أعطت الدولة المصرية ملف مكافحة الفساد أولوية كبرى، خلال السنوات الست الماضية، حيث استخدمت كافة الأطر التشريعية والمؤسسية والتنظيمية لمواجهة هذه الآفة التي تهدد جهود التنمية في العالم أجمع، والذي يواكب اليوم 9 ديسمبر اليوم العالمي لمكافحة الفساد.
ووقعت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 58/4 المؤرخ فى 21/10/2003، حيث تؤمن مصر بأن قضية مكافحة الفساد وخصوصاً عقب ثورتى 25 يناير و30 يونيو لم تعد شأناً داخلياً خالصاً بل ان الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود الدولية لمواجهته وكذا تدعيم النظم الداخلية حتى تكون أكثر فاعليه فى مكافحته .
وتقوم على مواجهة الفساد عدة أجهزها تشكل المنظومة الرقابية المصرية، على رأسها هيئة الرقابة الإدارية كجهاز رقابي عام، وكذلك أجهزة الرقابة الداخلية مثل الجهاز المركزى للمحاسبات، وأجهزة ووحدات وزارة المالية (المراقبون الماليون)، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وهيئة النيابة الإدارية، وإدارة الكسب غير المشـــروع، والإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامـــة (وزارة الداخلية)، ووحدة مكافحة غسل الأموال، والهيئة المصرية العامة للرقابة المالية غير المصرفية.
هذا إلى جانب اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء، واللجنة الوطنية الفرعية التنسيقية لمكافحة الفساد برئاسة الوزير رئيس هيئة الرقابة الإدارية.
وعملت مصر على مواجهة الفساد عبر عدة أطر، من بينها الإطار التشريعي عبر مجموعة من القوانين التى تنظم أعمال الجهات والأجهزة العاملة فى مجال منع ومكافحة الفساد، كما وضع المشرع المصري منظومة تشريعية تضمنت تجريم الكثير من جرائم الفساد التى أوردتها إتفاقية الأمم المتحدة.
نصوص دستورية
تضمن الدستور المصرى المعُدل عام 2014 فصلاً للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من المادة 215 حتى المادة 221، حيث تضمنت المواد من 215 حتى 217 تمتع الأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها وتمنح ضمانات وإستقلالية وحماية لأعضائها بما يكفل لهم الحياد والاستقلال ويعين رئيس الجمهورية رؤسائها بعد موافقة مجلس النواب لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمره واحدة ولا يُغفى أى منهم من منصبة إلا فى الحالات المحددة بالقانون وتعد من تلك الهيئات البنك المركزي، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز المركزى للمحاسبات، هيئة الرقابة الإدارية.
فيما ألزمت المادة 218 الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها فى مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن اداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية.
اللجنة الوطنية التنسيقية للوقاية من الفساد ومكافحته
أنشئت اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ۲۸۹۰ لسنة ۲۰۱۰وتعديلاته برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزير العدل وزير التنمية المحلية وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية وزير التضامن الاجتماعي، رئيس هيئة النيابة الإدارية، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وممثلين عن كل من وزارة الداخلية وزارة الخارجية، المخابرات العامة الجهاز المركزي للمحاسبات، وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، النيابة العامة، جهاز الكسب غير المشروع.
الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد
اعتمدت الدولة المصرية في ديسمبر 2014، الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، والتي تم تنفيذها على مرحلتين، الأولى من 2014 حتى 2018، والثانية من 2019 وحتى 2022، حيث أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن القرارات الختامية لمنتدى أفريقيا2018 (الكوميسا) ليبدأ تنفيذها اعتبارا من أول يناير 2019.
