في الوقت الذي تحل فيه الذكرى السنوية الخامسة لاتفاق باريس التاريخي للمناخ، لا تتصدر قضية المناخ جدول الأعمال العالمي.
وتسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، في تضمين عملية وضع السياسات العالمية هذا العام في أمور أخرى، وأدى إلى تأجيل فعاليات رئيسية، مثل القمة السنوية للأمم المتحدة بشأن المناخ.
وكان من المقرر أن تستضيف بريطانيا القمة، التي تعرف باسم مؤتمر "كوب 26"، الشهر الماضي بمدينة جلاسكو الاسكتلندية، إلا أن القمة، التي تعتبر من الفرص الأخيرة التي تهدف إلى وضع العالم على المسار الصحيح للوفاء بالتزامات اتفاق باريس للمناخ، تم تأجيلها إلى شهر تشرين ثان/نوفمبر من عام2021 .
وبعد هذا التأجيل، ستحاول الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا، الحفاظ على الزخم المتعلق بخفض الانبعاثات هذا العام، عبر فعالية افتراضية تحمل شعار "ذا سبرينت تو جلاسكو" (السباق إلى جلاسكو).
وقالت الأمم المتحدة إن "قمة الطموح بشأن تعهدات المناخ" سوف تجمع قادة العالم من الحكومات والأعمال التجارية والمجتمع المدني، من أجل "تعزيز الطموح بالنسبة لمؤتمر كوب 26". وتنطلق القمة يوم السبت المقبل، وذلك بعد خمسة أعوام من قيام قادة العالم بالتوقيع على اتفاق باريس للمناخ، الذي ألزم الدول بمكافحة التغير المناخي والتكيف مع آثاره.
وكان ألوك شارما، وزير شؤون الأعمال البريطاني، ورئيس الدورة الـ 26 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 26)، قال للدول الأعضاء في الأمم المتحدة في تشرين أول/أكتوبر الماضي، إنه "على الرغم من تأجيل كوب 26، علينا أن نتحرك الآن للوفاء بالتزاماتنا في إطار اتفاق باريس للمناخ".
يشار إلى أنه من أجل تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية بحيث لا يتجاوز1.5 درجة مئوية عن مستوياتها في فترة ما قبل الثورة الصناعية، يجب بذل مزيد من الجهد والعمل، وعلى نحو سريع.
وتعني التعهدات التي قدمتها الدول حتى الآن في إطار اتفاق باريس، أن يتجاوز العالم هذا المستوى بسهولة.
لذلك،تعهدت الدول بتقديم أهداف أكثر طموحا لحماية المناخ بحلول نهاية هذا العام. ومن المتوقع أن تقدم الحكومات في قمة السبت، العديد من الخطط الرئيسية، مثل: طرح مسارات تؤدي إلى خفض الانبعاثات إلى صفر؛ وخطط تمويل لدعم الدول الأكثر عرضة للآثار المناخية؛ واتخاذ سياسات لتحقيق هدف الـ 1.5 درجة.
وقال شارما: "لن يكون هناك مجال للبيانات العامة، حيث إن الإعلانات يجب أن تكشف عن تقدم حقيقي بالمقارنة مع السياسات القائمة وأهداف (اتفاق) باريس".
وتأتي القمة في الوقت الذي يكافح فيه العالم وباء كورونا، إلا أن الخبراء والمسؤولين يقولون إن علم المناخ أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
وكانت الأمم المتحدة قالت في تقرير الأسبوع الماضي، إن دول العالم تعتزم إنتاج أكثر من ضعف كمية الوقود الأحفوري في عام 2030، مما سيكون متماشيا مع الحد من درجة الحرارة.
كما خلص تقرير رئيسي آخر صادر عن المنظمة الدولية، إلى أن عام 2020 في سبيله ليصبح واحدا من بين أكثر ثلاثة أعوام دفئا يتم تسجيلها حتى الآن، حيث إن متوسط درجة الحرارة العالمية هذا العام يزيد بالفعل عن 2ر1 درجة فوق مستوى حقبة ما قبل الثورة الصناعية.
من ناحية أخرى، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في خطاب الأسبوع الماضي، إن البشرية تشن حربا "انتحارية" على الطبيعة، ووصف التعامل مع قضية التغير المناخي بأنها "مهمة القرن الحادي والعشرين".
وأوضح أن مستويات تركيز الغازات الدفيئة وصلت إلى معدلات قياسية، في حين صارت الأحداث المناخية المتطرفة تتكرر بشكل متزايد. وقال جوتيريش إن التعافي من وباء كورونا يعد فرصة للبشرية لتجنب كارثة مناخية.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بسلسلة من الالتزامات الأخيرة من جانب الاقتصادات الرائدة، حيث تعهدت بريطانيا والصين والاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية بتحقيق صافي انبعاثات صفري خلال العقود القليلة المقبلة.
كما تعهدت الإدارة المقبلة في الولايات المتحدة - وهي واحدة من أكبر الدول المنتجة لانبعاثات الغازات الدفيئة - أيضا بتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام2050.
وبعث تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بذلك، بالاضافة إلى انضمام بلاده مجددا إلى اتفاق باريس للمناخ، الذي انسحب منه الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الأمل في أن تكون أهداف الاتفاق ممكنة، وأن تلعب الولايات المتحدة دورا رائدا في هذا المجال.
وفي سياق متصل، كشف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأسبوع الماضي عن خطط طموحة لخفض انبعاثات الكربون في البلاد إلى الصفر بحلول عام 2050.
وقال جونسون إنه يريد إطلاق حملة لجعل بريطانيا أكثر مراعاة للبيئة من خلال خفض 68 % على الأقل من الغازات الدفيئة مقارنة بمستويات عام 1990 وذلك بحلول عام 2030.
وأوضح جونسون أن بلاده ستتبع خطته التي كشف النقاب عنها سابقا والتي تتكون من 10 نقاط لمكافحة تغير المناخ ، والتي تقول الحكومة أنها ستخلق وتدعم 250 ألف وظيفة على صلة بالبيئة.
وتشمل الخطة توسيع استخدام الطاقة النووية، ومضاعفة استخدام طاقة الرياح البحرية أربع مرات، وتحسين كفاءة الطاقة في المباني وزراعة 30 ألف هكتار من الأشجار كل عام.