ضربات أمنية قوية وجهتها عدد من الدول الأوروبية لتنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، خلال الأيام القليلة الماضية، شملت اعتقالات ومداهمات أمنية لمقار عناصر الجماعة، في خطوات لتضييق الخناق على الجماعة التي انتهجت العنف والإرهاب طوال العقود الماضية عبر أجنحتها المسلحة في مصر وكافة أنحاء العالم.
وبعدما كانت دول الاتحاد الأوروبي توفر الدعم والملاذات الآمنة للجماعة الإرهابية طوال الفترة الماضية، بدأت هذه الدول تستفيق وتعرف الوجه الحقيقي للإخوان وأذرعها كجماعات إرهابية ، وذلك بعدما وقعت العديد من حواد العنف والإرهاب في دول القارة العجوز خلال الفترة الماضية.
النمسا تضيق الخناق على الإخوان
كان آخر هذه الدول النمسا، حيث فرضت السلطات النمساوية إجراءات مشددة لحصار أنشطة الجماعة الإرهابية، وخاصة بعد الحادث الإرهابي الذي شهدته العاصمة النمساوية فيينا قبل أيام، حيث هاجم المسلحون 6 مواقع في وسط العاصمة ونفذوا عمليات إطلاق نار، أسفرت عن مقتل 4 أشخاص وإصابة ما يقرب من 22 شخصا.
وعقب هذا الحادث، نفذت السلطات بالنمسا ما عرف باسم "العملية رمسيس" المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب، حيث داهمت قوات الشرطة النمساوية مقرات جماعة الإخوان وجماعة حماس في 4 ولايات، بمشاركة 1000 ضابط وجندي من الشرطة والاستخبارات الداخلية، واستهدفت المداهمات على نطاق واسع جمعيات يشتبه في علاقتها بجماعة الإخوان وحماس، فيما أسفرت هذه المداهمات عن حصر مبالغ نقدية قدرها 25 مليون يورو نقدا وتم مصادرتها وفقا لمصادر نمساوية.
وتوضيحا لتلك العملية، ذكر مكتب المدعي العام في مدينة جراتس، معقل الإخوان في النمسا، أنه نفذت عناصر الشرطة وأجهزة المخابرات، مداهمات في أربع ولايات اتحادية ضد أشخاص وجمعيات مرتبطة بالإخوان المسلمين وحماس، وخلال المداهمات، فتشت الشرطة 60 شقة ومنزلا ومقرا تجاريا وناديا، وألقت الشرطة القبض على 30 شخصاً، مثلوا أمام السلطات "للاستجواب الفوري".
ووفقا لصحيفة "دير ستاندرد" النمساوية، جرت التحقيقات مع المشتبه بهم بشأن الانتماء لمنظمات إرهابية، وتمويل الإرهاب، والقيام بأنشطة معادية للدولة، وتشكيل تنظيم إجرامي وغسيل الأموال، فيما أكد مكتب المدعي العام، أن المداهمات جاءت بعد تحقيقات مكثفة استمرت أكثر من عام" من قبل هيئة حماية الدستور ومكافحة الإرهاب "الاستخبارات الداخلية".
إجراءات سابقة
ولم تكن تلك العملية أول الخطوات، ففي فبراير 2019، أصدرت الداخلية النمساوية قانونا لحظر رموز الجماعة الإرهابية وعددا من التنظيمات الإرهابية الأخرى، دخل حيز التنفيذ بعدها بشهر واحد، حيث شملت الرموز المحظورة نحو 13 علما ورمزا مختلفا، وجاء شعار جماعة الإخوان باللون الأخضر "سيفان يتوسطهما كلمة وأعدوا"، كأول رمز في قائمة الحظر.
وقال كريستوف بلوتسل، المتحدث باسم وزارة الداخلية النمساوية: "إجمالا، رصدنا 71 مخالفا لقانون حظر رموز الإخوان، وحزب الله، خلال عام من تطبيق القانون".
