قال الرئيس اللبناني ميشال عون، إن الرسالة التي وجهها إلى مجلس النواب في شأن وجوب المضي قدما نحو إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان المركزي، مستقلة تماما عن الخلافات والصراعات السياسية التي تشهدها البلاد.
وكان الرئيس اللبناني قد بعث أمس برسالة إلى البرلمان تتضمن أهمية التعاون من أجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي، باعتبار أن هذا الأمر يمثل ضرورة لتحقيق الإصلاح، معتبرا أن انسحاب الشركة المكلفة بعملية التدقيق الجنائي، يشكل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني الذي يعاني من أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة.
وأشار عون - خلال استقباله اليوم وزيرة العدل ماري كلود نجم - إلى أن رسالته لأعضاء المجلس النيابي، هدفها معالجة مأساة وطنية كبيرة، لأنه من دون حل مشكلة التدقيق الجنائي لا يمكن الاتفاق لا مع الدول الراغبة في مساعدة لبنان ولا مع صندوق النقد الدولي والهيئات المالية المماثلة.
وأضاف: "مسألة التدقيق الجنائي هي قضية وطنية بامتياز والوسيلة الفضلى للخروج من الأزمة التي نعيشها".. داعيا وسائل الإعلام اللبنانية إلى تفهم هذه الحقيقة والتجاوب معها، والتعامل مع هذا الملف "الحساس" بمسئولية تفرضها المصلحة الوطنية العليا.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد حدد على الفور جلسة نيابية عامة تعقد بعد غد الجمعة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية في شأن التدقيق الجنائي، واتخاذ النواب الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب حيالها.
وكانت شركة (ألفاريز ومارسال) الدولية قد أعلنت قبل أيام إنهاء التعاقد المبرم مع السلطات اللبنانية لإجراء عملية التدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي، نظرا لعدم تزويدها بالمستندات والمعلومات اللازمة لتمكينها من أداء المهمة التي كُلفت بها.
وكان مصرف لبنان المركزي قد سبق وأكد أن أحكام السرية المصرفية المحمية بمقتضى قانون النقد والتسليف، تحول دون تسليم بعض المستندات، لا سيما تلك المتعلقة بحسابات الدولة، إلى الشركة المتعاقد معها لإجراء التدقيق الجنائي، من دون تعديل تشريعي على القانون أو تفويض كتابي تقدمه الحكومة من خلال وزارة المالية.
وجاءت فكرة التدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان المركزي بعدما اندلع خلاف كبير بين حكومة رئيس الوزراء حسان دياب من جهة ومصرف لبنان المركزي من جهة أخرى، حول أرقام العجز واحتساب الخسائر المالية خلال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حيث تضاربت الأرقام وتفاوتت بشكل كبير ما بين خطة التعافي المالي والاقتصادي التي وضعتها الحكومة، والأرقام التي قدمها البنك المركزي.