أكد وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، حرص
بلاده على التعاون مع جميع الدول العربية الشقيقة، وفي مقدمتها مصر التي تمثل
(بوصلة الأمان والتضامن العربي والتوجه المشترك بين الدول العربية).. مشيرا إلى أن
العلاقات اللبنانية – العربية ممتازة وأنه لا يوجد انكفاء عربي عن لبنان، ومشددا
على أن بلاده ليست منحازة للمحور الإيراني أو أي محور إقليمي آخر.
وقال وزير الخارجية اللبناني – في حديث خاص
لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في بيروت – إن مصر في ظل القيادة الحالية
للرئيس عبد الفتاح السيسي تضطلع بأدوار مهمة للغاية في المنطقة ولديها مقاربة
عالية الدقة تجاه لبنان.. مضيفا: "نحن لا نشعر بأي تدخل مصري مع لبنان إلا
بما يحقق صالح الشعب اللبناني فقط، وهذا ما نتمنى أن تقتدي به جميع الدول العربية
الشقيقة".
وشدد الوزير "وهبه" على أنه يبذل
كافة الجهود والمساعي الممكنة في سبيل تحسين علاقات لبنان مع جميع الدول الخليجية،
في ضوء الروابط التاريخية الوثيقة التي تجمعها ببلاده.
وأضاف: "نحن نحرص على توطيد علاقات لبنان
مع جميع دول الخليج وإعادة الزخم إليها والوصول بها إلى أعلى مستوى من الاتفاق، مع
المحافظة على الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي في ظل الخصوصية اللبنانية التي لا
تسمح في بعض الأحيان للدولة أن تأخذ موقفا معينا قد يتسبب في حدوث خلل يصيب الوحدة
الداخلية في لبنان".
وتابع قائلا: "نحمل تقديرا واحتراما
كبيرين لجميع دول الخليج، والعلاقات مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات
العربية المتحدة والبحرين جيدة، ولكننا نأمل أن تتحسن بصورة أكبر مما هي عليه
حاليا.. هم لديهم بعض القلق والتساؤلات، ونحن من جانبنا نقول بكل انفتاح ومحبة إن
لدينا الإجابات على هذا القلق وهذه التساؤلات، ويتبقى فقط أن نتمكن من فتح بعض
الأبواب الموصدة، وأنا من جانبي سأستمر في قرع تلك الأبواب".
وأكد وزير الخارجية اللبناني أن بلاده "لن
تتردد في الوقوف إلى جانب الأشقاء في السعودية ومؤازرة الإمارات والتضامن مع
البحرين، كما أننا لدينا علاقات ممتازة مع بقية الدول الخليجية الأخرى ومختلف
الدول العربية والتي لم تبخل على لبنان بأي محبة أو دعم أو تأييد".
ولفت إلى أن السعودية لها "أياد
بيضاء" على لبنان ولطالما وقفت إلى جانبه ولم تبخل بأي موقف ومساندة ودعم
مطلوب، مؤكدا أن بلاده لا ترضى أن يكون هناك أي عتاب أو انزعاج سعودي تجاه لبنان،
وأنه لن يدخر جهدا في سبيل التقارب مع المملكة وإعادة الزخم إلى العلاقات بين
البلدين.
وتطرق وزير الخارجية اللبناني إلى مقترح
"حياد لبنان" الذي طرحه مؤخرا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره
بطرس الراعي بوصفه السبيل لاستقرار البلاد، مشيرا إلى أنه يتعلق بالتزام الحياد
أمام أي صراع عربي في المنطقة.
وأوضح أن القانون الدولي وتجارب الدول
الأوروبية في مسألة الحياد، انتهت إلى أن الحياد يقتضي وجود رغبة محل إجماع داخلي
في الدولة التي تسعى لاعتماد هذا النهج، فضلا عن القبول في الخارج من قبل الدول
المحيطة بها، وأن هذين الشرطين يكملان بعضهما ويتلازمان.
وأشار إلى أن مسألة الحياد لم تلق حتى الآن
التوافق والإجماع اللبناني الداخلي المطلوب حتى يُمكن اعتمادها داخليا وطرحها على
دول المنطقة وعلى رأسها مصر للحصول على القبول بها، لافتا إلى أن القاهرة بما
تمثله من ثقل وحضور عربي يُمكن أن يكون لها دور مساعد للبنان إزاء هذا الموضوع عبر
الإضاءة على ما هو ممكن تحقيقه في هذا الشأن.
وقال: "الدول العربية هي الأقرب إلينا
وتربطنا بها علاقات وثيقة ووطيدة، وسياسة لبنان تقوم على عدم التدخل في الشئون
الداخلية للآخرين باعتبار أن الوضع اللبناني يتعرض إلى الخلل إذا ما تدخل الآخرون
في شئوننا، نحن اعتمدنا سياسة النأي بالنفس تجاه الحرب في سوريا وطبقناها وإن لم
يكن بالصورة الدقيقة الكاملة، لكي لا نقحم أنفسنا في الشئون الداخلية لدولة عربية".
ونفى وزير الخارجية اللبناني شربل وهبه، بصورة
قاطعة، أن يكون لبنان منحازا للمحور الإيراني في الشرق الأوسط أو أي محاور إقليمية
أخرى.. مضيفا: "لسنا في المحور الإيراني بالمطلق، ولا نتلقى أوامر أو تعليمات
أو توجيهات سياسية من طهران، وإنما تجمعنا بها علاقات طيبة وصداقة وهم يقدمون
مساعدات لنا، و نحن لا نرضى أن نكون أعداء لإيران".
