الجمعة 7 يونيو 2024

خبراء علم نفس يوضحون أسباب ارتفاع نسبة الطلاق: سوء الاختيار وغياب التكافؤ أهم العوامل.. وفرص الانفصال مرتفعة في السنة الأولى للزواج.. ونحتاج لبرامج تأهيل المقبلين على الزواج

تحقيقات3-12-2020 | 17:45

جرس إنذار دقه مركز الإحصاء في تقرير حديث له، كشف ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع المصري خلال 2019 بنسبة نحو 6.8% مقارنة بـ2018، فيما أكد خبراء علم نفس أن هناك مجموعة من العوامل وراء ذلك أبرزها سوء الاختيار وغياب التكافؤ بين الطرفين فضلا عن تدخل الأسر في حياة أولادهما، موضحين أنه يجب إعداد وتنفيذ برامج لتأهيل المقبلين على الزواج للوعي بطبيعة الحياة الزوجية وتحدياتها وكيفية التغلب على المشكلات.


وفي تقرير له مؤخرا، أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أنه بلغت عدد إشهادات الطلاق 225929 إشهاداُ عام 2019 مقابل 211554 إشهادا عام 2018 بنسبة زيادة قدرها 6.8٪، ووصل عدد إشهادات الطلاق فى الحضر 121552 إشهاداً عام 2019 تمثل53.8٪ من جملة الإشهادات مقابل 121714 إشهادا عام 2018 بنسبة انخفاض قدرها 0.1٪.


كما بلغ عدد إشهادات الطلاق فى الريف 104377 إشهاداً عام 2019 تمثل 46.2٪ من جملة الإشهادات مقابل89840 إشهاداً عام 2018 بنسبة زيادة قدرها 16.2 ٪.


التكافؤ بين الطرفين مهم


وفي هذا السياق، قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن ارتفاع نسب الطلاق في مصر خلال عام 2019 مقارنة بعام 2018 يعود إلى عدة أسباب من بينها أنه أحيانا يبدأ الطلاق قبل الزواج، حيث يتغاضى الطرفان في كثير من الحالات عن عيوب الآخر باسم الحب، وهذه العيوب قد تكون تباينا في المستوى المادي أو التعليمي أو الاجتماعي وكذلك سمات الشخصية.


وأوضح في تصريح لبوابة "الهلال اليوم"، أن تدخل الأم من الطرفين أيضا قد يفسد العلاقة الزوجية أكثر مما يصلحها، فضلا عن تغافل الفتاة عن عيوب زوجها التي تظهر أثناء فترة الخطوبة على أمل أن يتغير للأفضل بعد الزواج، وهو أمر لا يحدث في الواقع لأن الشخصية لا تتغير أبدا، فتزداد المشاكل بعد الزواج وتصل إلى الطلاق.


وأشار إلى أن إهمال الزوجة لنفسها ولزوجها في بعض الأحيان بعد الزواج والإنجاب وتركيز الاهتمام على الأطفال، على عكس ما كانت عليه قبل الزواج، قد يؤدي إلى الطلاق السريع، فضلا عن مشكلات أخرى مثل العنف بين الزوجين وتعاطي المخدرات والخيانة الزوجية وغيرها الكثير من الأسباب التي تؤدي في النهاية إلى انهيار الحياة بين الطرفين وانفصالهما.


وأكد أن أهم السبل لتقليل نسب الطلاق في المجتمع هو تقليل تدخل الأسرة أو أي طرف ثالث بين الزوج والزوجة ليتمكنا من حل المشكلات فيما بينهما، لأن هذا التدخل قد يفسد أكثر مما يصلح، مضيفا أنه في حالة وجود مشكلات عنيفة بين الطرفين من المهم العودة لأهل العلم كطرف محايد يعمل على إذابة المشاكل حتى الوصول إلى حل.


وأضاف أن من المهم تجنب أي طرف أن يحاول خداع الآخر قبل الزواج سواء بأي صورة مادية أو شكلية أو اجتماعية، ليتعرف كل منهما على الآخر عن قرب دون كذب أو تزييف، موضحا أنه من المهم الوضوح والصراحة بين الطرفين مع مراعاة مبدأ التكافؤ المادي والتعليمي والاجتماعي كأحد أهم العوامل في تقليل نسب الطلاق.


الطلاق في السنة الأولى للزواج


ومن جانبه، أكد الدكتور عادل مدني، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن سوء الاختيار هو أهم عوامل ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع خلال الفترة الماضية، إذ يغيب التناسب والتكافؤ بين الطرفين في أغلب الأحوال، كما أن عدم التوافق بين الشخصيات وتدخل الأهل والأصدقاء كلها تلعب دورا في خلق المشكلات.


