السبت 23 نوفمبر 2024

فن

نيرون.. الإمبراطور المجنون الذي حكم العالم

  • 15-12-2020 | 19:52

طباعة
حىٌ في ذاكرة التاريخ، بقدر أفاعيله الباطشة من قتل، سرقة، حرق وحياة ماجنة، بحور من الدماء أراقها غير آبه بأحد غير سواه، تاركا إدارة شئون بلاده، ساعيا وراء أهوائه المريضة منغمسا فى اللهو والتلذذ بالقتل وإراقة الدماء، مما زاد من الثورات والانقلابات التي كانت تقام ضده، في محاولة لاجتثاث جذوره الفاسدة، كان "نيرون" آخر وخامس إمبراطور يتولى حكم الإمبراطورية الرومانية من السلالة اليوليوكلودية، وقد بدأت فترة حكمه من 54 حتى 68 ميلاديا.

 لم يكن رعاياه في أمان أثناء الفترة التي حكم فيها روما، فقد شهدت بلاده، ورعيته الكثير من مفاسده التى مازال التاريخ يذكر منها:

مقتل بريتانيكوس الوريث الشرعي لحكم الإمبراطورية الرومانية

سعت أغربينيا، أم نيرون، إلى تمكينه من حكم البلاد، فلم يكن "نيرون" الوريث الشرعي، بل كان ابنا بالتبني، وكان الحكم الشرعى فى تلك الفترة الإمبراطور كلوديوس وكان معروفا بالبلاهة، وكانت رعيته يستخدمون اسمه دلالة على الإهانة والتقليل من شأنه، اقتربت منه "أغربينيا" بالقدر الذى أثار حفيظة زوجته "ميسالينا"، وقد حاولت التخلص منها بأكثر من طريقة إلا أنها لم تنجح فى ذلك، زادت أغربينيا من توددها للإمبراطور"كلوديوس" حتى شغف بحبها، ولكنه كان يعى جيدا أن القانون الرومانى يحيل دون زواجهما، فسعى باستخدامه المال وسلطته إلى استصدار قرار من مجلس الشيوخ بزواجهما زواجا رسميا، الأمر الذى جعل حلمها بأن يكون ابنها "نيرون" إمبراطور روما.

 أوعزت إلى زوجها بأن يقبل تبني نيرون، ثم وضعت خطة مستمرة لإظهار نيرون في الحفلات الرسمية بصورة الرجل كامل النمو والابن المفضل له، وإظهار بريتانيكوس الابن الشرعي لكلوديوس بمظهر الابن الصغير وكأنه يصغر نيرون بعشرات السنين.

 ثم تقربت إلى "أوكتافيا" ابنة الإمبراطور كلوديوس وأخت  بريتانيكوس والتي كانت تصغر أخيها بثلاث سنوات، كانت تهدف من هذا التقرب أن يكلل في النهاية بزواج "نيرون" من "أوكتافيا" ليضفي ذلك شرعيه عليه، ويحصل على الحكم بسهولة أكبر من إمكانية حدوث ذلك للوريث الشرعي للحكم "بريتانيكوس"، وقد تم لها ما خططت لتنفيذه، وتزوج "نيرون" من "أوكتافيا".

أصيب الإمبراطور بمرض عضال، فى الوقت ذاته أدرك مدى قوة أغربينيا التى تسعى لأن يكون "نيرون" خلفا له وليس ابنه الشرعى"بريتانيكوس"، ولكنه أدرك ذلك متأخرا فقد أحست "أغريبينا" بمساعيه لتوطيد علاقته بابنه الشرعى، فسعت للتخلص منه،  ودست له السم ليموت، ثم تم إعلان"نيرون" إمبراطور بفضل والدته التي استقطبت نفوذها لتحقق أمنيتها.

بعد تقلده الحكم، أصبحت العلاقة بينه وبين والدته متوترة، وقامت بتهديده الوريث الشرعى للحكم البلاد "بريتانيكوس"، فحاول التخلص منه فدس له السم حتى لا ينازعه أحد على حكم البلاد، بعد ذلك بدأ "نيرون" في تحجيم دور أمه في الحياة السياسية فأغدق العطايا والأموال على الأمراء ورجال الدولة البارزين الذين تناسوا تحت وطأة العطايا والترهيب السبب الحقيقي لمقتل "بريتانيكوس"، واكتفوا بتصديق رواية "نيرون" على أنه مات بشكل طبيعي.

