الأحد 19 مايو 2024

تجنبًا لأزمات الأمطار والسيول.. الحكومة ترفع درجة الاستعداد القصوى.. وخبراء يوضحون الإجراءات اللازمة للاستفادة من مياه الأمطار وتجنب التداعيات السلبية

تحقيقات15-11-2020 | 16:24

مع اقتراب دخول فصل الشتاء وما قد يصاحبه من موجات للسيول والأمطار على أنحاء الجمهورية، تعمل الدولة على اتخاذ الاستعدادات اللازمة لتجنب أية تأثيرات سلبية قد تنتج عن هذه الموجات، بخطط واستعدادات تجنبا لوقوع مشكلات كما حدث في السنوات الماضية، حيث وضع خبراء بالتخطيط العمراني روشتة بالآليات اللازمة للاستفادة من مياه الأمطار.


وشدد الخبراء على أن مشروعات تطوير البنية التحتية التي نفذتها الدولة ساهمت في تحسين شبكات الصرف الصحي والمياه بما أدى لاحتواء أية تداعيات قد تنتج عن موجات الأمطار، موضحين أن هناك استراتيجية وضعتها الدولة تقوم على تطهير وصيانة مخرات السيول والوديان وبالوعات الصرف ومحطات الرفع وكذلك بناء السدود.


وخلال الأسبوع الماضي تم تعطيل الدراسة في عدة محافظات بسبب الطقس السيء، كما شهدت محافظة الدقهلية تساقط أمطار غزيرة على مدار الـ24 ساعة الماضية، مما تسبب في تعطيل الحركة المرورية في عدد من مراكز المحافظة، وتعطيل الدراسة بالمحافظة اليوم، حيث تتابع الأجهزة التنفيذية في الدقهلية عمليات رفع مياه الأمطار لتسهيل الحركة المرورية.


وكانت وزارة الموارد المائية والرى قد قامت برفع درجة الاستعداد القصوى بكافة قطاعاتها، وذلك بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية بالدولة وذلك حتى انتهاء موسم الأمطار والسيول.


وأكد وزير الري أن الوزارة تبذل مجهودات متواصلة على مدار الساعة للاطمئنان على حالة المحطات، وإجراء أعمال الصيانة والعمرات اللازمة لها فى المواعيد المحددة، والاطمئنان على خطوط التغذية الكهربائية المغذية لهذه المحطات، وتوفير وحدات الطوارئ والحفاظ على المناسيب الآمنة بالترع والمصارف وتوفير وسائل الإطفاء الذاتي وأعمال الحراسة للمحطات استعداداً لموسم الأمطار والسيول.


وأضاف أن الوضع آمن بجميع شبكات الترع والمصارف ومخرات السيول على مستوى الجمهورية، كما وجه بضرورة المتابعة المستمرة لضمان جاهزية جميع المحطات للوفاء بالاحتياجات المائية.


مشروعات تطوير البنية التحتية 

وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد إبراهيم جبر، أستاذ التخطيط العمراني بجامعة عين شمس، أن مواجهة أي آثار محتملة لموجة الأمطار والسيول على مصر مرتبطة بتجهيز شبكات صرف أمطار داخل نطاق المحافظات والتجمعات القائمة سواء في القاهرة أو غيرها من المحافظات المعرضة لهذه الموجة، مضيفا أن هناك بعض المناطق بها شبكات مجهزة بالفعل والبعض قد يواجه مشكلات مرتبطة بالصيانة الدورية والتطهير.


وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الدولة بدأت تتدخل في تغيير صيغ العمران سواء في إنشاء الطرق أو توسيعها ومدها أو الوصول إلى مناطق جديدة، وخلال عمل هذه المشروعات تقوم الدولة بإنشاء شبكة المرافق التي تشمل شبكة الصرف الصحي ومياه الأمطار؛ بحيث يتم سحب هذه المياه والاستفادة منها في الري مرى أخرى.


وأضاف أن الدولة بصدد خطط تطوير في الكثير من بقاع وأحياء الجمهورية وتقوم بإعادة تخطيط بعض المناطق وتضع في الحسبان شبكة الأمطار والمرافق، مضيفا أن هذه الجهود أدت إلى احتواء تداعيات موجات الأمطار التي شهدتها أنحاء متفرقة في القاهرة ومحافظات الجمهورية الأيام المقبلة بشكل كبير وعدم حدوث الأزمات التي كانت تقع من قبل.


وأكد أن الشبكات نجحت في سحب مياه الأمطار إلى حد كبير خلال الأيام الماضية سواء في مناطق الكباري أو الطرق والمدن الجديدة، مضيفا أن هناك مناطق متعارف عليها أنها تشهد موجات شديدة من الأمطار وقد تصل للسيول، وهو أمر يؤخذ في الحسبان عند التخطيط العمراني لأي مدينة جديدة لوضع تصورات للبناء والبعد عن هذه المناطق.


وأشار أستاذ التخطيط العمراني إلى أن المؤشرات الأولى لموجة الأمطار السابقة في القاهرة والإسكندرية والمحافظات توضح تحقيق تقدما في هذا الملف، ونجاح التعامل مع هذه الأزمة بعكس السنوات السابقة، مضيفا أن الأزمة قد تكون لا تزال قائمة في المناطق التي لم تشهد تجديدا في شبكات المرافق إلى أن يتم تطويرها.


