الجمعة 22 نوفمبر 2024

أخرى

القانون في أزمنة الأوبئة

  • 23-11-2020 | 17:37
طباعة
عادةً ما يرتبط انتشار وباء ما أو تفشي مرض مميت بإجراءات عاجلة من الدولة , ويتقدم تلك الإجراءات التعامل الفوري مع آليات الدستور والقانون ، باستحضار وابتعاث النصوص الدستورية والقانونية التي تم تضمينها فيهما سلفًا لمواجهة مثل هذه الحالات الطارئة ، وتأتي في طيات النصوص الملزمة بفقرة أو مادة مكملة تفترض حدوث مثل هذه الأمور الطارئة ، وتُدرج في الدستور والقانون تحت مسميات ( القوة القاهرة ، حالة الضرورة ، زمن الفتنة أو الهياج أو الحرب أو الوباء) وبموجب تلك الفقرات التي يتم ابتعاثها من مواضعها في متن النص، تُخوَّل السلطات المعنية (التشريعية ، التنفيذية ، القضائية ) اتخاذ تدابير استثنائية لمجابهة مثل تلك الأمور غير العادية .

 وفي حالة وباء " كورونا" المستجد في مصر؛ اتخذت السُلطات حزمة قرارات تستند إلى مواد الدستور، وأجرت بعض تعديلات في نصوص القوانين بما يتسق مع تسيير حياة المواطنين بالشكل الملائم لهذا الظرف الحَرج ، وفرض التدابير الاحترازية للحفاظ على حياتهم ؛ ومن هنا تتضح لنا رسالة القضاء في زمن الوباء ، فالقضاء ميزان الحق ، وضمير المجتمع وقلبه النابض ، وإزاء الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد ، يتفاعل القضاة معه كمواطنين مصريين ، بطابع إنساني يضع روح القانون نصب عينيه تشددًا وتخففًا ، فلكل قانون فلسفة ورؤية تعبر عن الواقع ، والقانون الذي يؤتمن عليه القضاء في تطبيقه لابد وأن يكون امتدادا لتلك الروئ ، فالأحكام الجنائية تبني على يقين المحكمة وعلى اطمئنانها للشهود والوقعة ، الذي يستقيه القاضي من ملابسات الدعوى ، وفي الأوضاع الراهنة سيكون من المؤكد جزء كبير من يقين المحكمة مستمدًا من الواقع الذي يعيشه المواطنون ، وحالة القلق والتوتر التي تعتمر البلاد ؛ فمن ثم تنزل المحكمة العقوبة الملائمة (رادعة / مخففة) حسبما يستقر في قناعاتها وما تستقيم معه الحالة السائدة في الوطن ، ولا سيما أيضًا في القضاء المدني والتجاري تراعي المحكمة الظروف بمد آجال الدعاوي بتطبيق - الحد الأقصي - في مواد قانون المرافعات المدنية والتجارية ، لحين استقرار الأوضاع مع إمهال المتعثرين فرصًا للسداد والتصالح بين الخصوم.

    الاكثر قراءة