الثلاثاء 11 يونيو 2024

ترامب واضح.. فماذا عنا؟

29-1-2017 | 13:51

بقلم – فريدة الشوباشى

اتضح للكافة، أمريكيين وغيرهم، أن قناعات المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب، هي نفس الخطوط الرئيسية لسياسة الرئيس ترامب.. ففي ظني أنه ربما كان من بين من يدركون أن الولايات المتحدة الأمريكية مستمرة في الانحدار، منذ انفردت بالعالم عقب تفكيك الاتحاد السوفييتي القادم، وأدارت العالم بأنانية طاغية وخداع الشعوب بادعاء أنها تسعي إلى خيرهم بإرساء الديمقراطية ومحاربة الإرهاب وتمكينهم من ثروات بلادهم..وهو ما تجلي زيفه، حيث عمّ الخراب والدمار، يوما بعد يوم، منذ بدء تنفيذ الربيع العربي والذي تتكشف فصوله فصلا بعد آخر

فعلي سبيل المثال شجعت بعض الشعوب العربية إزالة الدكتاتوريات وبأمل ولوج العصر الحديث، حيث لا انفراد مطلق بالسلطة وبمقدراتها وسعيا وراء الانعتاق من حكم الفرد وطول بقائه في الحكم والذي وصل كما شاهدنا إلى ثلاثين عاما في بعض الحالات..لكن ما أتت به أمريكا من كوارث كان كفيلا بإشعال الكراهية ضدها وضد أسلوبها في «إدارة العالم»..هل يمكن أن ينسي المصريون مثلا استماتة إدارة أوباما في تمكين جماعة الإخوان من مقدرات الوطن العربي من محيطه إلى خليجه وذلك بزرع أتباع تنظيم داعش الإرهابي في أكثر من دولة عربية، فهل يُعقل أن نستيقظ ذات يوم لنفجع بوجود تنظيم لا يشهر سوي معاول الهدم في تونس وليبيا في المغرب، والعراق وسوريا واليمن في المشرق، وأيضا في مصر والتي سيسجل التاريخ أنها من مزقت مؤامرة تفتيت الوطن العربي إلى دُويلات عرقية وطائفية، لصالح إسرائيل ومن ثم لصالح أمريكا..

ولا شك أن العديد من صانعي القرار في واشنطن قد لمسوا مدي تدهور مصداقية الولايات المتحدة وانكشاف ادعاءاتها بمحاربة إرهاب داعش..فمعروف لدي القاصي والداني أن داعش لا تمتلك مصانع أسلحة وأن جميع أسلحتها تقريبا من الترسانة الأمريكية وبتمويل عربي معروف ..دونالد ترامب يعرف في اعتقادي ذلك كله مثلما يعرف مشاكل بلاده الداخلية، ولذا فهو يعترف بالواقع الراهن والمتمثل في تراجع مكانة واشنطن وبزوغ نجم روسيا بوتين والتي تصدت لتفتيت سوريا، وإذا كان ذلك من مصلحتها، فالأهم أنه من مصلحتنا أيضا..يبقي علينا إذن أن نوضح مواقفنا بلا مواراة أو وجل.. لا شك أن بوسعنا، مدعومين بتطورات الأوضاع، أن نشرح لترامب أن مسألة نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، سيفتح باب جهنم علي أمريكا، ففي مثل هذا الإجراء، المتجاهل بصلف حقوق الشعب الفلسطيني خاصة والعربي بشكل عام ما سيجعل العالم كله أرضا خصبة للإرهاب، والذي قد يجد هذه المرة من يعذره..إن قرار نقل السفارة الأمريكية يعني بوضوح، أن واشنطن تفتح باب الفوضي علي مصراعيه أمام قانون الغاب، أي فرض الأمر الواقع وفق موازين القوة، وعدم احترام القانون الدولي، والقانون الأزلي الذي أسسته كافة الأديان، والقاضي بعدم اغتصاب أراضي الغير بالقوة والبلطجة السياسية..هذه القضية في غاية الأهمية ولا بد من التباحث بشأنها، بمنتهي الجدية مع ترامب وإدارته الجديدة وعلي العرب أن يشرحوا لسيد البيت الأبيض الجديد أن قوة بلاده العسكرية لا تخولها سلطة منح إسرائيل مزايا تناقض كافة القوانين والأعراف، وأن يقول له العرب بوضوح إن أحد الأسباب الجوهرية لاضطرابات المنطقة وتنامي الغضب فيها، هو أنه «قد أعطي من لا يملك، وعدا لمن لا يستحق»، وانتقال هذا الإرث الظالم من بريطانيا إلى أمريكا، التي تبنت وتتبني كافة اعتداءات ونزوات إسرائيل وتمدها بالسلاح الذي يمكنها من تجاوزاتها والمضي في سياسة العدوان الاستيطانية بصورة مزرية لا تليق بدولة تدعي حماية حقوق الإنسان في العالم، بينما هي أول من يهدرها ويساعد المعتدين عليها..علي العرب أن يطلبوا من ترامب دليلا واحدا علي وجود هيكل سليمان في القدس، بينما لا يجرؤ أحد علي إنكار وجود المسجد الأقصي، أحد أعلي الرموز الإسلامية، أولي القبلتين وثالث الحرمين، وكنيسة القيامة التي هي واحدة من أرفع الرموز المسيحية..إن قضية القدس والتباس فهم وضعها لدي ترامب، أو حتي سوء نيته بصددها، يجب أن تكون علي رأس قضايانا مع الرئيس الأمريكي الجديد، وعلينا أن نوضح له أنه لا مجال لنجاح أي جهود لتحسين صورة واشنطن أو تطهير المنطقة، وربما العالم كله من الإرهاب إذا استخف بها ترامب.