تحل اليوم، ذكرى ميلاد النجم الاستثنائي الراحل أحمد زكي، الذي يُعد أعظم هبة للسينما المصرية، وقدّم أدوارًا لاتُنسى ما بين المسرح والسينما والدراما التلفزيونية والإذاعية، وكان الحاضر الخالد رغم الغياب بأدوار مركبة انتقل فيها من السير الذاتية لأعظم رموز مصر؛ كعميد الأدب العربي طه حسين، والرئيس الراحل أنور السادات، والعندليب عبدالحليم حافظ، وكان المشخصاتي الجوكر الذي يُعطي الشخصية بريقًا لامعًا وأداءً استنثنائيً.
وبرز أحمد زكي في أدوار لا يمكن أن ينساها الجمهور؛ مثل دوره في فيلم البيه البواب، شادر السمك، وفي الراقصة والطبال، وحضوره الطاغي في فيلم إسكندرية ليه، وفي عشرات الأفلام التي خلّدت أحمد زكي، وجعلت منه حلمًا جميلاً محال الوصول إليه، لمن أراد أن يتبوأ مكانته عالية.
ووُلد أحمد زكي في مثل هذا اليوم، 18 نوفمبر في العام 1949، بمدينة الزقازيق، وكان الابن الوحيد لأبيه الذي توفي في سن صغيرة، وفعاش حياة غير مرتبة، وتزوجت أمه بعد وفاة أبيه لينتقل هو إلى بيت جده، وكان زكي مُحبًا للمسرح منذ نعومة أظافره، وقد طلب منه ناظر المدرسة الصناعية التي كان يرتادها أن يلتحق بالمسرح العالي للفنون المسرحية بالقاهرة.
وكانت أول أدواره على خشبة المسرح، أثناء دراسته بالمعهد العالي للفنون المسرحية، بالعرض المسرحي "حمادة" في العام 1967، ثم شارك مسرحية "هالو شلبى"، وعندما تخرّج في عام 1973، بدأت أعماله تتوالى على خشبة المسرح، وحظى بشهرة واسعة ولفت الأنظار إلى موهبته، خاصة في بدور "أحمد"، الشاب الشاعر الفقير في مسرحية "مدرسة المشاغبين"، ودور الشاب الجامعي في مسرحية "العيال كبرت".
ولم يكن دخوله عالم السينما سهلاً برغم حضوره الطاغي وموهبته الاستثنائية، حيث كان للنجم السينمائي مواصفات معينة لابد أن تتوافر فيه، وكان يُرى على أنه الشاب النحيل ذو الوجه الداكن، بملامح دقيقة مصرية خالصة، وكان يُعتقد أنه لن يكون جذابًا ليكون بجانب أجمل نجمات الثمانينيات، إلا أن الأقدار شاءت ليكون حلمًا لكل نجمات جيله للعمل معه، فشاركته السندريلا سعاد حسني، في أول بطولة مطلقة له، من خلال فيلم شفيقة ومتولي في العام 1978.
وفي العام 1988 شاركته في فيلم "موعد على العشاء"، والتقيا معًا في مسلسل "هو وهي"، وفي العام 1991 في فيلم "الراعي والنساء"، وشارك الفنانة نجلاء فتحي في بطولة فيلم "سعد اليتيم" في العام 1985، وفي فيلم "إسكندرية ليه" في العام 1976، وفيلم "أحلام هند وكاميليا" عام 1988، وشاركته الفنانة السورية رغدة، التي كانت صديقته المقربة في الوسط الفني وظلت معه حتى وفاته، في أفلام عدة منها؛ فيلم الإمبراطور عام 1990، وفيلم "كابوريا" في عام 1990، وهو الفيلم الذي اشتهر بقصة شعره التي قلده فيها عدد كبير من جمهور التسعينيات، وسميت تلك القصة بـ"كابوريا"، نسبة إلى أحمد زكي، ومازالت تتداول بين أوساط العامة حتى الآن، وشاركته أيضًا في فيلم "استاكوزا" وهو فيلم مقتبس عن مسرحية "ويليام شكسبير"، "ترويض النمرة" إنتاج 1966، وشارك الفنانة نادية لطفي، في فيلم وراء الشمس عام 1978، والتقى مع النجمة"يسرا"فى أكثر من عمل ،فشاركته البطولة فى فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" في 1990.