واستهدفت الاستراتيجية 9 أهداف أساسية هي تطوير جهاز إداري كفء وفعال، وتقديم خدمات عامة ذات جودة عالية، وتفعيل آليات الشفافية والنزاهة بالوحدات الحكومية، وتطوير البنية التشريعية الداعمة لمكافحة الفساد، وتحديث الإجراءات القضائية تحقيقا للعدالة الناجزة، ودعم جهات إنفاذ القانون للوقاية من الفساد ومكافحته، وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية الوقاية من الفساد ومكافحته، وتفعيل التعاون الدولي والإقليمي في منع ومكافحة الفساد، ومشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في منع الفساد والوقاية منه.
وبالفعل أسفرت الاستراتيجية عن عددا من النتائج الإيجابية على رأسها، صدور قانون تنظيم وسائل الدفع الإلكتروني، وتعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لمكافحة الفساد، وصدور مؤشر مدركات الفساد المحلي، وتطوير ونشر مدونة السلوك الوظيفي 2019- 2022 وتدريب العاملين بالدولة عليها، وإعداد الميثاق الأخلاقي لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم.
وكذلك نجحت في إعداد دليل عمل وحدات المراجعة الداخلية، واستطلاع رأي العاملين (المحافظات الجامعات) عن بيئة العمل، ونشر موازنة المواطن لعام 2019- 2022، وإطلاق موقع «قیم خدماتك» الإلكتروني، وكذلك إعداد أدلة محدثة للخدمات الحكومية، وإعداد منظومة لربط قواعد البيانات القومية، وتنفيذ حملات إعلامية تحت شعار (اعرف حقك) وإعادة إخراج حملة (المرايا).
هيئة الرقابة الإدارية
وتعد هيئة الرقابة الإدارية أحد الأذرع الرئيسية في مكافحة الفساد في مصر، حيث توضجه ضربات مستمرة ضد الفاسدين وجرائم الكسب غير المشروع دون التفرقة، لمواجهة جرائم العدوان على المال العام وكذلك الاتجار بالوظيفة العامة مثل تلقي الرشوة واستغلال النفوذ، فضلا عن جرائم التزوير فى المحررات الرسمية، والكسب غير المشروع.
وفي هذا السياق، أبرزت الهيئة اليوم الممارسات الإيجابية الناتجة عن متابعة تنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وهي:
1. إصدار تشريعات جديدة أبرزها قوانين الخدمة المدنية، الاستثمار، التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة، وإجراء تعديلات ببعض التشريعات منها قانون العقوبات التجريم رشوة الموظف العام الأجنبي، قانوني الكسب غير المشروع والإجراءات الجنائية بإضافة مواد للتصالح مع المتهم في جرائم العدوان على المال العام وتعديل مدة انقضاء الدعوى الجنائية بحيث تبدأ بعد ترك الخدمة.
2. الانتظام في إعداد مؤشر وطني لقياس مدركات الفساد الإداري بالتعاون بين الهيئة ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
3. إصدار المواصفة القياسية المصرية لنظم إدارة مكافحة الرشوة ٣٧٠٠١ ISO.
4. إعداد وإصدار وتطوير مدونة السلوك الوظيفي للعاملين بالجهاز الإداري للدولة.
5. إعداد وإصدار مدونة الأخلاق والسلوك المهني لشركات القطاع الخاص بالتعاون بين الهيئة والجمعية المصرية لشباب الأعمال EJB أحد منظمات المجتمع المدني.
6. إعداد وإصدار الميثاق الأخلاقي للطالب الجامعي بالتعاون بين الهيئة ومركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والقيادات بجامعة القاهرة، وقد قامت وزارة التعليم العالی بنشره على مستوى كافة جامعات الجمهورية.
7. تنفيذ العديد من الحملات اعلامية للتوعية بمخاط الفساد.
8. قيام هيئة الرقابة الإدارية باقتراح العديد من التعديلات في التشريعات المعنية بمنع مكافحة الفساد.
9. إعداد حملات إعلامية للتوعية بمخاطر الفساد.
10. تشكيل لجنة عليا لمنظمات العمل الأهلي واختيار عدد ۳۹ رائدة ريفية على مستوى الجمهورية لتفعيل دورهم في نشر الوعي بمخاطر الفساد على مستوى محافظات الجمهورية.