ولد مسرحيًا بجيناته الوراثية، فهو ابن اثنين من ممثلي المسرح المعروفين، وهما: "عادل ماضي"، و"سمر عبد
الوهاب"، وعندما بلغ الثالثة من عمره، وقف على هذه الخشبة معلنًا عن مولد فنان يعشق العمل
المسرحي ومن خلاله يعشق الفن بوجه عام.
أنه الفنان محمد عادل الشهير بـ"ميدو عادل"، والذي قدم
كل الأشكال والأنماط المسرحية والسينمائية والتلفزيوينة، فضلًا عن الغناء في
بعض أعماله بصوت يؤهله لأن يكون مطربًا
متميزًا، إلى جانب التمثيل.
ويقوم ميدو عادل الآن ببطولة العرض المسرحي "الوصية" إلى
جوار القديرين، أحمد فؤاد سليم ، وسميرة عبد العزيز، مع مطربة الأوبرا مي فاروق
ومجموعة من النجوم الشباب، والمسرحية من إخراج الفنان المبدع خالد جلال.
تتناول المسرحية قصة الشهيد محمد المعتز رشاد أحد شهداء الجيش المصري،والذين قدموا حياتهم فداءً للوطن، ويأتي هذا العرض ضمن مبادرة "اعرف
جيشك" التي أطلقتها إيناس عبد الدايم، وزير الثقافة، من خلال الدكتور إسماعيل
مختار رئيس البيت الفني للمسرح.
وعن هذا العرض وأهميته والأثر الذي يمكن أن يتركه في نفوس مشاهديه
خاصة الشباب كان هذا الحوار مع الفنان "محمد عادل":
ما هي قصتك مع شخصية الشهيد محمد المعتز رشاد منذ بداية طرح فكرة
العمل عليك؟
الحقيقة أنه عندما عرضت عليّ فكرة تقديم عرض مسرحي وطني ترددت في البداية لأننا تعودنا على تقديم معظم
الأعمال الوطنية بشكل ملحمي فتصبح أقرب إلى الليلة المسرحية منها إلى العرض
المسرحي، ثم أخبروني أن المخرج هو الفنان "خالد جلال" ، وقرأت
القصة فشعرت بسعادة كبيرة فهذا الشكل المسرحي هو ما تمنيت دائمًا أن أشاهده،
فكلنا نتمنى تقديم المعلومة في وجبة مسرحية دسمة وهذا ما تحقق في مسرحية
"الوصية" وللصدفة الجميلة كانت القصة لبطل من أبطال جيش مصر العظيم، والذين يمنحون القدوة والمثل لكل شاب محب لوطنه، وراغبًا في الدفاع عنه، ومثله
كثيرون في كل مجالات الحياة بمصر.
من هو البطل الشهيد "محمد المعتز رشاد" كما قرأته في المسرحية؟
هو شاب من شباب مصر "ابن ناس"، تخرج من جامعة خاصة درس
فيها الفن، وعندما دخل الجيش أراد أن يتواجد وسط الأحداث، وداخل المعارك
الضارية التي تدور على أرض سيناء، ويخفي عن والده هذه الرغبة، وكان يكتب
مذكراته كأي شخص يرغب في توثيق لحظاته الحياتية المهمة، وتتحول هذه المذكرات
بعد استشهاده إلى وصية يستودعها أحد زملائه، والذي كان من المفروض أن يتواجد في المهمة، ولكن بطلنا ذهب فيها بدلا منه، وعندما قرأت هذه الأحداث "قلبي وجعني" ، وأدركت أنني أمام شيء حقيقي وليس مجرد ليلة عن شهيد، فقررت
دخول المسرحية بحماس كبير؛ لأنني أحببت "محمد المعتز
رشاد" ، وأحببت حماسه.
هل ما شاهده الجمهور على خشبة المسرح هو حقيقة حياة البطل الشهيد أم
كان هناك إضافات تخدم الدراما المسرحية؟
كل ما شاهده الجمهور هو القصة الحقيقية للشهيد، وربما هناك جوانب أخرى لا نعرفها؛ فأحيانًا قصص الشهداء أو القصص الوطنية
عامة قد يكون بداخلها تفاصيل لا يجب
الإفصاح عنها.
كيف رأيت الأحداث الدرامية داخل النص المسرحي؟
إلى جانب أحداث حياة البطل الشهيد كان هناك مستوى آخر من الدراما، وهو ما نسميه
الدراما الآلهية العظيمة، والتي لا يمكن أن تضاهيها أي دراما أخرى، ويتجلى
هذا عندما يصاب "محمد المعتز رشاد" في إحدى المعارك مع قوى الظلام والإرهاب، ويضعه القدر تحت يدي أبيه الطبيب الذي يحاول جاهدًا إنقاذ حياته، ولكنه يفشل في النهاية، ويستشهد البطل أمام عيني والده.
هذا هو تعاونك الأول مع المخرج خالد جلال فكيف تعاملتما سويًا؟
خالد جلال من أكثر المخرجين وعيًا وانضباطًا وحبًا للفن، وأنا من عشاق فنه، وكنت أتمنى دائمًا العمل معه، وشرف لي أن أمثل تحت قيادته.