وتعامل زكي مع أبرز مخرجى السنيما المصرية، وكان شغوفًا بالسينما الواقعية والتى انبثقت منه الكثير من أعماله، فقد كان حريًا أن يقدم صورة ملموسة للواقع فنراه تارة الطبال وتارة أخرى الوزير والظابط القاسي أو المحامي الفاسد أو تاجر السمك في فيلم " شادر السمك" وغيرها من الأدوار التى جعلت تاريخه الفنى توليفة متكاملة من الاختيارت المتوازنة.
وقدم ثنائيات لا تنسى مع المخرج محمد خان رائد السينما الواقعية في فيلم "الهروب" و"أيام السادات"، "العوامة"، ومع المخرجة إيناس الدغيدي في فيلم "استاكوزا"،وفيلم"إمراءة واحدة لا تكفى "،ومع المخرج"شريف عرفة فى فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة"،ومع المخرج عادل أديب فى فيلم "هستريا" 1988.
وفى عام 1984 قدم خمسة أعمال مع نجمة الجماهير نبيلة عبيد، منها: التخشيبة، والراقصة والطبال، وأيضًا أعادت العمل معه فى عام 1996 فى فيلم "شادر السمك "وبالرغم من نجاح فيلمه واجتاحه لدور السينما وتحقيقه أعلى المبيعات.
وشاركته الفنانة وفاء سالم في بطولة فيلم "النمرالأسود"، ومن خللاه أصبح أحمد زكي مُلقبًا بالنمر الأسود في السينما المصرية، وهو ليس اللقب الوحيد الذى حازه على مدى مسيرته الفنية فكان يسمى الإمبراطور، والأسطورة، وغيرها.
وتزوج من الفنانة الراحلة هالة فؤاد، وأنجبا ابنهما الوحيد الراحل، هيثم، الذي وافته المنيّة العام الماضي عن عمر ناهز 35 عامًا، فى مثل عمر رحيل والدته التى خاضت تجربة مريرة مع مرض السرطان، واعترف زكي أنه برغم حبه الشديد لها إلا أنه لم يتسطيعا أن يكملا الطريق معًا، فالفن أخذ من طاقاته ومن روح، وكانت شخصيته مركبة كأدواره صعبة المراس، وأصبح التفاهم بينهما محالاً وقد أدرك ذلك لاحقًا عندما توفت فقد حزن عليها كثيرًا وقد أٌقدم على الإنتحار بعد موتها ، لم يتزوج "زكي" مرة أخرى وعاش وحيدًا ينتقل بين الفنادق.
وحاز على العديد من الجزائز والتكريمات، وتم اختيار 6 من أفلامه ضمن قائمة أفضل مئة فيلم فى تاريخ السينما المصرية وهي: زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا، الحب فوق هضبة الهرم ، إسكندرية ليه ، وأبناء الصمت.
وفي عام 2018 قدمت الفنانة "شيرين" أغنية إهداء إلى روحه فى فيديو كليب وصدقة جارية لمستشفى 75375 شارك فيه العديد من نجوم الفن الذين شاركوا " النمر الأسود" مسيرته الفنية وكان على رأسهم الفنانة يسرا، منى زكي، وفاء سالم، مهجة عبدالرحمن، أحمد حلمي وغيرهم الكثير.
واحتفى موقع "جوجل" اليوم بالذكرى 71 لميلاد "النمر الأسود" الذى وافته المنية في 27 مارس 2002 بعد صراع طويل مع مرض سرطان الرئة، وبالرغم من أنه صرح فى إحدى حواراته فى عام 2003 مع الكاتب يسرى الفخرانى، أنه لا يحب المرض، ولا يحب أن يصل إلى مرحلة الهرم والعجز، إلا أن الله قد اختاره ليختبر جلده بهذا المرض.