تعانى السياسة الأوروبية من قصور شديد فى فهم حركة وتطور الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو ، فلا يزال بعض هؤلاء الساسة يتعامل مع الدولة المصرية على أننا لازلنا فى عام 2004 أو 2011 بينما مصر 2020 مختلفة تماماً ، مياة كثيرة جرت فى النهر وصنعت مشهداً مختلف لدولة قوية و منفتحه على العالم لا تتهاون فى أمنها وسيادتها فهم غير قابلين للاستباحه أو للتدخل تحت أى مظلة حتى لو كانت نشاط حقوق الإنسان .
لا يمكن المزايدة على مصر فهى من أوائل الدول التى عرفت الدفاع عن حقوق الإنسان بل وشاركت فى صياغة الإعلان العالمى لحقوق الانسان واستضافت على أرضها تأسيس الجيل الأول من الحقوقين العرب ، فضلا عن الدستور المصرى بنسخة المختلفة كان سباقاً عربيا وأفريقيا فى الاحتفاء بهذه الحقوق وادماجها بشكل كامل فى الدستور فور توقيع مصر على المعاهدات الحقوقية الدولية سواء المتعلقة بمجموعة الحقوق المدنية والسياسية او الاقتصادية والاجتماعية .
ورغم هذا الانفتاح الكبير والمبكر للدولة المصرية على مفاهيم حقوق الإنسان إلا أن ظهور التمويل الأجنبى الموجة لتلك المنظمات ، شكل تحولا فى تعامل المنظمات الحقوقية مع الدولة ، وانتقل نشاط معظمها من الدفاع عن حقوق المواطن إلى الهجوم المنظم والممنهج والاستباحة الكاملة للأمن القومى المصرى ، وبدلا من الحوار مع الدولة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان اتجه بعضها إلى تقديم المعلومات للسفارات والمنظمات الدولية، وظهرت عناصر حقوقية على تماس مع عناصر استخبارتية غربية تغطى نشاطها فى مصر ودول آخرى بالعمل الدبلوماسى ، وتلك العناصر هى أكثر من ينشر معلومات مغلوطة عن أوضاع حقوق الإنسان وهى الأكثر اقترابا من الإعلام الإخوانى المعادى للدولة المصرية .
لم تكن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية استثناء وحيد فى العمل الحقوقى المصرى برفضها الخضوع للقانون المصرى وتسجيل نفسها كشركة مدنية بل وشن حربا على أى قانون ينظم عمل منظمات حقوق الإنسان ، حتى أنها حاربت القانون الجديد والمنفتح رقم 149 لسنة 2019 ، ومعها منظمات آخرى سجلت نفسها كشركات مدنية حتى تهرب من الرقابة على أموالها ، مثل مركز القاهرة لدراسات حققوق الإنسان ومركز أندلس والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والمفوضية المصرية للحقوق والحريات ، وهو أمر غير مسبوق فى أى دولة، وحان وقت لتصحيح هذا الوضع المعوج ومنع أى نشاط حقوقى خارج القانون .
لقد ارتكبت المبادرة المصرية جريمة فى حق حقوق الإنسان قبل أن تكون فى حق القانون بعلاقتها المشبوهة وتمويلها الغامض وتقاريرها المشوهة، أما تصرف السفراء الأجانب الذين التقوا بشخص يعمل فى كيان غير قانونى مهما كان المبرر فعليها مئات من علامات الاستفهام ، وتحديدا الخارجية الفرنسية التى وتّرت العلاقة مع حليف بقوة القاهرة ببيانها حول القبض على مسئولى المبادرة ، فمصر لن تقبل التدخل فى شئونها القضائية ، وأعمال القضاء خط أحمر لا يمكن تجاوزه .
على هؤلاء السفراء وغيرهم مراجعة تصرفاتهم ، والتوقف عن مثل هذه اللقاءات المريبة التى لاتمت للعمل الدبلوماسى فقد انتهت حقبة الفوضى ، أما مسئولى المبادرة فالقضاء سيقول كلمه القانون، واحترام القانون وأحكام القضاء جزء أصيل من مبادىء حقوق الإنسان .