنت صحفيا؟ 

قلت لها على الفور: إذا كانت تجربتى مع الصحافة أكثر من ثلاثين سنة قد علمتنى شيئا، هوألا أصدق كل ما أقرأه فى الصحف. 

بعد ما يقرب من عام تقريبا، وفى 7 نوفمبر 1973 وصل هنرى كيسنجر إلى القاهرة لأول مرة، وطلب أن يقابلنى، حاولت أن أعتذر بواسطة السفير أشرف غربال وهو وقتها المستشار الصحفى لرئيس الجمهوية، خصوصا بعد أن قرأت نص مشروع النقاط الست التى عرضها على الرئيس الساات ونالت موافقته فى لقائهما الأول. 

اعتذرت عن غداء أقامه له السيد حافظ إسماعيل مستشار الرئيس للأمن القومى فى نادى التحرير، لكن السفير أشرف غربال عاد إلى بعد قليل يبلغنى أن الرئيس السادات يطلب منى أن أقابل كيسنجر، واتصلت بالرئيس ولكنه كان قاطعا لأننا فى هذه اللحظة يجب أن نكون صفا واحدا وكلمة واحدة. 

حضرت بالفعل حفل عشاء فى بيت الصديق العزيز إسماعيل فهمى وزير الخارجية، وكان العشاء تكريما لكيسنجر واتفقنا على أن يغادر وزير الخارجية الأمريكية حفل العشاء فى الساعة العاشرة وألحق به بعد ربع ساعة فى جناحه فى الدور الثانى عشر من فندق هيلتون النيل حيث يقيم والوفد المرافق له، وجلسنا لحديث طويل دام ساعتين ونصف الساعة. 

وصباح اليوم التالى اتصلت بالرئيس السادات، وذهبت إليه فى الساعة الحادية عشرة صباحا وكان لا يزال فى سريره بعد حمام ساخن وهو بعد الحمام يرتدى " البرنس" الأبيض وفوقه غطاء أبيض مطرز باللون نفسه. 

حاولت أن أروى له من أوراق كتبتها تفاصيل ما دار بين كيسنجر وبينى، وأهمه مخاوفى أن مشروعه لحل الأزمة خطير " خطوة بعد خطوة – والبلاد العربية المعنية واحدة – بعد واحدة – وأية مفاوضات لابد أن تجرى تحت إشراف أمريكى لا دور فيها للاتحاد السوفيتى ولا لأوربا إلا عندما يحل دور المراسم والتشريفات" 

وأبديت أن كيسنجر نفسه يصعب الاعتماد عليه لأنه بالضرورة منحاز، وانحيازه طائفى وفكرى وسياسى محكوم بصراع الحرب الباردة وليس بسلام عادل فى صراع الشرق الأوسط. 

وكان رد الرئيس السادات أن كيسنجر هو الرجل الوحيد الذى يستطيع أن ينجز المهمة، فهو الساحر الذى أنهى حرب فيتنام وفتح باب الصين والذى لا يتفاوض حتى فى الاتحاد السوفيتى إلا مع الزعيم " ليونيد بريجنيف" ولا أحد غيره، ثم إن كون كيسنجر يهوديا يجعله مهيأ للضغط على إسرائيل إذا اقتنع، وهو واثق من قدرته على إقناعه وفى ذهنه تصور كامل لما ينوى أن يعرضه عليه، وخرجت من قصر الطاهرة يومها شاعرا أنها نهاية النهاية وعلى أن أحدد موقفى. 

(10)

أتذكر ليلة 22 مارس سنة 1980 وكنت فيها ضيف عشاء على مائدة اللورد " هارتويل" صاحب جريدتى التلجراف والصنداى تليجراف، وزوجته الليدى " باميلا"، وكانت مائدتهما تضم باستمرار ألمع شخصيات المجتمع البريطانى وليلتها كان اللورد " سبنسر" والد الأميرة ديانا بين الضيوف، ولاحظت أن الرجل أسرف فى الشراب، ووجدته وسط حلقة صغيرة بعد العشاء يتحدث عن ابنته ديانا، وكانت خطبتها إلى ولى العهد البريطانى قى أعلنت، وتحدد موعد الزفاف فى الصيف، ودهشت حين قال اللورد "سبنسر" بصوت مسموع ما نصه تقريبا: إننى ذهبت إلى الملكة وقلت لها يا صاحبة الجلالة إننى أعرف ابنتى أكثر من أى شخص آخر، وديانا ليست مهيأة لكى تكون ملكة على عرش إنجلترا فى يوم من الأيام، لكن الملكة لم تسمع لى. 

(11)

خلال عقد الثمانينات التقيت عدة مرات بالصدفة البحتة بالكاتب الهندى البريطانى المسلم سلمان رشدى، فى مكتب ناشره البريطانى أندريه دويتش، وكنت معجبا بقوة أسلوبه وتميزه، كنت أراه نسخة من الروائى الكولومبى جابريل جارسيا ماركيز، ولاحظت أنه فعلا متأثرا به، خاصة مع أعماله الضخمة " أبناء منتصف الليل" و" العار" والغضب". 

