الإثنين 1 يوليو 2024

بعد أن أطلقتها الهيئة الوطنية للصحافة..مثقفون: «لا للتعصب» مبادرة تُعيد للمصريين حالة السلام

فن12-11-2020 | 18:48

يعيش العالم فترة عصيبة، فمنذ شهور طويلة قاربت على العام ونحن نُعاني أزمة واحدة وحدت البشرية أجمع، فيروس كورونا المستجد الذي استطاع لأول مرة أن يوقف إنسان هذا الجيل -وربما عدة أجيال- موقفًا مختلفًا من الحياة، فأصبحنا نرى الأمور من وجهة نظر مختلفة، وربما كان هذا هو الوقت الأمثل لأن تطلق الهيئة الوطنية للصحافة مبادرة "لا للتعصب" التي من شأنها نبذ العنف والتعصب وإعلاء قيم التسامح وقبول الآخر، لأنه شئنا أم أبينا، هذا هو الوقت المناسب لأن نعرف أننا جميعًا كبشر يصح لنا أن نقترب بوجهات نظرنا إلى بعضنا البعض، أن نتعلم كيف نختلف دون خلافات أو مشاحنات ومشاجرات، أن نرى في الآخر واحدًا منا وليس شخص غريب يجوز التعصب تجاهه.

أطلقت الهيئة الوطنية للصحافة، برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجي، مبادرة "لا للتعصب"، بهدف نبذ العنف والتعصب الرياضي، ونشر وإعلاء مبادئ التسامح بين جماهير، ناديي الأهلي والزمالك، وكان رأي المثقفين أن تعميم مثل تلك المبادرة على مختلف جوانب الحياة قد يصل بنا إلى برًا يتناسب مع طبيعة شعبنا العريق، يليق بسماحة المصريين وحبهم للحياة، ويدفعهم إلى التقدم والتطور والدخول إلى منطقة ليست جديدة عليه لكنها كادت أن تتلاشى مع دعوات العنف والتعصب التي انتشرت في السنوات القليلة الماضية، ويرى المثقفون أن هذه المبادرة إن تم تعميمها ستجد ترحيبًا وربما تطبيقًا عمليًا في كل اختلافاتنا؛ لأن اختلافاتنا هي بالتأكيد مصدر قوة وليست ضعف كي نُعبر عنها بالكراهية والعنف، فهذه دعوة للتسامح و"لا للتعصب".


في البداية، أكد الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله، إن مبادرة الهيئة الوطنية للصحافة تأتي في موعدها تمامًا، وأتمنى أن يصل صداها لجماهير الناديين العريقين، خاصة أننا في ظل لحظة معقدة على مسارات متعددة، تبرز فيها قيم التعصب والتمييز والكراهية، تصبح أي مبادرة ساعية إلى ترسيخ قيم التسامح والمحبة عملًا مهمًا وحتميًا في الآن نفسه.

وأشار عبدالله، إلى أن كرة القدم قبل أن تكون لعبة رياضية هي بالأساس نشاط إنساني ممتع يتسم بالروح الرياضية التي يصبح فيها الأنا مكملًا للآخر وليس خصما له، ومن ثم يجب أن يدور التنافس في إطار من قبول الفوز أو الهزيمة، مثلما نرى في الدوريات الأوروبية أو في البطولات العالمية.

كما أضاف الدكتور يسري عبدالله، إنه تكتسي هذه المباراة بطابع خاص؛ لأنها تجمع بين فريقين مصريين في بطولة قارية، ولذا يجب أن تكون الروح الملهمة لها هي الروح المصرية الحقة بتسامحها وانفتاحها على الآخر.

