أكد عدد من الخبراء أن تعاطي المخدرات خاصة بين الشباب عامل رئيسي في الكثير من المشاكل الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والصحية، ومن ثم تدمير المجتمعات، حيث تؤدي إلى خلق مجتمع ضعيف غير مترابط، وقليل الإنتاج، معدوم الأمن، وتشاع فيه الجريمة والأفعال الفاحشة، مؤكدين أن نسبة ارتفاع معدل الجريمة في محيط الأسرة وأغلب حوداث الطرق وجرائم التحرش والاغتصاب تقع تحت تأثير مخدر الحشيش، رافضين الدعاوي التي تنادي بتقنين شرب الحشيش بداعي الحد من تناوله، مطالبين الجميع بالتكاتف للقضاء على هذه الظاهرة.
بداية قال الدكتور رفعت عبدالباسط الأنصاري أستاذ علم الاجتماع بآداب حلون: تعد مشكلة تعاطي المخدرات بصفة عامة من أكبر المشاكل التي لها أثر تدميري على المجتمعات، كما أنها تعتبر عاملا رئيسيا في الكثير من المشاكل الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والصحية، خاصة أن ثلثي المجتمع المصري من الشباب الذين هم أكثر الفئات التي تتعاطى المخدرات بكل أنواعها خاصة الحشيش والبانجو، مضيفا أن المجتمعات الريفية تكون أكثر عرضة من غيرها لتعاطي المخدرات خاصة الحشيش.
وأشار إلى أن الإحصائية الصادرة عن مكتب مكافحة المخدرات والجريمة بالأمم المتحدة والتي تؤكد أن مصر تحتل المرتبة الـ25 عالميا في تدخين الحشيش أي ما يعادل 6.24% من عدد السكان لها انعكاستها السلبية علي الفرد والمجتمع حيث يؤدي تعاطي المخدرات أيا كان نوعها إلى التفكك الأسرى، حيث تكثر الخلافات الأسرية بسبب كثرة المتطلبات المالية للمدمن كي يحصل على المواد المخدرة، ما يؤثر على الحالة الاقتصادية للأسرة، بالإضافة إلى ذلك قد يقوم مدمن المخدرات بالإقدام على أفعال مشينة، كالاعتداءات الجنسية على أفراد أسرته بسبب غياب عقله، فضلا عن أن أكثر حالات الإدمان حالات الطلاق بين الزوجين تكون بسبب إدمان أحدهما للمخدرات، أو بسبب الخلافات التي تحدث بينهما حال اكتشاف وقوع أحد أبنائهما في فخ الإدمان.
وعن خطورة تعاطي المخدرات خاصة الحشيش علي المجتمعات أكد أستاذ علم الاجتماع بآداب حلون إن انتشار حالات الطلاق والتفكك الأسري والسرقة من الأعمال التي تحدث بسبب المخدرات وتؤدي إلى خلق مجتمع ضعيف غير مترابط، وقليل الإنتاج، معدوم الأمن، وتشاع فيه الجريمة والأفعال الفاحشة، حيث إن تعاطي المخدرات أحد عوامل انتشار الجرائم في المجتمعات، إضافة إلى كثرة وقوع حوادث السرقة والقتل، فقد يلجأ المدمن إلى السرقة وربما القتل أحيانا حين يفتقر إلى المال اللازم لشراء حاجته من المخدرات، فضلا عن أن إدمان المخدرات أحد أهم العوامل لانتشار البطالة خاصة في مجتمع يعتبر قوامه الرئيسي من الشباب، الأمر الذي أدى إلى تراجع الإنتاج خاصة في الـ6 سنوات الأخيرة.
وعن الحلول التي يمكن الاعتماد عليها لتقليص عدد المتعاطين للمخدرات في مصر شدد الأنصاري على ضرورة أن تقوم الأجهزة الأمنية للحيلولة دون وقوع شباب مصر في براثن الإدمان أيا كان نوع المخدر، خاصة أن حدودنا الشرقية والغربية تتيح للمهربين إغراق البلد بكل أنواع المخدرات.
كما شدد على ضرورة أن تكون هناك عدالة ناجزة وسريعة ضد أي خارج عن القانون ثبت إدانته في قضايا الاتجار في المخدرات، فضلا عن ضرورة تحمل وسائل الإعلام المختلفة مسئوليتها الاجتماعية وتقوم بدورها التوعوي بمخاطر تعاطي المخدرات على الفرد والمجتمع.
- أرجعت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، الأسباب وراء الوقوع في فخ الإدمان إلى ضغوط الحياة ومشاكلها التي تدفع العديد من الأشخاص للهروب من الواقع الذي يعيشونه بأي شكل ممكن، ومحاولة تجنب الحياة مع تلك الضغوط بتغييب العقل، ومن ثم تكون المواد المخدرة أو الكحوليات هي السبيل لذلك وفقا لما يتصورنه كمخرج لأزمتهم، مضيفة أن البحث عن السعادة المفقودة تعد سببا رئيسيا للإدمان، حيث يعتقد الإنسان أنه بتغييب عقله قد يحصل على هذه السعادة.
