"كل شىء مباح، فى الحب والحرب".. من أشهر المقولات عن الحروب، وأكثرها شيوعاً وانتشاراً، والواقع أنها الأكثر تطبيقاً فى عالم الواقع أيضاً; فالحروب حالة وحشية قاسية، وعلى الرغم من كل محاولات تجميلها، فلا رحمة فيها بين المتحاربين، وكل شىء مباح ومتاح، ما دام يمكن أن يقود إلى النصر، أو يبعد شبح الهزيمة المر.. وفى النهاية التاريخ يكتبه المنتصرون، فمهما كان ما فعلوه أو ارتكبوه، للوصول إلى النصر، فيمكنهم تجميله وتحسينه أمام التاريخ، وجعله أقرب إلى البطولة، منه إلى الخسة والنذالة..
أسلحة الحروب لا حصر لها، منها ما صار معروفاً، ومنها ما هو طى الكتمان، أو تحت التجربة والاختبار.. ولقد شهد العالم فى الحرب العالمية الثانية (الأوَّل من سبتمبر 1939 – الثانى من سبتمبر 1945م)، والتى راح ضحيتها ما يقرب من مائة مليون شخص، بين مدنيين وعسكريين، سلاحاً جباراً، أرعب العالم كله فى حينه، عندما ألقيت القنبلة الذرية الأولى، على مدينة هيروشيما اليابانية، فى السادس من أغسطس، عام 1945م، وعلى الرغم من بشاعة وقسوة الحدث، وتجاوزه لكل مذحبة عرفها التاريخ، فقد جعل هذا السلاح أمريكا تصعد إلى قمة العالم، كقوة عظمى، لا قبل للآخرين بها، وبينما تتباهى أمريكا بقوتها، ويرقص الأمريكيون احتفالاً بالنصر، بدأ الاتحاد السوفييتى يبحث عن وسيلة، لكشف سر هذا السلاح الجبار، والبحث عن سلاح آخر، فى الوقت ذاته، لم يصل إليه الأمريكيون بعد.. ولأن القوات السوفييتية قد حصلت على العديد من ملفات المخابرات الألمانية، وأسرت مئات من رجالها، ومن علمائها أيضاً، فقد كشفت لها أوراق الألمان عن سلاح، لم يدر فى خلد أحد من قبل، ولكن الألمان قد قطعوا شوطاً كبيراً، فى دراسته واختباره والبحث عن وسيلة لاستغلاله، والإفادة منه..
العجيب أن ذلك السلاح لم يرتبط بأية تكنولوجيات، أو تقنيات معقَّدة، بل ارتبط بعامل متوافر بشدة، وشديد الندرة فى الوقت ذاته !!.. وهو البشر.. والعبارة ليست معقَّدة، ولكنها واقعية وبسيطة للغاية، فالبشر سلعة متوافرة بكثرة، فى كل بلدان العالم، ولكن ما بحث عنه الألمان ودرسوه، كان شيئاً شديد الندرة، بين بنى البشر.. كان القدرات العقلية والجسدية الخاصة.. ففى عام 1941م، كشف عالم نازى، بالمصادفة البحتة، أن عقول بعض البشر، ليست كغيرها من عقول الآخرين، وعلى الرغم من عدم وجود أى اختلاف تشريحى بها، إلا أن لديها قدرات مدهشة، لا يمتلكها غيرهم، ولقد قسَّم ذلك العالم النازى تلك القدرات إلى ثلاث مجموعات كبيرة.. قدرات تتجاوز حدود الزمان والمكان، وقدرات قاهرة للطبيعة، وقدرات داخلية فائقة.. وعبر أربع سنوات تالية، وبموافقة وتأييد أدولف هتلر نفسه، تواصلت التجارب على تلك العقول البشرية النادرة، ومن خلال قسم علمى خاص، حصل على كل الإمكانيات والتمويل اللازم، لتحويل تلك التجارب إلى نواة سلاح سرى، يستحيل كشفه أو حبسه، وخاصة فيما يخص القسمين الأولين، القدرة على تجاوز حدود الزمان والمكان، وهى لا تعنى انتقال المرء بجسده، عبر الزمان والمكان، ولكن سفره بعقله إلى عقل آخر، يبعد عنه مسافات شاسعة، دون أن يبرح مكانه، وهى القدرة على نقل الأفكار، من عقل إلى آخر، والأهم هو القدرة على قراءة أفكار الآخرين (التليباثى)، وعلى الرغم مما يبدو عجيباً، فقد اهتم فريق عسكرى نازى بهذه التجارب بشدة، ولكنه لم ينجح فى استخدامها واستغلالها، بسبب سقوط ألمانيا، ووقوع مجموعة العلماء فى أسر السوفييت.. وعندما طالع السوفييت كل المذكرات والدراسات، حول هذه القدرات العقلية الفائقة، بدا لهم الأمر أشبه بالخيال العلمى الجارف فى البداية، ولكن ملاحظات العلماء ونتائجهم، جعلتهم ينظرون إلى الأمر بجدية أكبر، سرعان ما تحوَّلت إلى شغف عسكرى، لإيجاد فرقة عسكرية من طراز نادر، وجواسيس لا يشق لهم غبار، يمكنهم معرفة وكشف أدق أسرار العدو، دون أية مجازفة أو مخاطرة، فقط بالغوص فى عقله، وسلب الأفكار منه.
