الأحد 23 يونيو 2024

خبراء استراتيجيون عن عقوبات الاتحاد ضد تركيا: كنا نأمل إنهاء ترشيح أنقرة إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي.. وفرض عقوبات عسكرية عليها

تحقيقات11-12-2020 | 17:10

وصف الخبراء الاستراتيجيين قرار عقوبات الاتحاد الأوروبي على تركيا بأنه هزيل وضعيف ومخيبة للأمال، فكان هناك توقعات بأن يتم توقيع عقوبة تجميد الاتحاد الجمركي بين ( أوروبا - أنقرة)  حيث تصدر انقرة سلع بدون جمارك إلى أوروبا، بالإضافة إلى فرض عقوبات عسكرية مثل وقف تصدر المنتجات العسكرية الأوروبية إلى تركيا، وإنهاء ترشيح تركيا إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي.


وكان زعماء الاتحاد الأوروبي اتفق  على توسيع قائمة العقوبات الفردية ضد تركيا على خلفية أعمال التنقيب التي تنفذها شرق المتوسط، مساء أمس الخميس، معربين عن التزامهم بحماية جميع دول التكتل ودعم الاستقرار الإقليمي، جاء ذلك في بيان صدر خلال القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل.


وبهذا الصدد، وجهت القمة المجلس الأوروبي بوضع قائمة سوداء إضافية، بناء على القرار الذي تم تبنيه في 11 نوفمبر العام الماضي بشأن "الإجراءات التقييدية بسبب أنشطة تركيا غير الشرعية في المتوسط"، على أن  ينوي تنسيق خطواته وإجراءاته إزاء تركيا والوضع في المتوسط مع الولايات المتحدة.


فيما تصر اليونان على أن المياه في شرق المتوسط التي تنفذ تركيا أعمال التنقيب فيها تعود إلى جرفها القاري وجرف قبرص، حيث سبق أن دعا الزعماء الأوروبيون أنقرة في قمتهم السابقة مطلع أكتوبر إلى تقديم "الأجندة الثنائية الإيجابية" والتخلي عن خطوات أحادية الجانب في المتوسط وقبرص وليبيا، بالإضافة إلى الكف عن اتباع الخطاب الشديد إزاء الاتحاد الأوروبي وأعضاء معينين فيه بالدرجة الأولى فرنسا واليونان.


عقوبات ثانوية وفرعية وغير مؤثرة 


فمن جانبه قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن عقوبات الاتحاد الأوروبي على تركيا، تعد ثانوية وفرعية وغير مؤثرة  على أي مستوى ولا تتناسب مع  كل هذا الضجيج والاعلام المسبق  الذي صدر من باريس وأثينا ونيقوسيا وعواصم أوروبية أخرى.


وأضاف "فهمي" في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، أن هذه العقوبات لا تتناسب مع  ما تثيره سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شرق المتوسط أو في ليبيا أو سوريا والعراق، ولا مع سجل تركيا غير المشروع  في حقوق الإنسان من تهديد للسلم والاستقرار الإقليمي، ولا حتى داخل داخل تركيا ذاتها. 


وأوضح أن ألمانيا على سبيل المثال فرضت حظرا على تصدير الأسلحة للسعودية تحت دعاوى اعتراضها على الحرب الدائرة في اليمن، إلا أنها لا تفرض حظراً مماثلا لا على تركيا ولا على إسرائيل، مؤكدا أن الموقف ضعيف للاتحاد الأوروبي ويؤثر سلباً في مصداقيته، ولن تأت بأي نتائج حقيقية، و تعد مكسبا للجانب التركي الخروج بهذه النتائج.


عقوبات ضئيلة للغاية


وفي نفس السياق قال الدكتور بشير عبد الفتاح، خبير الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية، إن العقوبات جاءت كما توقعت وتمنت تركيا، فهى عقوبات ضئيلة للغاية، لا يمكن أن تترك آثارًا عميقة عليها أو تجبرها على تغيير سياستها.


