الخميس 27 يونيو 2024

«نعوم تشومسكي».. أبو اللسانيات الحديثة

فن7-12-2020 | 17:42

يعتبر نعوم تشومسكي أحد أبرز علماء اللسانيات، ويرجع الفضل إليه بسبب نظرياته وضعها في هذا العلم، حيث أن لنعوم مدرسة لغوية أسسها نافست مدارس أخرى، ولا يُخفى على من يهتم بالدراسة اللغوية جهوده في تحليل المشكلات اللغوية، وتطوير الفرضيات اللسانية الدقيقة، بجانب مؤلفاته الكثيرة في علم اللسانيات، على سبيل المثال: كتاب "البنى التركيبية"، "البنية المنطقية للنظرية اللسانية"، "ملامح النظرية التركيبية"، "اللسانيات الديكارتية"، و"الأنماط الصوتية في اللغات الإنجليزية".

أسس تشومسكي مدرسة لغوية تعرف بالمدرسة التوليدية التحويلية التي تقوِض المدرسة السلوكية، فهي مدرسة ترى بوجود منهج توليدي خاص للإنسان وحده، وتعتبر ملكة الإنسان اللغوية قدرة غريزية وفطرية، بينما المدرسة السلوكية تؤكد نظرية أن اللغة عادة كلامية قائمة على المثيرات والاستجابات، فاللغة سلوك يستجيب لمثيرات خارجية ويخضع لسلطة البيئة بالدرجة الأولى.

علل تشومسكي نظريته بقدرة الطفل على اكتساب اللغة بسهولة، إذ أن الطفل يمتلك آلية ضمنية تحوّل ما سمعه إلى نطق، وتركب المفاهيم اللغوية الخاصة التي لا يمكن شرحها، فهي بنية معطاة مسبقة إلى الطفل، وهذا مما يجعله مختلفا عن الحيوان الذي أجريت عليه تجارب عدة تحاول أن تُنطِقه بكل ما يسمع، وتبين أن الحيوان يفتقد الملكة اللغوية التي يملكها الطفل، ولا يستجيب إلى أية مثيرات خارجية تجعله ينطق بألفاظ معينة، فالحيوانات لها جهازها الخاص للنطق غير مستجيب للبيئة، فاللغة ليست كما ذهبت إليه المدرسة السلوكية.

كما أبطل تشومسكي، زعم اللغويين في أن الإنسان مقلد ومحاكي لما سمعه من التراكيب والصيغ اللغوية فقط، دون أن يولد قدرا كبيرا من الجمل التي لم يسمعها من قبل، بل أكّد أن الإنسان قادر على إبداع الكلمات والمصطلحات والصيغ الجديدة، ويعبر عنها تراكيب غير متناهية.

 واشتهر تشومسكي بنظرية التحول التوليدي، والتي تعد جزء من النحو التوليدي، الذي يرى أن النحو هو نظام للقواعد التي تولد مجموعة من الكلمات  تشكل الجمل النحوية في لغة معينة، وتتضمن عمليات إبداع الجمل الجديدة.

وابتكر تشومسكي ما يسمى بالتسلسل الهرمي والذي يحتوي على طبقات من القواعد النحوية الرسمية، ويفرض بنية منطقية عبر فئات اللغة المختلفة، ويوفر أساسًا لفهم العلاقة بين القواعد النحوية كل طبقة في هذا التسلسل هي مجموعة فرعية صارمة للطبقة التي فوقه، أي كل فئة متعاقبة يمكن أن تولد مجموعة أوسع من اللغات الرسمية، فهي مجموعات لا حصر لها من سلاسل تتألف من مجموعة منتهية من الرموز أو الحروف الهجائية السابقة، وهذا التسلسل الهرمي وثيق الصلة أيضا بعلم الحاسوب النظري، وخصوصا في نظرية لغة البرمجة، وبناء المجمع، ونظرية الآلي.