بقلم – نفيسة سعيد
فى الزحام.. تتوه الملامح، تندثر التفاصيل، ويمتلىء الجو بنذر الخطر، ليس علي المستوي المعنوي فحسب، وإنما جسديا وعضوياً، فالزحام بيئة حاضنة للأمراض ، وشريك في صنعها..من قال إن حب الهدوء والرحابة بعيداً عن الزحام محض رفاهية؟
يقول الدكتور شريف عبدالله أستاذ أمراض الباطنة بجامعة الأزهر: إن الزحام والتكدس شريكان في انتشار عدة أمراض منها القلب والسكر.
ويضيف: الأمراض النفسية والتوتر تزداد في البيئات المكتظة، والزحام يساعد على ارتفاع بعض الهرمونات بالجسم خاصة الإدرينالين الذى بدوره يؤدى على المدى الطويل إلى ارتفاع ضغط الدم والسكر.
ولفت أن هناك دراسة تشير إلى وجود ارتباط وثيق بين الإصابة بأمراض القلب والزحام فى مصر لأن النوبات القلبية تحدث أكثر عندما يتعرض الإنسان للزحام سواء عند قيادته للسيارة أو سيراً على الأقدام.
أما عن عدوى الأمراض الفيروسية فيقول الدكتور شريف: كلما زاد عدد الأفراد فى المكان المخصص لفرد واحد والذى يفترض أن مساحته من 7 - 9 متر مربع، زاد احتمال العدوى بالنزلات المعوية، التهاب الكبد الفيروسى (A)- التهاب الجرثومة الحلزونية التى تسبب اضطراب الجهاز الهضمى وعدم انتظامه- التهاب الجهاز التنفسى السفلى والعلوى- الالتهاب الرئوى- التهاب الشعب الهوائية السحائى- الدرن.
ويضيف: عوادم السيارات التي يتزايد عددها يومياً تؤدي إلي التهابات الجهاز التنفسى العلوى أى التهابات الأنف وحساسية الأنف، التهابات الجهاز التنفسى السفلى أى الإصابة بالربو الشعبى- التهابات الصدر، الالتهابات الرئوية- الالتهاب الشعبى المزمن.
ويتابع: من أمراض الزحام أيضا عدوى الأنفلونزا الموسمية التي تنتقل عن طريق الهواء أو الماء أو الطعام، ومن شخص لآخر سواء فى وسائل المواصلات المزدحمة أو داخل المدارس أو المنازل وتكون أعراضه أحياناً التهاب حاد فى الحلق مع زكام وارتفاع طفيف فى درجة الحرارة مع التهاب ملتحمة العين.
ويشير الدكتور شريف إلي دراسة أخري أجريت فى نيوزيلندا خلصت إلي أن حالة من عشر حالات تدخل المستشفى بسبب آلام فى المعدة- الالتهاب الرئوى- السل- الالتهاب السحائى يرجع السبب فيها للزحام أو الأماكن المكتظة.
ويضيف: في مصر ليست هناك دراسة حول نسبة أمراض الزحام لأنه لو أجريت أعتقد ستكون النتائج مرعبة.
ويلفت الدكتور شريف إلي اقتراب موسم الحج الذي يعد الأكثر انتشاراً للعدوى ليست فقط بسبب الازدحام، ولكن لتعدد الجنسيات وتعدد الفيروسات غير المعروفة لدينا مثل الكوليرا والملاريا.. لذا ينصح بالاهتمام بالنظافة الشخصية- ارتداء الماسك- غسل الأيدى عند التحلل من الإحرام- استخدام الأدوات الخاصة فى التحلل– كما ينصح بشدة صغار السن الذين لديهم مشاكل فى المناعة أو السكر أو ضعف فى عضلة القلب أو مشاكل فى الجهاز التنفسى بارتداء الماسك.
ويتابع نصائحه قائلاً: أغلبنا بات يقضي وقتا طويلا خارج المنزل لظروف العمل أو غيرها وهؤلاء من الأفضل أن يكون معهم نوع من المطهرات سواء فى السيارة أو حقيبة اليد وهذه المطهرات متوفرة فى الصيدليات وتقى من الجراثيم لحين العودة إلى المنزل.
وفى نفس السياق يلفت الدكتور حسن الشربينى- استشارى الطب النفسى إلي أن كثيراً من الناس مهما تمتعوا بهدوء الأعصاب يفقدون هدوءهم وتوازنهم في الزحام ..
ويضيف: طبعاً يختلف الأمر من شخص لآخر فالبعض ينتابه نوع من الاختناق وهو يقود السيارة أو يسير علي قدميه فى أماكن بها تكدس، ومن ثم يؤدى هذا إلى إحباط وتوتر وينعكس عليه بقية يومه وعلى أدائه سواء فى العمل أو الحياة الاجتماعية، وأحياناً يؤدى هذا إلى الخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة أو بين الناس فى الشارع و ينشأ عنه نوع من التوتر الشديد وشد الأعصاب ولاسيما في فصل الصيف ومع ارتفاع حرارة الشمس.
ويتابع: الجو الحار يثير السخط ومن ثم يؤثر هذا على الحالة النفسية والجسدية، أيضاً، حيث شعور الفرد بضياع الوقت وخاصة في ظل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي نحياها.
وينتقل إلي الحل قائلاً: هذه الحالة يمكن التغلب عليها، لذا أنصح وقت الزحام المرورى بأن يستمع الإنسان إلي الأغانى داخل سيارته، أو يسمع موسيقي هادئة، أو يشغل نفسه بالحديث مع من معه بالسيارة سواء أصدقاء أومن الأسرة بدلاً من أن ينقلب الوضع لتوتر وسخط على ما حوله، وهذا يعمل على تحكم الشخص فى انفعالاته وقت الاكتظاظ.