هي بالطبع فراشة الرقص الشرقي ونجمة من
نجوم التمثيل في السينما المصرية في عصرها الذهبي، فالفنانة سامية جمال كان لها لون
خاص وأسلوب بديع في فنها الذي وصلت به إلى العالمية من خلال رحلتها السينمائية أو رحلتها
الطويلة في أوربا ، فهي معشوقة الجماهير في مصر وهي التي طافت معظم البلاد العربية
والإفريقية لتسعد الجماهير بفنها .. ومع ذكرى رحيلها التي تحل اليوم ننشر ما تعرضت
له سامية جمال من محاولة قتل حقيقية حسب ما روته بنفسها لمجلة الكواكب عدد 14 نوفمبر
1961.
تحت عنوان "شروع في قتلي" قالت
سامية أنها وصلت إلى مطار بيروت بعد أن تعاقدت مع صاحب ملهى للعمل في لبنان، وكانت
تتوقع أن تجد المتعهد أو من ينوب عنه في استقبالها في المطار ولكنها دهشت لأنها لم
تجد أحد حتى يساعدها في إجراءات الوصول .. وبعد وقت طويل يملأه الضيق والقلق، اتجهت
إلى الجمرك، فإذا بأحد رجال الشرطة بالمطار يهمس في أذنها قائلا:
ــ احذري المجنون !
وسألته في دهشة :
ــ أي مجنون ؟
فأجاب الشرطي مبتسما :
ــ ألم تسمعي عنه ؟ إنه مجنون سامية جمال،
ألقي القبض عليه في الأسبوع الماضي وهو يبكي بجوار إعلان جميل يحمل صورتك .. وأفرج
عنه بعد تعهده بألا يفعل شيئا مرة أخرى .. وقد علم أخيرا أنك قادمة إلى لبنان، فأخذ
يتردد يوميا على المطار، وأمر قائد المطار بالقبض عليه إذا جاء هنا ثانية!
ضحكت سامية جمال بعد سماعها تلك الرواية
وشكرت الشرطي وهي معتقدة أنه يجاملها، ولم تعر الأمر اهتماما حسب قولها، فلكل فنانة
عدة مجانين .. وبعد أن انتهت الإجراءات انتظرت نصف ساعة أخرى بالمطار قررت بعدها الذهاب
إلى أحد الفنادق، على أن تتصل منه بصاحب الملهى.
عند خروجها من باب المطار وجدت شابا أنيقا
مفتول الشارب يفتح باب سيارة كبيرة كان يقف بجوارها وقال لها : تحت أمرك يا ست .. فدخلت
السيارة وأشارت للحمال أن يضع أمتعتها بجانبها .. ودون أن ينتظر السائق توجيها منها
انطلق بالسيارة ، فقالت له : أين تذهب .. أنت لم تسألني عن وجهتي!! فأجاب الشاب بهدوء
: أنا أعرفك يا سيدتي .. ولعلك تريدين الصعود إلى الجبل، فقالت : لا .. بل أريد الذهاب
إلى ساحة البرج.
في الطريق روت له سامية قصة صاحب الملهى
الذي لم يكلف نفسه عناء استقبالها فقال لها الشاب أن أسرته تسكن في " عالية
" ويسعده أن يستضيفها هناك ، فاعتذرت له شاكرة .. وكأن الشاب لم يسمع اعتذرها
عن دعوته فانطلق بالسيارة في سرعة جنونية .. وبدا عليه الجنون بالفعل وهو يتخطى نقاط
الحواجز المرورية ويدلف إلى طريقا وعرا يصعد من خلاله إلى الجبل حتى شعرت سامية أن
السيارة تسير على إطارين فقط عندما انكفأت على جنبها مع ميل السيارة، فراحت تصرخ وتستغيث
بأعلى صوت.
أثناء صراخها وجدت سامية عدة سيارات للشرطة
تلاحق سيارة المجنون ويطلقون الرصاص على إطار سيارته، حتى تعجز عن السير، وخلال ذلك
كان المجنون يصرخ في سعادة :
ــ لن أقف .. إنها معي .. إنها حياتي
!!
واستطاعت سيارات الشرطة أن تسبق سيارة المجنون
وتسد عليه الطريق، وألقي القبض عليه ونقلوا سامية إلى إحدى سياراتهم للعودة بها إلى
ساحة البرج، وأخذ الشاب يصرخ :
ــ سيبوني .. سيبوني .. دي بقت معايا خلاص!
في الفندق الذي نزلت به سامية بعد تلك الواقعة
ظلت يومين تغلق باب الحجرة على نفسها ولا تفكر في مغادرة الفندق خوفا من عودة المجنون
الولهان مرة أخرى.