وأضاف  خبير الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم"، أنه لا يتصور أن يحدث تأثير جوهري في سياسة أنقرة سواء في شرق المتوسط أو في ليبيا أو في أي موضع آخر؛ لأن قدرة الأوروبيين على معاقبة تركيا باتت أقل مما أشيع من تهديدات قبل ذلك.


وتابع أن العقوبات لم تترك أثرًا فور صدورها، حتى أن الليرة التركية حينما تأثرت بالأمس تأثرت نتيجة تهديدات بالعقوبات الأمريكية، وليست بسبب العقوبات الأوروبية.


العقوبات المتوقعة

وعن العقوبات التي كانت متوقعة من الاتحاد الأوروبي على أنقرة، أوضح "عبدالفتاح" أنه كانت هناك مطالبات من قبرص واليونان ولكنها لم تحدث، كانت أبرز ما كان يجب أن يكون بتجميد الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا حيث تصدر أنقرة سلع بدون جمارك إلى أوروبا، بالإضافة إلى فرض عقوبات عسكرية مثل وقف تصدر المنتجات العسكرية الأوروبية إلى تركيا، كان متوقع أيضا إنهاء ترشيح تركيا إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي.


وأشار إلى أن الدول الأوروبية فضلت توقيع عقوبات رمزية أو شكلية مثل معاقبة أفراد متورطين في مسألة التنقيب في الشرق المتوسط، موضحًا أن قائد السفينة والمهندسين والمشرفين على التنقيب تم توقيع عليهم عقوبات ستطال أرصدتهم في  البنوك الأوروبية والسفر إليها وبعض العقوبات الأخرى التي ليس لها تأثير على الاقتصاد التركي.


أسباب عدم توقيع العقوبات على أنقرة


وعن أسباب عدم توقيع عقوبات على تركيا، أشار إلى أن هناك بعض الدول الأوروبية لها مصالح مع تركيا، وأبرز تلك الدول ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، حيث رفضوا توقيع أي عقوبات شديدة على تركيا؛ وذلك يعود إلى أن هناك مصالح مع أنقرة، بالإضافة إلى تخوف أوروبا بأن تقوم تركيا بفكر انتقامي كطرد اللاجئين والمهاجرين.


قرارت خيبت أمال فرنسا

وكانت هناك توقعت من قبل فرنسا بأن يتم توقيع عقوبات اقتصادية وذلك حسبما أوضح  وزير فرنسي  كليمان بون، الأحد الماضي عن "عقوبات اقتصادية محتملة" من قبل الإتحاد الأوروبي تستهدف قطاعات في تركيا بسبب مواقفها "العدائية" على حدود أوروبا، مؤكدا أن بروكسل ستنتقل إلى اعتماد نهج أكثر حدة وصرامة لكبح الانتهاكات التركية المستمرة.


وبعد سلسلة من الخلافات أدان الاتحاد الأوروبي استفزازات أنقرة "غير المقبولة أبدا" في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، لكنه أرجأ اتخاذ أي قرار بشأن فرض عقوبات إلى حين عقد قمته في ديسمبر/كانون الأول.


وكثفت تركيا في الأشهر الأخيرة انتهاكاتها بتمديدها أنشطة التنقيب مرارا في مياه شرق المتوسط على الرغم من التحذيرات الأوروبية، فيما لا يبدو أن تركيا ستتراجع عن أنشطتها غير القانونية ما لم تتخذ أوروبا قرارات ردعية.


وسحبت تركيا في أكتوبر الماضي سفن التنقيب من مياه شرق المتوسط في خطوة اعتبرها محللون مناورة لتفادي أي عقوبات أوروبية، لكنها سرعان ما أعادت تلك السفن إلى مهامها "غير القانونية" متجاهلة التحذيرات الأوروبية، كما تضاعف التوتر والخلاف بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، لا سيما في شرق البحر المتوسط، حيث أثار اكتشاف حقول الغاز الضخمة مطامع دول المنطقة.