الأحد 12 مايو 2024

الرعب يجتاح المدينة

كنوزنا20-11-2020 | 15:20

على باب الله - محمود السعدني


طائرات الركاب تتساقط  من السماء في كل وقت أحيانًا، وأحيانًا بدون أي سبب، وأخطر الأوقات الطيران هو وقت الإقلاع ووقت الهبوط وأثناء الإقلاع أخطر ، لأنك لو تصورت أن طائرة تحمل 16 طنًا من الوقود، و155 راكبًا بأمتعتهم، بالإضافة إلى وزن الطائرة نفسها، مطلوب منها أن تحلق في الجو وأن ترفرف كالطير المسافر، والتكنولوجيا الحديثة نجحت في جعل عملية الإقلاع أمرًا ممكنًا حتى بالنسبة لطائرات الشحن العملاقة  التي تحمل عشرات الأطنان، ولكن يحدث في بعض الأحيان هبوط مفاجئ في القوى الكهربائية أو فشل في بعض الأجهزة أو خطأ بشري من الطيار، هناك أسباب كثيرة في عملية الإقلاع، تتنهي غالبا بسقوط  الطائرة  في وضع "زرع البصل"، وبالرغم من شيوع هذه المعلومات عند غالبية الركاب الذين يستخدمون الطائرات، إلا أن حادث وقوع طائرة الإيرباص في نيويورك أحدث هزة في أمريكا، وخلع قلوب أفراد الشعب الأمريكي؛ خوفًا من أن يكون وراء الحادث عمل إرهابي، وربط  بعضهم الحادث بتهديدات الظواهري وبن لادن، مع أنه كان واضحًا للجميع أن تلك التهديدات كانت من باب حلاوة الروح، وأن حركة طالبان الغلبانة لم تحتمل القصف الأمريكي الذي لم يحدث مثله حتى في أيام الحرب الفيتنامية، وبالرغم من ذلك فقط استبد الهلع بالمواطن الأمريكي الذي شاهد بعين رأسه ما حدث في سماء نيويورك يوم 11 سبتمبر (وهو شئ  لا يسدكه عكل)، على رأي الفنانة شويكار، وعلى رأي المثل "اللي لسعته الشوربة بينفخ في الزبادي"، وعلى رأي المتنبئ الذي وصف مقاتلا لحست الحرب عقله فقال... كلما رأى غير شئ ظنه رجلا، مسكين لم يعد يميز بين الحجر والشجر والبني آدم، فكلهم مقاتلون وكلهم يريدون قتله، ماذا يعني هذا الشعور بالخوف؟، معناه أن الإرهاب أخطر من الحرب، فالحرب لها رأس ولها رجلين ولها حدود ولها ضوابط وقوانين، ولكن الإرهاب ليس له حدود وليس له قيود، إنه حر يمارس عمله في أي وقت وفي أي ظرف، ويفاجئك في أي مكان وفي أي وضع، إنه الفرق بين السجين القابع في دهاليز سجنه وبين السجين الهارب من سجنه، بالتأكيد السجين المقيد في سجنه أكثر هدوءًا واطمئنانا، وقد اكتملت المأساة بكشف هوية ركاب الطائرة فإذا بهم من رعايا جمهورية الدومينكان، كانوا في طريقهم إلى مسقط رأسهم لقضاء عطلة رأس السنة وأعياد الكريسماس، ولكن حتى حادث الطائرة الأخير الذي ليس من فعل الإرهاب، حتى هذا الحادث سيكون سببًا في القضاء على ما تبقى من صناعة النقل الجوي، والسبب هو حالة الرعب القاتل الذي سيطر على المسئولين في مدينة نيويورك عقب الحادث، فقيل أي تحقيق أو تدقيق أمرت السلطة المحلية في المدينة بإغلاق جميع المطارات والجسور والأنفاق في ولاية نيويورك وإعلان حالة الطوارئ ووقف العمل بجميع المطارات ومنع تحليق الطائرات في سماء المدينة، ودعوة قوات الحرس الوطني وإعلان حالة التأهب في جميع أجهزة الخدمات من إسعاف ومطافئ ووضع جميع المستشفيات في حالة استعداد واستدعاء جميع الأطباء من إجازتهم وتشديد الحراسة على الموانئ البحرية، وقد يقول قائل.. طيارة وقعت فما علاقة ذلك بالمراكب والبحر؟، معلش.. هناك نظام ويجب تطبيقه كاملا في لحظات الخطر بدون أي تهاون أو تفريط، وهو أسلوب يحقق السلامة للجميع، وهو الأمر الذي ينقصنا هنا في بلادنا العربية وربما في بلاد الشرق كله.
أذكر أنني وصلت من رحلة الإسكندرية في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه الأحكام العرفية، وتم تطبيق حظر التجوال في القاهرة، وكان ذلك قبل ثورة يوليو، وعبثًا حاولت اختراق شارع عباس بالجيزة للوصول إلى المنزل، ولم يسمح لي أحد بدخول الشارع، فقد كان يشرف على النظام الضابط كبير ووقف وسط الميدان، وعندما انصرف الضابط الكبير تقدمت من أحد المشرفين على تطبيق النظام وقلت له... والنبي يا عم أنا لسه جاي من السفر والقطار أتاخر.. وأنا لازم أخد دوا بعد نصف ساعة، وأنت باين عليك راجل شهم وجدع وابن بلد وربنا يخليك ويبارك في عيالك، ولم أكمل الديالوج.. نظر إلى نظرة عطف وقال في لهجة آمرة.. فوت قدامي، بيتكو فين؟

    Dr.Radwa
    Egypt Air