!!.. الفكرة، فكرة التفوق فى حد ذاتها، جعلتهم ينحون رفضهم واستنكارهم جانباً، والموافقة على تمويل ورعاية تلك التجارب العقلية، كوسيلة لتعويض افتقارهم إلى السلاح النووى الفائق، الذى يمتلكه الأمريكيون.. ولقد حقق علماء الفريق السوفييتى نجاحات ملحوظة وموثقة، فى مجال توارد الفكر (التليباثى) (Telebathy)، وجذبهم أيضاً القسم الثانى من ملاحظات العالم النازى، والخاص بالقدرات القاهرة للطبيعة، وأهمها القدرة على تحريك الأشياء عن بُعد، دون لمسها؛ أو ما يُطلق عليه (أوتوكاينيزس) (AutoKinesis ).. والعجيب أن وثائقهم تقول أنهم قد حققوا نجاحات ملحوظة، فى هذا المضمار أيضاً، فقد كان لديهم عشرة رجال وامرأتان، يمكنهم نقل عملة معدنية، من جيبك إلى جيوبهم أو العكس، وهم على بُعد عشرين متراً منك.. وكان سعى العلماء السوفييت هو رفع تلك القدرات، بحيث يمكن للمدربين نقل أجسام أكبر حجماً، وأثقل وزناً، مثل قنبلة موقوتة، أو مسدس ثقيل، إلى جيب عدو يُراد اغتياله، أو جاسوس لابد من منحه سلاحاً؛ لإنقاذه من مأزق حرج.. الأقل اهتماماً من بين الأقسام الثلاثة، كان الجزء الخاص بالقدرات الداخلية، أو القدرة على شفاء إصابات أو أمراض الجسد، من خلال سيطرة العقل وحده.. ربما لأن الدراسات الأولى قالت إن أصحاب ذلك النوع من القدرات، يمكنهم ببساطة شفاء أجسادهم، ومداواة جروحهم ودرء أمراضهم، ولكنهم لا يستطيعون فعل الأمر نفسه مع الآخرين، مما يجعل جدواهم العسكرية محدودة، إلى حد كبير.. ولقد كان من الممكن أن تتواصل تلك التجارب والدراسات العقلية الفائقة، حتى تبلغ مستوى تعجز العقول عن استيعابه، لولا أن حدثاً ما قلب الأمور كلها رأساً على عقب..
ففى التاسع عشر من أغسطس، عام 1949م، أجرى الاتحاد السوفييتى تجربته النووية الأولى،فى ميدان سمبيا لاننك (كازاخستان حالياً)، ثم أضاف تجربته الثانية، فى الرابع والعشرين من الشهر نفسه، وأثبت للعالم كله أن أمريكا لم تعد القوة النووية الوحيدة على الأرض، وأنه قد صعد بدوره إلى مركز الدولة العظمى.. وفى نفس الوقت، الذى شعر فيه السوفييت بالقوة والعظمة، وانحلَّت عندهم عقدة النقص النووى، دخل الأمريكيون فى حالة الرعب النووى؛ فلسنوات لم يجل ببالهم قط أنه هناك قوة نووية أخرى، يمكنها اللحاق بهم بهذه السرعة، ولما كانوا قد سخروا من السوفييت، وعادوهم طويلاً، خلال سنوات تفوقهم النووى، فقد خشوا من انتقام السوفييت وردود أفعالهم، بعد أن صاروا يمتلكون السلاح نفسه، وهكذا انتشرت حمى بناء المخابئ النووية، وتزويدها بمخزون من الطعام والشراب، كاحتراز لما يمكن أن يئول الأمر إليه، إذا ما جاءت ضربة نووية سوفييتية مباغتة.. كل هذا جاء على حساب دراسات العقول الفائقة، فمع الشعور بالتفوّق النووى، أهمل السوفيت تجارب العقول، وأوقفوا تمويلها، وركزوا اهتماماتهم على تجارب الصواريخ، التى يمكن أن تنقل قنابلهم النووية، إلى مسافات بعيدة..