ومع الوقت استسلمت "أغريبينا" لرغبة ابنها وتم إقصائها خارج القصر الإمبراطوري وخصص لها، قصرا في المدينة كان مخصصا لعدد من أفراد الأسرة الحاكمة.

نيرون يقرر التخلص من أمه "أغربينيا"

انصرف "نيرون" إلى حياة المجون والانحطاط، وقد سعى أحد أصدقائه للنيل من والدته، فوشى بها إلى نيرون زاعما أنها تنوي الانقلاب عليه، وأنها سوف تعين أحد أحفاد الإمبراطور"أغسطس قيصر" والذى يدعى بلوتس الذى وعدها بالزواج إذا نجحت مساعيها في الإنقلاب.

قرر"نيرون" إصدار قرار بإعدام أمه إلا أن "برووس" و"سينيكا" قاما بالذهاب إليها وتوجيه الاتهام إليها وإعطائها فرصة للدفاع عن نفسها، إلا أنها صبت غضبها على الامبراطور وبدأت ترد على الإتهامات الموجهة إليها، والتي على أثرها اقتنع "نيرون" بما قالته، وعدل عن قراره.

ما لبثت العلاقة الهادئة بين الابن وأمه فترة طويلة حتى ظهرت إحدى العاهرات والتى تُدعى "بوبيه"، والتى سعى"نيرون" إلى الزواج منها، إلا أن أمه هذه المرة عارضته بشدة وحاولت بكل الطرق أن تمنع تلك الزيجة، دفع "بوبيه" بشحن "نيرون" ضد أمه وكيف أنه امبراطور ينصاع لأوامر أمه وهددته بأنها ستختفي من حياته، فقرر "نيرون" التخلص من أمه.

 فدبر  لأمه عملية اغتيال وهي الغرق بحرا في أحد الرحلات، ولكنها استطاعت النجاة، فحاول مرة ثانية وأرسل إليها جنودا بقيادة "أنتيكوس" للتخلص منها فى قصرها، وبالفعل استطاع التخلص منها وحرق جنوده جثتها.

نيرون يتخلص من زوجته أوكتافيا

بزواج "نيرون" من "بوبيه" وطلاق "أوكتافيا" تعاطفت العامة معها وألقت بأكاليل الورود على تماثيلها في الميادين العامة، الأمر الذي أثار حفيظة"بوبيه"، فحاولت إتهام "أوكتافيا" بممارسة الرذيلة، وحاولت أن تستقطب شاهدات زور من وصيفات "أوكتافيا" بعد أن قامت بتعذيبهم إلا أنها لم تسطع أن تستنطق منهم أى إعترافات، فقام"نيرون" بنفي أوكتافيا خارج روما إلى مدينة "بايبه" حيث "أنتيكوس" الذي قتل "أغريبينا" الذى يحكم تلك المدينة، فوشت مرة أخرى إلى زوجها نيرون بأن زوجته السابقة "أوكتافيا" تسعى إلى التحالف مع "أنتيكوس"، ومن ثم تنفيذ انقلابا عسكريا على الحكم، وقد قبل"أنتيكوس" المشاركة فى تلك المؤامرة، مما جعل نيرون يصدر قرار بإعدام "أوكتافيا".

نيرون يحرق روما

شهدت روما فى فترة حكمه أسوأ أوضاعها السياسية والاقتصادية، فبالرغم من سلطته المطلقة التي سعى إليها من خلال إراقة بحور من الدماء، تم إغتيال وقتل وتعذيب المئات من المواطنين والمشتغلين بالسياسة،

إلا أن أسوأ ما مر على روما فى تلك الفترة هو حريق روما في عام 64 ميلاديا، فقد خُيل إليه أنه سيقوم ببناء روما من جديد، فقام بحرقها واستمر الحريق أسبوعا كاملا، يشاهده منه قصره وبيده آلة الطرب يغنى من أشعار هوميروس، وهو يتلذذ بصراخ آلاف الضحايا، الذين راحوا ضحية أفاعيلة الباطشة، وقد حاول إلصاق التهمة إلى أحد يكون هو السبب وراء نشوب حريق روما، فاختار المسيحيين وذاقوا على يديه صنوف العذاب والقهر والظلم ما شهدوا بها من قبل، والتى استمرت لأربعة سنوات، ولما سادت الإمبراطورية الرومانية الفوضى والفساد، أعلن مجلس الشيوخ بأن "نيرون" عدو الشعب ليموت منتحرا في عام 68 ميلادية.

    الاكثر قراءة