وفي سبتمبر الماضي، قررت حكومة مقاطعة "النمسا العليا" شمالي النمسا، وقف جميع أشكال التمويل الحكومي للإخوان وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي، وتشكيل لجنة خبراء لرصد تحركاتها وهياكلها، حيث قال حاكم المقاطعة، إنه: "على الرغم من جهودنا لإدماج الأشخاص من ذوي الخلفية المهاجرة في المجتمع، تلعب الجمعيات والمنظمات الإسلامية المتطرفة مثل الإخوان وغيرها، دورا سلبيا لإعاقة الاندماج".
وأضاف أنه: "من أجل مواجهة تحركات هذه التنظيمات، شكلنا لجنة من الخبراء يديرها الخبير في شؤون الإسلام السياسي، مهند خورشيد"، وتشمل مهمة لجنة الخبراء في رصد تحركات الإخوان وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي، وهياكلها وتوثيق جرائمها، فيما أكدت تقارير إعلامية نمساوية أن هناك إجراءات أخرى مثل وضع الجماعة ومؤسساتها وقيادتها تحت رقابة الاستخبارات الداخلية، تلوح في الأفق.
حيث تعكف الحكومة النمساوية برئاسة المستشار الفيدرالي سباستيان كورتس على إعداد حزمة شاملة من التشريعات والاجراءات الأمنية لمكافحة الإرهاب وحصار التيارات الدينية ذات الأجندة السياسية على أن يتم اعتماد أول حزمة منها فى أول ديسمبر المقبل، وقد تشمل هذه الإجراءات المراقبة الإلكترونية الوقائية للتهديدات من العناصر التى تم الإفراج عنها بالإضافة إلى التوسع فى عمليات الاعتقال الوقائي "للاشتباه " لكل عناصر الإرهاب أو المتعاطفين معهم.
فرنسا وألمانيا على الطريق
وكانت فرنسا أيضا على الطريق ذاته، حيث أعلنت أنها ستعزز مواجهة التيارات المتطرفة وستغلق مدارس وجمعيات تدعم التطرف، وذلك بعد وقوع عددا من الأحداث الإرهابية، حيث اتهمت الحكومة الفرنسية قوى الإسلام السياسي بمحاولة تدمير قيم الجمهورية الفرنسية، فيما قررت الحكومة الفرنسية حظر جمعية مقربة من حركة حماس التابعة لتنظيم الإخوان، وترحيل متشددين مقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا.
فيما أكد الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال، أنه سيتم اتخاذ خطوات أخرى في الأسابيع المقبلة.
فيما اتخذت ألمانيا أيضا خطوات مشابهة، حيث نفذت السلطات هناك عددا من المداهمات والتفتيش لمتهمين بتنفيذ عمليات إرهابية ودعم الإرهابيين في سوريا، وكذلك تحذيرات جهاز المخابرات الداخلية الألماني من أن تنظيم الإخوان أخطر على البلاد والديمقراطية من تنظيمي داعش والقاعدة، الأمر الذي يستدعي تحركا سريعا لمواجهة هذا التهديد.
فيما نشرت تقارير إعلامية ألمانية أن تنظيم الإخوان الإرهابي له تأثيرا ملحوظا على الجالية المسلمة في برلين، وأن "الجمعية الإسلامية" الممثل الرئيسي لشبكة الإخوان في ألمانيا ومقرها كولن تشكل خطرا على الديمقراطية، حيث أثارت تحركات الإخوان قلق السلطات الأمنية من تأثير التنظيم على المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، حيث اتضح ضلوع المراكز الإسلامية والمساجد من خلال عناصر جماعة "الإخوان" في تجنيد المراهقين سواء ألمانا ذا أصول إسلامية أو ألمانا أصليين، لتحويلهم إلى مقاتلين في سوريا والعراق.
وفي السويد، تحديدا في نوفمبر 2018، اعتقلت الشرطة السويدية مجموعة من أعضاء المجلس التأسيسي لمؤسسة الأزهر الإخوانية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم وغسل أموال، حيث تمثل تلك المؤسسة إحدى بؤر التطرف والإرهاب الإخوانية في السويد وأوروبا، وبموجب البلاغ أقرضت تلك المؤسسة 10 ملايين كرونة سويدية بشكل غير قانوني، لتقوم بإعادة توزيع القرض على بعض الشركات الأخرى التي يسيطر عليها رئيسها السابق الإخواني الصومالي بشير آمان، وهو أمر غير مسموح به أيضا.