وقال عبدالله: "تنمو الأمم وتتقدم حين تُعلي من قيم التسامح الذي هو طريق مركزي للتقدم، ويجب أن تكون هذه المبادرة نواة حقيقية لعمل دؤوب يتلو المباراة المنتظرة، بحيث يصبح التعصب منبوذًا ومرفوضًا دائمًا، وتصبح ثقافة الفوز والهزيمة من أبجديات التشجيع الجماهيري مثلما هي من أبجديات كرة القدم. لقد صارت كرة القدم عالمًا وسيعًا، وصناعة نامية باستمرار في بلادنا، وهذا يستلزم قدرًا من القيم الإنسانية الرفيعة تحوط بها وتمنحها وهجها الخاص والحقيقي".

كما أشادت الكاتبة نسرين البخشونجى بمبادرة "لا للتعصب" قائلة: "أعتقد إن فكرة المبادرة جيدة ولكن كنت أتمنى أن لا يتم تحديدها بالتعصب الكروي لمشجعي كرة القدم فقط، لأن التعصب سلوك مكتسب وبالتالي يمكن العمل على فكرة نبذ العنف والتعصب بشكل أكبر وأعم، بحيث يشمل كافة صور التعصب في المجتمع المصري".

كما أضافت البخشونجي، إن فكرة مثل هذه المبادرة يمكن تطبيقها من خلال المثقفين بأكثر من طريقة مختلفة، كأن يتم كتابة "جمل تحفيزية" على مواقع التواصل الإجتماعي، مستغلين تواجد عدد كبير جدا من الشباب على هذه المنصات، كما يمكن نشر فيديوهات مصورة بمدد قصيرة الهدف منها توعية الشباب يمكن أن تتضمن تلك الفيديوهات سرد لبعض الحوادث السيئة التي تنتج عن التعصب والعنف.

 وأكدت البخشونجي، على  أن تلك المبادرة يمكن أن يتم تفعيلها بشكل أكبر من أن تكون على أساس صراعات بين جماهير فرقتين في مصر، نحن نحتاج لأن تمتد هذه المبادرة إلى حياتنا العامة.

وأشار الناشر، وائل المُلا، مدير دار "مصر العربية" للنشر والتوزيع، أن مثل ذلك التناحر، أو التنافس المليء بالضغائن أمر جديد على المجتمع المصري، يمتد لبعض السنوات الماضية فقط، وأن هذا السلوك العنيف عمومًا أصبح يزداد كل فترة عن الأخرى ويتغذى على بعض الادعاءات من الطرفين، فهناك طرف يعتمد المظلومية، والطرف الآخر يعتد بنفسه ويدعي الأفضلية، والحل الحقيقي هو أن يقر الطرفين كلٍ بقيمة الآخر.

وأضاف المُلا، أن مبادرة "لا للتعصب" يمكنها أن تنجح وتؤدي غرضها بسهولة خاصة أنه يعتقد إن "المصريين شعب طيب ومش بيشيل في قلبه" موضحًا ذلك بقوله إن الشعب المصري جميعه تقريبًا يُحب حازم إمام، وجميعهم يدعون لمؤمن زكريا بالشفاء من الله، وهذا دليل على أن الضغينة قد لا تكون متجذرة كما نعتقد.

وأوضح وائل المُلا، أنه لا يبقى للتغير الحقيقي في سلوك المتعصبين غير أن يعترفوا أن القيمة الحقيقية لكل طرف تأتي من قيمة المنافس له، مؤكدًا على أن مبادرة مثل مبادرة الهيئة الوطنية للصحافة، يمكنها أن تعمل على تعزيز الشعور عند المتعصبين أنه لا مفر من تخفيف حدة الخطاب، وأن يتم التجاوز عن بعض المشكلات التي قد تبدو للمتعصب كبيرة جدا لكنها في الأصل ليست ذات جدوى حقيقية من الدخول فيها، وتقليل الاتهامات المتبادلة، ويرى المُلا، أنه في تلك الحالة يمكن لـ"لا للتعصب" أن تؤتي ثمارها وأن تستعيد الروح الرياضية الحقيقية، وربما يشارك فيها أيضًا جماهير كرة القدم واللاعبين.