الثلاثاء 2 يوليو 2024

إيران تبحث في طبيعة الرد على اغتيال فخري زاده وسط انطلاق مراسم تكريمه

عرب وعالم29-11-2020 | 20:13

شهدت إيران الأحد نقاشا سياسيا في طبيعة الرد على عملية اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده التي اتهمت إسرائيل بالوقوف خلفها، مع إقامة مراسم تكريم له عشية دفنه المقرر الاثنين.
وأعاد اغتيال أحد أبرز علماء الجمهورية الإسلامية، فتح باب النقاش بشأن التزامات إيران النووية لا سيما الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015.
ووقع أعضاء مجلس الشورى بالاجماع بعد جلسة مغلقة الأحد، بيانا يدعون عبره للرد على الاغتيال، ومنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول منشآت البلاد، بينما رأى أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي أنه "لا يوجد سبب" لئلا تعيد إيران النظر في التزامها بمعاهدة حظر من انتشار الأسلحة النووية.
وعادة ما يعود القرار النهائي في الأمور المتعلقة بالملف النووي في إيران، الى المجلس الأعلى للأمن القومي.
وأعلنت إيران الجمعة "استشهاد" فخري زاده، رئيس منظمة الأبحاث والابداع في وزارة الدفاع، متأثرا بجروحه بعيد استهدافه من قبل "عناصر إرهابية" أطلقوا الرصاص على سيارته في مدينة آب سرد بمقاطعة دماوند شرق طهران.
ووصل جثمان الراحل مساء السبت الى مدينة مشهد (شمال شرق) لطواف والصلاة عليه في العتبة الرضوية، قبل نقله الأحد الى العتبة الفاطمية في مدينة قم جنوب طهران، وبعده الى مرقد الإمام الخميني في العاصمة، بحسب وسائل إعلام محلية.
ومن المقرر أن يوارى فخري زاده الثرى الإثنين، بحسب ما أفادت وزارة الدفاع عبر موقعها الالكتروني، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
وأكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي السبت ضرورة "معاقبة" الضالعين في الاغتيال، ومواصلة نشاطات العالم الراحل.
من جهته، اتهم الرئيس حسن روحاني إسرائيل بالاغتيال.
وفي حين شدد على الرد في "الوقت المناسب"، أكد أن "الأمة الإيرانية أذكى من أن تقع في فخ المؤامرة الذي نصبه الصهاينة"، وأنهم "لن ينجحوا في تحقيق أهدافهم الخبيثة".
وعقد مجلس الشورى الاحد جلسة مغلقة حضرها وزير الاستخبارات محمود علوي لبحث "التحقيق في الاغتيال"، وفق وكالة "إيسنا".
ودعا رئيس المجلس محمد باقر قاليباف عبر التلفزيون الرسمي، الى "رد فعل قوي" على الاغتيال يساهم في "الردع والانتقام" من الضالعين فيه.
وفي افتتاحيتها الأحد، طالبت صحيفة "كيهان" المحافظة باستهداف ميناء حيفا في الدولة العبرية في حال "ثبت" ضلوعها في الاغتيال، معتبرة أن ذلك سيؤدي "بالتأكيد الى تحقيق الردع لأن الولايات المتحدة والنظام الصهيوني (...) ليسا مستعدين بأي شكل من الأشكال لخوض حرب".
ورأى روحاني صباح السبت أن إسرائيل أدت دور "العميلة" في الاغتيال لـ"الاستكبار العالمي"، وهي عبارة يستخدمها المسؤولون الإيرانيون عادة للإشارة الى الولايات المتحدة.
ولم تعلق الدولة العبرية رسميا على العملية حتى الآن.
وأدرجت وزارة الخارجية الأميركية اسم فخري زاده على لائحة العقوبات العام 2008 على خلفية "نشاطات وعمليات ساهمت في تطوير برنامج إيران النووي"، بينما اتهمته اسرائيل سابقا عبر رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو، بالوقوف خلف برنامج نووي "عسكري" تنفي طهران وجوده.
وأتى الاغتيال قبل نحو شهرين من تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه، وهو الذي وعد بـ"تغيير مسار" سلفه دونالد ترامب مع إيران. واعتمد الأخير سياسة "ضغوط قصوى" حيال طهران، شملت خصوصا الانسحاب الأحادي عام 2018 من الاتفاق حول برنامجها النووي، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها.
ورأت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الأحد أن اغتيال فخري زاده "هو رسالة واضحة" الى بايدن، تظهر معارضة الدولة العبرية "العودة الى الاتفاق حول البرنامج النووي".
وأعرب دومينيك راب، وزير الخارجية البريطانية الذي تشكل بلاده أحد أطراف الاتفاق، عن "قلق" لندن إزاء تصعيد محتمل في الشرق الاوسط.
كما دانت تركيا الاغتيال، معتبرة عبر وزارة خارجيتها أنه عمل "إرهابي (...) يزعزع السلام في المنطقة".
وبعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، تراجعت طهران عن غالبية الالتزامات الأساسية في الاتفاق، لكنها أبقت السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة مواقع نووية على أراضيها.
وفي بيان الأحد، رأى مجلس الشورى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاءهما، باتوا "جسورين" في "إرهابهم وتخريبهم" ضد إيران التي فقدت خلال الأعوام الماضية عددا من علمائها النوويين من طريق الاغتيال، في عمليات اتهمت واشنطن وتل أبيب بتنفيذها.
واعتبر المجلس الذي يحظى المحافظون بغالبية كبيرة فيه، أن "الرد الأمثل" على العملية الأخيرة سيكون "إحياء الصناعة النووية الإيرانية"، وتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاق النووي، والذي يتيح هامشا أوسع للمفتشين.
ودعا البيان الذي وقعه النواب بالاجماع، لمنع دخول المفتشين الى المواقع، بحسب وكالة أنباء مجلس الشورى "إيكانا".
من جهته، اعتبر رضائي، الضابط البارز السابق في الحرس الثوري، أنه "لا يوجد سبب لئلا تعيد حكومتنا ومجلس الشورى" التفكير بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي والاتفاق النووي "عندما تكون الولايات المتحدة وأوروبا قد انسحبتا رسميا وعمليا منه"، بحسب وكالة "إيسنا".
لكن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، شدد في تصريحات نشرتها وكالة "إرنا"، على أن أي تغيير في طبيعة عمل المفتشين "يعتمد على صدور قرار من الجهات العليا".
وسبق لنوابٍ ان اتهموا المفتشين بأداء دور "جواسيس" وجمع معلومات قد تكون ساهمت باغتيال فخري زاده.
وفي تصريحات نقلتها وكالة "تسنيم"، أبدى النائب عن طهران محمود نبويان "عدم ثقة" بالمفتشين، مشيرا الى أنه "إضافة الى الزيارات، سنمنعهم من إجراء مقابلات مع الخبراء والعلماء" الإيرانيين.
وأضاف "في حالة الشهيد فخري زاده كان يمكن للعدو التعرف عليه من خلال طريقتين، الأولى استخباراتية عن بعد والثانية هي المقابلة المباشرة. وعلى الرغم من أنه لم يتم تسجيل مقابلة، إلا أنه يجب إغلاق كل الطرق التي يمكن أن تؤدي إلى تحديد هوية العلماء".
وبدأ النقاش حول دور المفتشين اعتبارا من الجمعة، بعد تغريدات للنائب جواد كريمي قدوسي، اتهم فيها روحاني بترتيبه سابقا لقاء بين فخري زاده ومسؤولين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لكن كمالوندي نفى حصول ذلك، بحسب "إرنا".