قال الشاعر الأندلسي، صفي الدين الحلي: "رأيت
بني الزمان وما بهِم خل وفي للشدائد أصطفي، أيقنت أنّ المستحيل ثلاثة: الغول
والعَنقاء والخل الوفي"، وهو ما نستطيع الاستدلال به على أن العنقاء، ماهي
إلا نسج من الخيال
والعنقاء، أو العنقاء المُغرب، أو الفنيكس، أو القفنس بالفارسية، هو أحد الطيور التي ذكرتها الأساطير والقصص في مغامرات
سندباد وقصص ألف ليلة وليلة.
تم تصويره بأنه طائر أسطوري ضخم له ريشتان فوق رأسه تمتدان إلى
الخلف، وله منقار طويل، سمي بالعنقاء لطول عنقه، فيما تقول رواية أخرى أنه سمي
بهذا الاسم لوجود طوق أبيض حول عنقه، وروايات أخرى زعمت أن هذا الطائر مخلوق نبيل
عاش من 500 إلى 1000 سنة.
تقول الأسطورة أنه عندما أحس
بالموت بنى محرقة وغنى فيها أغنية رائعة رددها الناس، وحينما أخذت أغنيته في
الاضمحلال، لم يعد يغنيها أحد فتبدد جسده في محرقته، وأصبح رماداً ثم عاد حياً بعد
ذلك من تحت الرماد.
هناك مثلا عن العنقاء يقول:
"احترق، فبعث مجددا من رماده" وقد وذكره العديد من الشعراء العرب والغرب في كتبهم
وأشعارهم.
العنقاء المُغرب ،يرى
البعض أنه لا أصل لكلمة عنقاء مُغرب، وقيل بل لها أصل، فهي طائر عظيم لا يرى إلا
في الدهور، ولذا سموا الداهية عنقاء مغرب أو مغربة.
العنقاء عموما تم ذكره في معظم الثقافات بإختلافات طفيفة منها الاسم
ودلالته الرمزية، فقد رسمه المصريون القدامى في هيئة حزينة، ورسموه بالألوان
المختلفة، فيظهر في الصور بريش أرزق، أو رمادي، أو ريش بنفسجي، وكان من الطيور
المقدسة عن قدماء المصريين، فكانوا يعتبرونه رمزاً للشمس، وكان يُسمى "بنو"
ويعني المشرق.
جاءت فكرة طائر العنقاء للمصريين القدامى من أحد الطيور
الأفريقية والتي تسمى البشاروش، ونظرا لقدسيته عند المصريين، فقد تم ربطه ببداية
تقويم السنة الجديدة، كما تم ربطه بشروق الشمس، وفيضان مياه نهر النيل.
أما في الثقافة اليونانية، فإن طائر العنقاء تم ذكره كثيرًا في العديد من الكتب، وخاصة كتب الشاعر هيرودت
الإغريقي عن أسطورة العنقاء، والذي أشار إلى أنه يأتي كل خمسمائة عام طائر عنقاء
واحد يضع بيضه ويأخذه إلى معبد الشمس المتواجد في مصر.
وأيضًا كتابات الكاتب
كلاوديانوس الذي كتب العديد من الأشعار التي تختص بطائر العنقاء، وأشار إلى وجود
طائر مُخلد يستطيع العودة من الموت إلى الحياة وهو طائر العنقاء، ويعيش في بستان مليء
بالأشجار الطبيعية والأزهار، وأنه ليس مُعرضًا للشيخوخة والموت.
في الثقافة الصينية، لا زال الشعب الصيني يتغنى بجمال العنقاء ويمجده
حتى اليوم، وقيل أن العنقاء كان يجمع جمال الحيوانات الأخرى و يعبده الصينيون
القدماء.
للعنقاء رأس ديك وعنق أفعى وفم عصفور وظهر سلحفاة وذيل سمك، وذو
ألوان رائعة متعددة، ويبلغ طول طائر العنقاء حوالي مترين.
تشكّل الريش على جسم العنقاء من كلمات، فعلى رأسه كلمة "أخلاق"،
وعلى جناحيه كلمة "طاعة"،وعلى ظهره كلمة "إخلاص"، وعلى بطنه
كلمة "صدق"، وعلى ذيله كلمة "رحمة".