وأوضح مدني، في تصريح لبوابة "الهلال اليوم"، أن الحياة الزوجية تقوم على المشاركة والاحتواء، ومن المهم أن يعرف الزوجان عيوب كل منهما، وأن يتعاملا مع هذه العيوب ويتقبلاها، مشيرا إلى ضرورة أن تتوافق العائلات كذلك؛ لأن هذا التوافق ينعكس إيجابا على حياة الزوجين.


وأضاف مدني أن العام الأول من الزواج يشهد نسب طلاق مرتفعة، بسبب ارتفاع سقف توقعات كل طرف من الآخر، لكن هذه التوقعات لا تتحقق في الغالب؛ لأن طبيعة الحياة الزوجية مختلفة عن الحياة قبل الزواج، مما يؤدي إلى صدمة لدى الطرفين تؤدي لإنهاء العلاقة سريعا.


وأشار إلى أن من المهم جدا أن يتحاور الزوجان، وأن يضع كل منهما نفسه مكان الآخر، ويبحثا عن الحل أولا، ويضعا في اعتبارهما أن العلاقة الزوجية ليست حلبة صراع أو منافسة بها طرف غالب وآخر مغلوب، لكنها علاقة تكاملية تتطلب مرونة وبعض التنازل منهما لتستمر؛ خاصة في حالة وجود أطفال. أما إذا استحالت الحياة بين الطرفين فالطلاق هو الحل الأخير وليس الأول.


4 أسباب رئيسية


فيما قال الدكتور علي النبوي، استشاري الطب النفسي، إن زيادة نسبة الطلاق في المجتمع خلال هذه الفترة، يرجع  إلى عدة أسباب أولها تقليل اعتبار الطلاق وصمة، وذلك بعد أن كان المجتمع المصري يردد دائما جملة "مفيش في عيلتنا كلمة طلاق"، حيث كانوا يعتبرون الطلاق أمر معيبًا ووصمة عار.


وأضاف "النبوي"، في تصريحات خاصة لبوابة "الهلال اليوم": لكن مع مرور الزمان لم يعد الأمر كالسابق، فتغيرت نظرة المجتمع للطلاق وأنه ليس نهاية الحياة وساهم في ذلك المجموعات والروابط على مواقع التواصل الاجتماعي التي تقدم الدعم للمطلقات.


وأوضح خبير الطب النفسي أن اعتقادات الشاب والفتاة عن الزواج قبل وقوعه كلها خيالات وتظهر الحقيقة بعد الزواج، فقد يرى الشاب أن الزواج هو عبارة عن أنثى تلبي له احتياجاته النفسية والعاطفية والجسدية دون النظر لحقوقها، وكذلك قد تعتقد الفتاة أن الزواج هو فرصة أن يلبي لها الشاب احتياجاتها للتسوق ومواكبة الموضة والعواطف دون أي مسئوليات، والواقع يختلف، حيث يدركان بعد الزواج حجم المسئوليات عليهما.


وأشار "النبوي" إلى أن هذا هو أحد الأسباب الأساسية للانفصال في السنة الأولى، وفي الغالب إذا مر العام الأول للزواج دون طلاق، ففرص استمرار الحياة الزوجية لفترة طويلة تكون مرتفعة، مؤكدا أن السبب الثالث في ارتفاع نسب الطلاق هو اعتقاد الطرفين أن الحياة خارج الزواج أفضل من الحياة الزوجية، حيث يعيش كلا الزوجين بانفعال وعصبية على الطرف الآخر لكنه يبدو مرحا ولطيفا مع الآخرين.


وأكد أن السبب الرابع هو الأعباء المادية والاجتماعية الكثيرة، والتي قد تكون أحد العوامل التي تسهم في ارتفاع نسبة الطلاق، حيث يبدأ الزوج حياته الزوجية وهو مثقل بالديون وأقساط وجمعيات وقروض من الزواج، وغالبا أهل الزوجة نفس الحال، فيعيش الطرفان أعباء مادية لتسديد هذه الديون، كما تبدأ بعد الزواج أعباء أخرى وهي المسئوليات اليومية ومتطلبات الحياة مما يثقل كاهلهما، فضلا عن أن البعض قد يزداد احتياجاته عن إمكانياته مما يجعلهما دائما مثقلين بالهموم.


وأضاف "النبوي" أن الأعباء المادية تنقص دائما من الجوانب العاطفية، مما يؤدي لضياع السعادة بين الزوجين، مشيرا إلى أهمية علاج هذه الأسباب لتقليل نسب الطلاق، وكذلك عقد دورات تدريبية أو برامج لتأهيل المقبلين على الزواج فضلا عن التوعية الإعلامية والاجتماعية حول إدارة الحياة الزوجين.