الإجراءات اللازمة 

ومن جانبه، قال الدكتور سيد قاسم، خبير التخطيط والعشوائيات، إن هناك مجموعة من الإجراءات والخطط التي تمكن من التعامل مع أي تداعيات لأزمة السيول والأمطار التي قد تشهدها مصر خلال الفترة المقبلة، وأهمها تطهير مخرات السيول، لأن هناك البعض لا يزال حتى اليوم يقومون بالبناء المخالف في مناطق مخرات السيول.

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه المخرات خطيرة للغاية لأن السيول عند سقوطها بقوة واندفاع تدمر هذه البيوت وتخلق مشكلة عنيفة، مضيفا أن من أهم الخطوات أيضا وجود مناطق صرف مياه الأمطار أسفل الكباري وفي الأنفاق، وكذلك الصيانة الدورية للبالوعات لأنه قد تتعرض للانسداد بسبب أوراق الأشجار والقمامة وعند سقوط الأمطار لا تقوم بالصرف بسبب غياب الصيانة والتطهير.


وشدد على أهمية ممارسة المسئولين في المحافظات والأجهزة المحلية والقيادات التنفيذية دورهم وتتابع المحافظة ذلك، تجنبا لحدوث أية كوارث بسبب الأمطار والسيول وخاصة في المناطق التي شهدت أزمات من قبل، مؤكدا ضرورة اتباع إجراءات وآليات تنفيذية للاستعداد وحل مشكلة الأمطار وخاصة صيانة بالوعات الصرف في الطرق والكباري ومخرات السيول.


وأكد أن الصيانة هي أهم الإجراءات التي ينبغي تطبيقها أيضا في المحافظات، بتنظيف بالوعات الصرف من المخلفات لأنها على مدار أكثر من 8 أشهر لا تسقط خلالها أمطارا، فتتراكم القمامة وغيرها ما يسبب انسدادا للصرف، موضحا أن هذا الأمر ليس مسئولية جهة بعينها إنما مسئولية مشتركة للجهات التنفيذية في المحافظات والمحليات وكذلك الوزارات مثل النقل والري.


وأضاف أن وزارة الري بالتأكيد لديها خرائط وتوقعات لسقوط الأمطار وعليها تحديثها بشكل مستمر، ووضع سبل للاستفادة من مياه الأمطار، لأنها كنز يجب استغلالها بالشكل الأمثل، مثل تخزين هذه المياه لأنها ثروة كبيرة، فهي مياه نقية ولن تحتاج مجهودا أو تكلفة كبيرة في تنقيتها واستغلالها في الري.


استراتيجية عاجلة بـ3 مليارات جنيها

وقال الدكتور نور عبد المنعم، خبير المياه بمركز دراسات الشرق الأوسط، إن السنوات الماضية شهدت خلالها مصر أمطارا غزيرة، بعضها سبب أزمات في محافظات مختلفة مثل الإسكندرية والبحيرة في 2016 وكذلك القاهرة وجنوب وشمال سيناء وحتى العام الماضي، ما سبب خسائرا جسيمة وتعطيل في البنية التحتية والمواصلات ونتج عنها خسائرا مادية وبشرية.

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الدولة لتجنب ذلك وضعت استراتيجية اعتمدت فيها نحو 3 مليار جنيها مصريا، لعمل بعض المشروعات لمواجهة الآثار السلبية للأمطار المفاجئة وبأحجام لا تستوعبها البنية الأساسية، مضيفا أن هذه المشروعات شملت أولا مشروعات حصاد مياه الأمطار وبناء السدود في شمال وجنوب سيناء والمنطقة الغربية.

وأضاف أنه تم أيضا بناء الأحواض والبرك الصناعية لاستيعاب مياه الأمطار بدلا من هدرها، إلى جانب تطهير وتوسيع مخرات السيول، وعدم إنشاء أي مباني في مناطق مخرات السيول أو الوديان، وإنشاء عدد من محطات الرفع، لرفع مياه الأمطار في المناطق المنخفضة إلى شبكات الصرف الصحي، وقطع الكهرباء مؤقتا في بعض المدن والمناطق لتقليل معدل الصرف الصحي لكي تستوعب حجم مياه الأمطار.

وأشار إلى أن هذه الجهود شملت أيضا تطهير البالوعات الموجودة في المدن والقرى والمراكز قبل موسم الأمطار وفصل الشتاء، وكذلك الإنذار المبكر في وسائل الإعلام بناءا على تقارير الأرصاد الجوية عن احتمالات سقوط الأمطار، وحشد العدد اللازم من سيارات الكسح وشفط المياه في مناطق الحركة لعدم تراكم المياه بما يعيق الحركة.

وأكد أن موجة الأمطار أمس في الغربية والدقهلية هي أمطار تستوعبها شبكات الصرف، لكن الأزمة قد تحدث بسبب الأمطار التي لا تستوعبها الشبكات وتبقى مكانها وهناك تقوم سيارات الكسح بدور كبير لتجنب أية أزمة، مضيفا أن الدولة أخذت الاستعدادات الكافية لمواجهة موجات الأمطار السيول التي قد تحدث خلال الفترة المقبلة.