لأننا أمة تعشق (سيدنا النبي) وسيرته
العطرة فإن قلوبنا دائمة الشوق لذكره والتوق لحضرته، ولم يكن غريبا أن تتحول
الليلة المحمدية بمسرح البالون منذ أيام إلي ليلة نورانية روحانية، فاضت بحب رسول
الله وآل بيته وأشعلت القلوب فرحا وطربا حتي أنطلقت الزغاريد ممزوجة بالدموع،
وشهدت قاعة مسرح البالون مشهدا تعجز الكلمات عن وصفه وتوصيفه، مزيج من فرحة
العاشقين ولوعة المشتاقين، وكثرة الصلاة علي سيد المرسلين.
تذكرت لحظتها تلك الرسائل في مواقع
التواصل التي تدعو لمليون صلاة علي النبي، فقد كانت الصلاة على النبي تنطلق فيضا
بالآلاف في كل ثانية على مدى ساعتين، كانت أمواج من الصلوات والتسليمات تتردد علي
الألسنة وتحيط بالأسماع وتشعل دفئ القاعة الممتلئة عن آخرها كلما ذكر اسم الرسول
الكريم، صلوات وتسليمات لابد أنها تجاوزت المليون بكثير، فجرتها تلك الليلة وتلك
الحالة (في صحبة الهادي الأمين) مع آداء القدير أشرف عبد الغفور، وفي تناغم مع صدق
القديرة مديحة حمدي وشجن الرائع أحمد ماهر وعذوبة منال سلامة، وجمال لغة وتشخيص
طارق الدسوقي، ورهافة حس نهال عنبر، وبساطة توصيل سامي مغاوري، شاركهم نخبة من
أجمل الأصوات هم هدي عمار وحنان ماضي ومروه ناجي ووائل الفشن وعلي الهلباوي وزياد
الشرنوبي.
ومع عودة الليلة المحمدية على مسارح
وزارة الثقافة هذه المرة عاد المخرج الكبير جمال عبد الحميد بعد سنوات من التوقف،
وبحساسية مخرج درامي قدير نقلنا إلي حالة فنية رائعة الصورة مزج فيها بين مستويات
ثلاث في الكتابة، حيث حرص علي أن يقدم جديدا لا يخلو من عبق تجليات قديمة في العشق
النبوي ففاح بعطر أبيات من بوردة البصيري علي أشعار كتبت خصيصا لدراما العمل كتبها
سراج عبد القادر ومصطفي عياد، ثم نسج بينهما وبين خط ثالث للأغاني كتبه صفوت
زينهم، فخرج الحدث معبرا عن أزمان عدة وحالات عده في حب رسول الله، كما حرص أن
يشارك في الحدث أجيال مختلفة كان منهم أطفال موهوبون هم جويا أحمد وشكران حسن
وساجد محمد وعمر جمال وحور أحمد، فتأكدت الرسالة بأن حب رسول الله يعيش فينا
بإمتداد الأزمان والأجيال، والزود عنه أيضا واجب في كل الأزمان وعلي كل الأجيال،
وهو ماتجلي في لوحة (إلا رسول الله).
أما الملحن صلاح الشرنوبي الذي أخذ الفكرة علي
عاتقه وحملها لوزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم حتي تحمست لها ونقلت هذا الحماس
لأكثر من قطاع تم التنسيق بينهما حتي خرج العمل كأجمل ما يكون حيث أنتجه قطاع
الإنتاج الثقافي برئاسة د. خالد جلال وأشرف عليه رئيس أكاديمية الفنون د.أشرف ذكي
وتولاه رئيس البيت الفني للفنون الشعبية د. عادل عبده، وعانقت ألحان صلاح الشرنوبي
وموسيقاه كل هذا بروح صوفية تعبيرية نابضه أطربت الوجدان وألهبت المشاعر وشكلت
ذروة المتعة والإبهار، وسيطر علي الجميع حالة روحانية إيمانية محمدية ربما لا
تحققها المنابر.