وفد واجهت ضغوطا ثلاثية من ناشره ورئيس مجلس إدارة بنجوين وسلمان رشدى شخصيا، الذى لم يكتف بالإتصال الهاتفى بل أتبعه برسالة، فى محاولة لتوقيعى على بيان أعده رئيس مجلس إدارة شركة فايكنج التابعة لمؤسسة بنجوين، يدافع عن حق رشدى فى التعبير عن نفسه، وإدانة تعصب إيران الجاهل بقيم الحرية وسلطان الأدب والفكر... لكنى رفضت. 

(12) 

يوم الأحد 25 فبراير 2007 افتتحت " مؤسسة هيكل للصحافة العربية" بحضور صديقى أستاذ الصحافة الاستقصائية الأمريكى سيمور هيرش فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة. 

فوجئنا بأبواب عديدة توصد أمامنا، وأنا لا أريد أن أشير إلى ما لا يلزم – ربما لا يستحق – الإشارة إليه، لكن من حق الجامعة الأمريكية على أن أقول إنها، وإن لم تكن مقصدنا الأول، أصبحت مع إحساسها بمعنى الحق فى المعرفة ملجأنا الأخير. 

فى البداية فكرنا أن تكون إحدى قاعات مكتبة القاهرة الكبرى مكانا تعقد فيه هذه الدورة الأولى من نشاط المؤسسة، ومع أن قاعات مكتبة القاهرة كانت مفتوحة لمناسبات كثيرة متعددة الاهتمامات، فإننا تلقينا ردا بالإعتذار لسببين مختلفين: 

الأول أن هناك مشكلة أمن... والثانى أن سيمور هيرش يهودى. 

كان من المدش بالنسبة لى أن تثار مثل هذه الإشارة بمواريث الجانب المظلم فى التاريخ غير العربى وغير الإسلامى دون تفرقة بين الديانة اليهودية وبين العداونية الإسرائيلية، خصوصا بالنسبة لرجل مثل سيمور هيرش، وهو الذى كشف أمام العالم كله خبايا وخفايا مشروع إسرائيل النووى، منبها إلى حجمه وخطره، ولعلها من المفارقات أن تصدر مثل هذه الإشارة إلى ديانة سيمور هيرش هنا، فى حين أنها نسيت مع أمثال مناحم بيجين وشامير ورابين وديان وشارون وإيهود أولمرت. 

على أن باب مكتبة القاهرة لم يكن الباب الوحيد الذى جرى إغلاقه أمام المؤسسة، لكن هذا الإجراء المبكر بدا إشارة مبكرة إلى تصرفات لاحقة، ولولا أن مسألة يهودية سيمور هيرش وصلت إليه لما أشرت إليها، لكنى أعتذر عنها لرجل وقف دائما بالحق فى مواجهة  القوة، ابتداء من مذبحة ماى لاى فى فيتنام إلى مأساة سجن أبو غريب فى العراق. 

المفارقة أن أول جملة أطلقها هيرش من فوق منصة الجامعة الأمريكية كانت: هذه هى المرة الأولى التى يذكر فيها اسمى مع بيجين وشامير. 

وكان أن ضجت القاعة بخليط من الضحك والتصفيق. 

 (10) 

عرفت عبد المنعم رياض لأول مرة عن طريق خاله حسن صبرى الخولى الممثل الشخصى لجمال عبد الناصر، وكان إعجابه بزعيم يوليو ظاهرا فى كلماته وإيماءاته، يؤيد تجربته ومقتنع بها ويشاركه الأفكار ذاتها، وإن أردت أن تستخدم المصطلحات السياسية الحالية فإنه ناصرى. 

ثم رأيته مرة أخرى فى سكرتارية مؤتمر القمة الأول فى يناير 1964، ولمحته مرات فى مكتب عبد الحكيم عامر قبل أن أعرفه عن قرب وأحاوره طويلا فى الإستراتيجة والأمن القومى ومستقبل الصراع العربى – الإسرائيلى،وتصوراته عما بعد حرب الاستنزاف وإعداد القوات المسلحة لخوض حرب تحرير أراضيها المحتلة فى سيناء. 

كان رياض هو الرجل الذى توصل إلى أنه إن لم يكن بوسع قواتنا مجاراة إسرائيل فى قدرة سلاحها الجوى، فإن بمقدورها إلغاء أثره وفارق تفوقه إعتمادا على الدفاع الجوى وشبكة صواريخ متقدمة، وهو الرجل الذى وضع الخطوط الرئيسية لخطة عبور قناة السويس وتحرير سيناء التى طورها الفريق سعد الدين الشاذلى فى حرب أكتوبر

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة