الأحد 16 يونيو 2024

من‭ ‬مآسى‭ ‬الطلاق‭ ‬الغيابى ! (1)

28-4-2017 | 12:35

بقلم : سكينة السادات

يا بنت بلدى تصوروا أيها السادة والسيدات أنه ونحن فى القرن الواحد والعشرين.. يمكن أن يذهب الزوج إلى المأذون دون علم زوجته ووجودها ويطلقها ثم يعود إلى البيت وكأن شيئا لم يحدث, وربما يستمر فى معاشرتها والزوجة المسكينة لا تعرف شيئا إلا بالصدفة البحتة, وقد لا تعرف أحيانا حتى تفاجأ بذلك عند وفاته وحرمانها من الميراث ما دامت مطلقة ! تصوروا أن هذه المآسى ما زالت تحدث في مجتمنا حتى الآن ؟

***

 لكن حكاية اليوم كان الطلاق الغيابى له سبب عجيب وغريب فأين حسن العشرة وأين الأمانة فى التعامل ؟ وهل هذا يرضى الله سبحانه وتعالى؟

***

صاحبة حكاية اليوم هى الحاجة جوهرة 43 سنة وهى ابنة أسرة ريفية محترمة معروفة بالسيرة الحسنة ولنا  -أى أسرتى-  بهم روابط صداقة وجوار وود واحترام ولم أكن أتوقع فى يوم من الأيام أن أسمع منهم حكاية عجيبة فهم (ناس دوغرى) ومحترمين جدا!

***

كانت الحاجة جوهرة قد تركت خبرا مع عدد من أقربائى فى القرية مؤداه أنها تريد أن ترانى فى أسرع وقت ممكن وأعطوها رقم هاتفى فوجدتها تقول لى: -  سمعت أنك آتيه إلى القرية هذا الأسبوع ؟ قلت لها: للأسف.. كنت أنوي فعلا زيارة قريتى لكن ظروف إصابتى بنزلة البرد الشديدة التى داهمتنى منعتنى من الزيارة, قالت: إذن أزورك فى البيت غدا فى الحادية عشرة صباحا ! قلت: يا ألف أهلا ومرحباً !

***

 قالت الحاجة جوهرة: تعرفين عنا كل شىء تقريبا فنحن أهل وتذكرين أننى تزوجت الحاج هادى بعد أن حصلت على الشهادة الإعدادية وكان ولا يزال من أفضل الرجال فى قريتنا تدينا وورعا وكرما وهو صاحب أكبر مخبز ومعرض حلوى وفطائر في المنطقة كلها, وقد أضاف إليه مؤخرا معرضا كبيرا آخر للحلويات الشرقية والغربية والفطائر, وتعرفين أننا والحمد لله قوم ميسورى الحال وقد بنينا مسجدا بالمدينة, وتعرفين بالطبع أننى أم لثلاثة أولاد ولدين وبنت, وأننا نعيش فى بيت نملكه مكون من طابقين وحديقة وغرفة أو شقة للضيوف فوق السطوح, وتعرفين أيضا أن زوجى الحاج هادى يوزع الخبز بالمجان على فقراء القرية كل يوم حسب معرفته بمدى حاجة كل منهم. قلت لها: يا حاجة جوهرة أعرف عنكم كل شيء طيب وقد أقلقتنى بصراحة فما الذى حدث؟ هل الأولاد بخير والحاج بخير وهل للمخبز مشاكل مع الدولة أم ماذا؟ 

***

 انهمرت دموع الحاجة جوهرة وقررت أن أخفف عنها لكنها أصرت على أن تكمل حديثها معى وهى ما زالت تبكى بشدة! قالت: الأولاد بخير والحاج بخير وابنى الكبير سعيد تخرج هذا العام فى كلية التجارة وحصل على البكالوريوس, أما ابنتى هنا فهى فى المدرسة الثانوية, أما ابنى الصغير أيمن فهو ما زال فى المدرسة الابتدائية وكان قدومه إلى الدنيا هو سبب المأساة التى أعيشها الآن ؟

***

 واستطردت.. لابد أن أعطيك خلفية عن زوجى فهو إنسان طيب لكنه يعش الدنيا كما يريد خاصة بعد مرضه العضال, فقد صمم على أن يكون ابني سعيد الكبير هو المسئول الأول أمامه فى المخبز والمعرض, وأنه هو الذى يقوم بالتعاقدات واستلام البضاعة وكل شيء, ويكتفى هو بالإشراف من بعيد, حتى أنه من كثرة أعبائه ظل فى الجامعة يدرس سبع سنوات لأنه لم يكن يجد الوقت للمذاكرة حتى نجح وكنت قد أنجبت أخيه الصغير, فبدأت المشكلة وكانت المفاجأة الأليمة.. والأسبوع القادم أحكى عن المفاجأة!