فقد بصره ولم يفقد بصيرته، ولكن دائمًا نرى أن أصحاب الهمم يناطحون السحاب ولا يتوقفون أبدًا؛ مؤمنون بفكرة "الجهد المتواصل وليس الذكاء أو القوة هو مفتاح إطلاق قدراتنا الكامنة" وهذه قصة حمادة ياسين حسين، ابن قرية أبو صير الملق بمركز الواسطى ببني سويف، والذي تخرج من كلية الآداب قسم الاجتماع، والكفيف الذي ينفرد على قمة هرم الإلكترونيات في عمل الصيانة لأجهزة التليفون والكمبيوتر.
في بداية حديثه لبوابة "الهلال اليوم"، ووجه الشكر للأستاذ الدكتور منصور حسن، رئيس جامعة بني سويف على الاستعانة به؛ لتسطيب ويندوز وبرامج مكتبة المكفوفين بالجامعة، وعمل الصيانة اللازمة، وتقديم الكورسات لذوي الهمم، وشكره لأصدقائه في العمل جميعًا.
وأضاف أن فكرة صيانة الأجهزة جاءت عندما تعطل الجهاز الخاص به ويريد إصلاحه ففكر لماذا لم نتعلم؟؛ فبدأ الكفيف الذي يحمل العقل المبصر على كتفيه باكتساب تلك المهارة من الخبراء على اليوتيوب ومن أصدقائه وتجميع المعلومات المختلفة من المصادر، وكانت أخته تساعده في القراءة، مشيرًا بالقول: "بوظت أجهزة كتيرة زمان بس قدرت اتغلب على ده بالممارسة المستمرة لحد ما اتعلمت اسطب نسخة ويندوز لوحدي بدون مساعدة حد".
وأوضح أنه يتمنى أمنيتين هما الأولى خاصة وهى يتم توظيفه بشكل رسمي؛ لأنه يعمل حاليًّا بنظام الاستعانة "عبارة عن تعاقد ١١ شهرًا"، والثانية عامة يأمل أن تنظر المحافظة إلى المكفوفين بعين الاعتبار، نجد الدعم والاهتمام من المحافظة لنا ولكن غير كافي".
وتقدم برسالته للمكفوفين بأنهم أصحاب قدرات عالية موضحًا ذلك بقوله: "ناس كتير كانت بتقول لي أنت مش هتقدر لكن الحقيقة احنا بنقدر نعمل كل حاجة صيانة أجهزة وكتابة على الوورد وكورسات للمكفوفين وغير المكفوفين".
واختتم حديثه، قائلًا: "بحب أشكر جدتي وجدي لأنهم كانوا يوصلوني للمدرسة كل يوم باستمرار، وفضل أمي وأبي علىّ لا ينسى، كذلك أختي في الناحية التقنية كانت تساعدني في القراءة، وفي النهاية أنا مبسوط بكل الناس اللي حواليا".