وأكدت أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أن أغلب الجرائم التي تقع في محيط الأسرة يكون سببها الرئيسي هو الإدمان خاصة بين الشباب الذين يكونون فريسة سهل للوقوع في براثن الإدمان بسبب ضغوط الحياة في ظل البطالة.
من جانبه أضاف عمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، أن صندوقه يتخذ العديد من الإجراءات في إطار مكافحة تعاطي المخدر بداية بالتوعية، وحملات الكشف عن المخدرات ما بين العمال والسائقين، إضافة إلى وجود خط ساخن للعلاج ،يتم الاتصال عليه في سرية تامة، مؤكدا أن الحشيش له نصيب الأسد بين المتعاطين والمدمنين.
وأوضح مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، أن تكلفة علاج الشخص المدمن تختلف من واحد لآخر حيث إن هناك نوعين من العلاج أولهما: العلاج الداخلي، والآخر الخارجي، كما أن هناك فرقا كبيرا بينهما في التكلفة، حيث يتكلف علاج المدمن الذي يتم حجزه بالمستشفى لمدة شهر 5 آلاف جنيه.
في المقابل يرى هادي شركس معالم نفسي وإدمان أن هذه النسبة معقولة جدا مقارنة بدول أخرى، مضيفا أن القضاء علي تعاطي الحشيش في مصر يمكن أن يتم عن طريق تقنيين شربه أي السماح بتعاطيه قانونيا، مشيرا إلى أن هذه التجربة قامت بها العديد من الدول وحققت نجاحا باهرا في تقليص عدد المتعاطين للمخدرات داخلها خاصة الحشيش، مستشهدا بهولندا التي قننت تعاطيه بتحديد بعض المدن لتدخينه من خلال بيعه داخل الأسواق المركزية "سوبر ماركت" خاصة للسائحين، ومن ثم تراجعت نسبة تدخين الحشيش فيها من 21% إلي 3%.
مضيفا أن هناك مثلا شعبيا يقول: "الممنوع دائما مرغوب"، وبالتالي إذا تم تقنينه سيقل الطلب عليه، الأمر الذي سيؤدي إلى الكساد في تجارته، ومن ثم سيتراجع المعروض، مطالب علماء النفس والاجتماع وخبراء الأمن والقانون بوضع ضوابط تناسب العقلية المصرية في حال الموافقة على التقنين.
وقال شركس: إن تجارة المخدرات داخل مصر تتعدى الناتج المحلي، الأمر الذي يجعلنا نفكر بجدية في تقنيين تعاطي الحشيش تحديدا دون غيره، لأنه أقل المخدرات خطورة علي صحة الإنسان، ومن ثم إذا تمت الاستفادة من هذا الوضع أعتقد أن وضعنا الاقتصادي سيتحسن.
- على صحة نظريته بقيام الحكومة بتقنين شرب الخمر، وبيعها قانونيا في المحلات على الرغم من أنه المسكرات بل هي أكثر خطورة على صحة الإنسان من الحشيش طبقا لوجهة نظره، الأمر الذي أدى إلى تراجع المقبولين عليها، في ذات الوقت نجد أن أعلى نسبة لشرب الخمور بين الدول العربية موجودة بالمملكة العربية السعودية التي تحظر شربها وتجرمه.
وحول تقنين الحشيش وتعاطيه قانونيا.. وصف عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، الأصوات التي تنادي بذلك بأنها توجهات غير مسئولة، لأن مصر لديها أزمة كبيرة جدا في تناول المخدرات خاصة "الحشيش".
وأكد أن آخر إحصائية تم إجراؤها في إحدى المؤسسات العقابية أظهرت أن 79 % من جرائم التحرش والاغتصاب تمت تحت تأثير مخدر الحشيش، وبالتالي فإن ظاهرة تعاطي المخدرات خاصة الحشيش هي قضية أمن قومي، لافتا إلى أن الحملات التي تتم على الطرق السريعة أظهرت كذلك أن "الحشيش" يأتي في المرتبة الأولي لأنه الأكثر تداولا بين السائقين، وبالتالي فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بحوادث الطرق.
ويشاركه الرأي في ذلك اللواء محمد نور الدين الخبير الأمني حيث وصف من ينادي بتقنين تعاطي الحشيش قانونيا استنادا لما قامت به بعض الدول الأوروبية مثل هولندا بأنه "أفكار محششين"، مشيرا إلى أنه أخلاقيا ودينيا لا تستطيع مصر باعتبارها أول حضارة في التاريخ أن تكون دولة منتجة أو مشجعة على التعاطي عبر القوانين المختلفة، خاصة أن الأمم المتحدة تعتبرنا من أكبر الدول التي تحقق نتائج إيجابية في مجال المكافحة سواء كان في الجلب أو التصنيع أو الزراعات.
واختتم الخبير الأمني كلامه مطالبا جميع المؤسسات التوعوية كالمساجد والكنائس والمدارس والجامعات ووزارة الثقافة ووسائل الإعلام أن تقوم بدورها بتوعية الشباب بمخاطر تعاطي المخدرات بصفة عامة.
ولفت إلى أنه بتراجع الطلب عبر التوعية وظبط المتعاطين يقل المعروض خاصة مع تأمين المنافذ الحدودية، والقضاء على الزراعات ومن ثم تقل تجارة وترويج وتعاطي المخدرات.