كثيرون من نجوم جيلك يحجمون عن العمل بالمسرح لرغبتهم في نجومية
السينما والتليفزيون.. فماذا عنك؟
أنا بلغت من العمر 35 عامًا، وأمثل على المسرح منذ كان عمري ثلاث
سنوات، وطوال هذه الفترة التي تخللها تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية
قدمت أكثر من 220 عرضًا مسرحيًا، وهذا العام قدمت عرضين إلى جانب "الوصية"، هما: "حب رايح جاي" مع القدير "رشوان توفيق" و
دنيا عبد العزيز، ومجموعة من نجوم المسرح المصري، والثاني عرض عن قصة
حياة الفنان خالد الذكر "سيد درويش" على خشبة مسرح البالون و الذي افتتح موسمه الثاني منذ أيام، وجسدت
من خلاله شخصية الموسيقار العظيم الذي أعشقه كثيرًا، ولو كان هناك عروضًا أخرى متاحة أكثر من هذا لشاركت فيها بدون تردد، وصحيح أن النجومية جاءتني من
الدراما التليفزيونية والسينما، ولكن يبقى المسرح هو عشقي الأول والأخير، بل
أنني أتمنى أن أموت على خشبة المسرح.
لماذا كل هذا العشق للمسرح؟
لو سألنا أي مطرب هل يفضل الغناء في الاستوديو أم "لايف"
على خشبة المسرح فبالتأكيد سيختار الثاني لأن الغناء "اللايف" هو
"الدندنة "، "المزاج"، "الحلاوة" ، والصدق، والمشاعر المتدفقة، والحقيقة، والتواصل المباشر مع الجمهور، كذلك المسرح؛ فالتمثيل في أي وسيط آخر ممكن أن أتوقف فيه لإعادة المشهد وتجويده، ولكن
المسرح لا يعرف الإعادة، ولا يتسامح في الخطأ؛ لهذا يحتاج إلى أبطال مبدعين
لديهم حرفية عالية، بمعنى آخر "ناس عتاولة مش قليلين" ، ولا أقصد من
كلامي أنني من هؤلاء، وإن كنت لا زلت أحاول أن أكون منهم.
والحقيقة المؤكدة أن معظم الممثلين الكبار الذين نجحوا في كافة مجالات
التمثيل أمثال نور الشريف، محمود ياسين، وغيرهما بدأوا حياتهم الفنية في المسرح، وكذلك النجوم العالميين أمثال آل باتشينو، جاك نيكلسون، روبرتودى نيرو، توم هانكس، كلهم مسرحيين في الأساس.
لماذا تصبح النجومية للسينما والتليفزيون وليس للمسرح؟
المسرح يحتاج إلى ألقاء الضوء عليه إعلاميًا أكثر من هذا بكثير، فعلى
سبيل المثال نتفق أو نختلف مع تجربة الفنان "أشرف عبد الباقي" يكفيه
أنه أعاد إلينا كلمة مسرح من جديد، ومن يطالبون بمنع التجارب الفنية التي لا
تستهويهم مخطئون، فأنا ضد منع أي تجربة فنية لأننا في سوق فني يجب أن يقدم كل
النوعيات وبمرور الوقت سيقوم هذا السوق بفرز الأعمال المقدمة من خلاله، والبقاء
دائمًا للأصلح والأكثر صدقًا.
هل تلعب "السوشيال ميديا" دورًا فى دعم الفن ووصوله إلى
قاعدة أكبر من الجمهور؟
أنا من أعداء السوشيال ميديا وأعتقد أنها أفسدت الذوق العام، وجعلت من بعض المهن مهنًا سهلة مثل الصحافة التي أحترمها احترامًا كبيرًا فهي الوسيلة الأمثل لتوصيل فننا وفكرنا إلى جموع الناس، ومن هؤلاء الصحفيين من تعب
على مهنته حتى يطور نفسه من خلالها، ومنهم أيضا من اعتبرها مجرد "موبايل" حديث ينقل به الصور والأخبار من مكان إلى مكان، أو يأخذ به تصريحات
الفنانين من على كلماتهم التي ينشرونها عبر حساباتهم على الوسيط الجديد.
كيف يمكن أن نتغلب على مساوىء "السوشيال ميديا"؟
أعتقد أن الفن الحقيقي والثقافة المستنيرة قادران على عودة الحال
إلى ما كان عليه قبل سيطرة "السوشيال ميديا" على حياتنا، ولكن هذا
الفن الحقيقي مع الأسف لا يصل إلى الناس خاصة فن المسرح لهذا يجب على وزارة
الثقافة والقائمين على الإعلام إعادة الجمهور للمكان الذي يشع بالثقافة والتنوير ألا وهو المسرح.
وكذلك تلعب مراكز الشباب والصحافة الجامعية والمسرح المدرسي والجامعي دورًا أساسيًا في تثقيف الشباب خاصة شباب الفنانين، وتفعيل هذا الدور
سوف يجذب هؤلاء الشباب في كافة المجالات بعيدًا عن السطحية والأمراض الاجتماعية
التي أصبحنا نعاني منها جميعًا، وذلك من خلال ممارسة الرياضة، وتنمية عادة
القراءة للتعرف على أعلام مصر من الكتاب والأدباء والصحفيين الكبار، وهكذا لن
يجد العنف أو الإرهاب أو الفساد الأخلاقى طريقًا ينفذ منه إلى عقول شبابنا.