والعجيب أنه فى نفس الوقت، الذى أهمل فيه السوفييت تجاربهم حول القدرات العقلية الفائقة، حصل الأمريكيون، عبر أحد جواسيسهم، والذى يحظى بمكانة عسكرية سوفييتية رفيعة، على كل وثائق التجارب العقلية السوفييتية، والأعجب أنهم قرروا اعتبارها بداية، لدراسات خاصة بهم، حول الأمر ذاته.. ولقد حقق الأمريكيون أيضاً نتائج مثيرة للغاية، فى هذا المضمار، إلا أنهم أدركوا فى النهاية عقم الإنفاق، على هذه الأمور، بسبب الندرة الشديدة لأصحاب تلك العقول، ومحدودية ما يمكنهم بلوغه من قدرات.. وهنا فكروا فى مجالات مختلفة كثيراً، وأكثر عجباً وغرابة فى الوقت ذاته، ولكنها هذه المرة، كانت علمية تماماً، ولا تعتمد على الندرة من بنى البشر.. بدأ كل هذا فى عام 1997م.. ففى ذلك العام، توصل العالم الروسى (تشيرنوبروف)، إلى صنع أول آلة زمن حقيقية، وهى آلة بدائية علمية، وليست كتلك التى نراها فى أفلام السينما، بل وتختلف حتى عن ما جاء فى نظرية أينشتين، حول جسر أينشتين – روزين، فقد اعتمد على استخدام مجالات كهرومغنطيسية، فائقة، جعلت كثافة آلته من الداخل، تختلف عن كثافتها من الخارج، ووضع ساعة داخلها، وأخرى خارجها، مضبوطتين على التوقيت نفسه، وعقب تجربته، كان هناك فارق زمنى مقداره ثلاثين ثانية، بين الساعتين.. وهكذا أثبت (تشيرنوبروف)، أن السفر عبر الزمن ممكن، وتجاوز الحاجز، الذى تصوّره الكل مجرَّد خيالاً علمياً، منذ كتب هربرت جورج ويلز (1 سبتمبر 1866 – 13 أغسطس 1946م ) روايته الشهيرة آلة الزمن، فى عام 1895م.. الأهم أن المخابرات الأمريكية قد أدركت أن الانتقال عبر الزمن حقيقة ظهرت نبتتها الأولى، وسرعان ما تزدهر وتثمر، وعندئذ ستصير سلاحاً جباراً، من يمتلكه لن يمتلك المستقبل وحده، بل الماضى والتاريخ أيضاً... وهنا وُلد أول برنامج أمنى غير تقليدى، فى أى جهاز مخابرات فى العالم، وهو برنامج يسعى لدراسة واستيعاب كل الظواهر، التى كانت يوماً من الخيال العلمى فحسب، ومحاولة نقلها إلى عالم الواقع، واستخدامها كسلاح جبار، للسيطرة على العالم، حاضره ومستقبله.. وربما ماضيه أيضاً.. البرنامج استوحى اسم فيلم أمريكى، ظهر فى عام 1994م، من بطولة النجم كيرت راسل، ومن إخراج رولاند ايدتش، وهو فيلم (بوابة النجوم) ( Star Gate ).. والاسم فى حد ذاته مستوحى من اسم أطلقه علماء ألمان، فى عشرينيات القرن العشرين، على جسم حجرى ضخم، فى المنطقة الخضراء فى بغداد العراق، قالوا أنه كان يحمل باللغة الأشورية اسم (بوابة النجوم).. المهم أن المشروع الأمريكى لم يعلن عنه سوى اسمه، أما ما يدور فيه، وما يحدث داخله، فما زال طى الكتمان، حتى لحظة كتابة هذه السطور.. ولكن فى عام 2004م، ادعى أحد الأشخاص، أنه كان يعمل فى المنطقة الحادية والخمسين، وهى المنطقة المحاطة بالكثير من الأسرار، والتابعة لسلاح الجو الأمريكى، وأنه كان يعمل ضمن طاقم (بوَّابة النجوم)، وأن ذلك البرنامج أشبه بالخيال العلمى، الجامح، إذ تدور التجارب فيه حول السفر عبر الزمن، والانتقال الآنى، عبر الزمان والمكان، وإخفاء الأجسام، وتطوير قدرات العقل البشرى، وتصغير الأجسام والأشخاص، وغيرها من الأمور التى يصعب على العقل العادى استيعابها.. الرجل لم يقدِّم دليلاً واحداً على ما يقول، ولكنه لم يلبث أن اختفى فجأة لعدة أيام، ظهر بعدها فى مستشفى للأمراض العقلية والنفسية، وهى لعبة أمريكية شهيرة لفقدان الشخص مصداقيته، ووصمه بالهوس والهذيان، الرجل قال قبل هذا إن تلك التجارب فوق الطبيعة لم تكن مجرَّد دراسات فحسب، ولكنها نتائج تفوق التصوّر أيضًا، واستشهد فى حديثه بالرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، وطالبه بالإدلاء بشهادته فى هذا الشأن، وتم تجاهل مطالبه هذه تماماً.. وحتى اليوم لا يمكن الجزم بحقيقة برنامج بوَّابة النجوم هذا، ولا يمكن تأييده أو نفيه، وإن كانت تجاربه فوق العقلية قد حققت نجاحاً.