الأحد 19 مايو 2024

"رجل المستحيل وأنا".. نبيل فاروق يكشف كواليس ميلاد الشخصية الأشهر في عالمه

فن9-12-2020 | 19:26


يبدو أن الكاتب البوليسي الكبير نبيل فاروق، كان يستعد مبكرا للحظة التي يغادر فيها عالمنا، إلى حيث رحاب السماء التي تتسع لكل من أخلص في عمله، وقدم عصارة إبداعه.


وقبل سنوات أصدر الدكتور نبيل فاروق كتاب "رجل المستحيل وأنا"، الذي يحكي فيه كواليس ميلاد الشخصية الأشهر في أدب المخابرات العربي والعالمي، مع جيمس بوند، وأرسين لوبين، وشيرلوك هولمز.

 

وفي هذا الكتاب قال: "كنت مبهوراً كبنى جيلي، بأبطال شتى، من مجتمعات مختلفة وثقافات متباينة، مثل "أرسين لوبين"، "شيرلوك هولمز"، "روكامبول" و"جيمس بوند" وغيرهم".


وأضاف: "كنا مبهورين بأفكار رواياتهم، والإثارة الشديدة فى كل صفحة منها، على الرغم من أنها تتعارض تماماً مع كل القيم والأخلاقيات والمبادئ، التى تربينا عليها، ونشأنا فى كنفها".


وتابع: "مع سنوات الجامعة الأولى، فى طب طنطا، بدأت الفكرة تلح على ذهنى، فى تواصل غير مسبوق.. لماذا لا تكون لدينا شخصية مماثلة، تحمل كل مميزات تلك الشخصيات الروائية الشهيرة، وكل ما تبهرنا به، من تشويق وإثارة، مع قيم مصرية وعربية أصيلة، تناسب عقيدتنا ومجتمعنا، وبدأت أنقل الفكرة إلى أصدقائى المقربين، فسخر منها معظمهم، فى حين قال أحدهم فى لا مبالاة: "طب ما تكتبها انت".


ويحكي كذلك أن صفات البطل الذي يتفق مع كل ما يبحث عنه التقاها في عامه الأخير فى الكلية، وبمصادفة عجيبة، عندما قابل رجل أمن رفيع المستوى، وصفه بأنه بهره بكل ما تحمله الكلمة من معان "فالرجل كان صورة لأفضل ما يمكن أن تتخيله فى رجل أمن، مع مهاراته وخبراته، وهدوئه، وتهذيبه الفائق للحد، وتواضعه الجم، الذى جعلني أعتبر مجرد وجوده هو إشارة أمل، ولمحة لا يمكن تجاهلها..".


ومع شدة انبهار طالب الطب الشاب برجل الأمن المدهش، أطلق عليه فى أعماقه اسم "رجل المستحيل"، ثم ما لبث أن أخذته الحياة العملية في مستقبله كطبيب إلى قلب صعيد قنا، حيث تحولت الشخصية، التى لم تفارق عقله أبدا، إلى خطوط عريضة على الورق، استخدمها بعد ذلك بأعوام ليصنع شخصية صاحب الكود (ن-1).


وفي الصفحات التالية من الكتاب، يروي فاروق قصة دخوله عالم الأدب من بوابة الخيال العلمي، عندما فازت أولى قصص سلسلة "ملف المستقبل" بمسابقة المؤسسة العربية الحديثة، ويتبنى الناشر الراحل حمدي مصطفى موهبة الطبيب الشاب القادم من طنطا؛ وهو الرجل نفسه الذي تحمّس لإصدار "رجل المستحيل". يقول الكاتب الراحل إنه عندما أنجز أول مسوداته، تواصل مع صديقه رجل الأمن الرفيع، والذي رفض وضع قصته ضمن عالم أدب الجاسوسية والمخابرات "استقبلني الرجل بابتسامة كبيرة، وأكد لي أنه لم يقصد إحباطي على الإطلاق برأيه هذا، وإنما قصد منحي رأياً مهنياً بحتاً، ثم بدأ يشرح لي أسبابه، التي كان على رأسها عقدة العقد. البطولة الفردية.


ففي عالم المخابرات، كما أخبرني، في أول درس تلقيته في هذا الشأن، قد يؤدي المهمة في النهاية رجل واحد، ولكن الأمر يحتاج في مجمله لطاقم كامل، من جامعي المعلومات والمخططين، والخبراء، والمحللين.. إلى آخره.


وتابع: "طوال أكثر من خمس ساعات متصلة، لم أشعر شخصياً بمرورها، راح صديقي رجل الأمن يشرح، ويشرح، ويشرح، وأنا أستمع وأستمع وأستمع، حتى انتهى إلى قوله: "القصة بوليسية مشوقة، لكن انت محتاج تقرا كتير عن المخابرات..".. وبعدها ربت على كتفي، وابتسم، قائلاً: "ربنا يوفقك" وخرجت من فيلته، وقد اتخذت قراراً حاسماً، جعلني أنطلق خلال أسبوع كامل، في دورة مكتبية واسعة؛ لأقرأ وأشتري بمنتهى النهم، كل ما وقع تحت يدي من كتب، عن عالم الجاسوسية والمخابرات..".


ويقول: "فوجئت بأن أمامي عالم هائل بلا حدود، يمكنني أن أنهل منه لسنوات، دون أن ينضب أو يجف نبعه، خاصة لو لم أقتصر على الكتابات العالمية أيضا.. ويمكنني القول، دون أدنى مبالغة، أنني أصبحت أدفع سبعين فى المائة مما أربحه، لشراء كتب عن الجاسوسية والمخابرات".