واعتبر أن تأخير تشكيل الحكومة اللبنانية
الجديدة أسبابه داخلية في معظمها، لافتا إلى أن التنوع داخل الصيغة اللبنانية غير
الموجودة في أي دولة عربية أخرى، وبما يترتب عليه من تعقيدات، لطالما فرض واقعا
يجعل أطرافا داخلية تتطلع إلى جهات ودول خارجية في سبيل إيجاد شعور بالأمان مع
بقية المكونات اللبنانية الأخرى، كما تقوم كل طائفة بإشهار ما يشبه "حق
الفيتو" في مسألة تمثيلها حكوميا أو تعطيل تشكيل الحكومة.
وأكد أن الحرب في سوريا وتداعيات جائحة كورونا
يمثلان أحد الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية والمالية الحادة التي يمر بها
لبنان، وذلك بعدما تسببتا في إغلاق كافة المنافذ والمعابر البرية الحدودية التي
كانت تستخدم في تصدير المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية إلى الأسواق العربية،
الأمر الذي تحول الوضع معه إلى ما يشبه حالة الحصار المفروض على لبنان.
وشدد على أن الإصلاحات يجب أن تبدأ بشكل فوري
في سبيل إنقاذ الوضعين الاقتصادي والمالي، من خلال تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع
وقت ممكن والمضي قدما في برنامج إصلاحي يشمل مختلف النواحي الاقتصادية والمالية
والاجتماعية والإدارية وبصورة جذرية، مشيرا إلى أنه ليس مطلوبا إجراء الإصلاح
لمجرد إرضاء الخارج، وإنما لإرضاء الشعب اللبناني وتحقيق تطلعاته في العيش الكريم.
وقال إن لبنان تبلغ بصورة واضحة من المجتمع
الدولي عدم إمكانية تقديم الدعم الخارجي الذي يساعده على تجاوز الوضع الاقتصادي
الخانق، ما لم يتم البدء في إجراء الإصلاحات بشكل جاد وحقيقي، لافتا إلى أن العديد
من الجهات والدول التي لديها قدرات مالية من شأنها أن تساهم في إنعاش الاقتصاد
اللبناني، أبدت استعدادا لتقديم يد العون بصورة عاجلة حينما ترى عجلة الإصلاحات قد
انطلقت في لبنان.
وأضاف: "عجلة الاقتصاد متوقفة حاليا في
لبنان ومعطلة، المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومصر والدول
العربية والخليجية يقولون لنا ابدأوا بالإصلاح حتى يُمكن لنا أن نساعدكم"..
مؤكدا أنه إذا وجدت سبل أخرى للحصول على الدعم إلى جانب صندوق النقد الدولي، فإن
لبنان لن يتردد في الاستعانة بها، لا سيما وأن التفاوض مع الصندوق وتلبية متطلبته
ليس أمرا يسيرا ولا مجال فيه للتلكؤ.
واعتبر وزير الخارجية اللبناني أنه لا يُمكن
التعويل بشكل مطلق على تحقق انفراجة اقتصادية ومالية في لبنان فور تسلم إدارة
الرئيس الأمريكي المُنتخب جو بايدن بعد أسابيع قليلة، موضحا أن لبنان لن يكون في
قائمة الأولويات لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، وأنه يجب اعتماد سياسة واقعية
وعدم القفز في المجهول، وذلك عبر المضي قدما بالإصلاح وتحقيق النهوض الاقتصادي.
وتابع: "الإدارة الأمريكية الجديدة سيكون
أمامها التعامل مع ما فرضته الإدارة القديمة في ما يتعلق بصفقة القرن والاتفاق
النووي مع إيران ومحاربة الجماعات والتيارات الإرهابية في العراق وسوريا وغيرهما،
ومن ثم قد تمر شهور أو حتى سنة حينما يحين موعد النظر في الشأن اللبناني".
وقال الوزير وهبه: "أتوقع أن تتخذ إدارة
بايدن إجراءات جديدة في منطقة الشرق الأوسط قد تختلف عما كانت تتبعه إدارة الرئيس
دونالد ترامب، ولكن المطلوب من لبنان حاليا وبشكل مُلح أن يبقى على قيد الحياة،
ونضع أقدامنا في المكان الذي يناسبنا لإنقاذ بلدنا، عبر الإصلاح والحفاظ على
وحدتنا الداخلية والتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة، وألا ننتظر أن تأتي الإدارة
الأمريكية الجديدة وتنقذنا".
وأكد وهبه أن الوضع الأمني في لبنان مستقر
للغاية بفضل جهود الجيش اللبناني وكافة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، مشيرا إلى
أن المؤسسات العسكرية والأمنية تبذل جهودا مُضنية للحفاظ على حالة الاستقرار
وحماية الأمن وأنها استطاعت تحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال، ولافتا إلى أن
اللبنانيين لن يقبلوا بالعودة إلى حقب سابقة حيث الاقتتال الداخلي وعمليات
الاغتيال والسيارات المفخخة وارتكاب جرائم تؤدي إلى إزهاق الأرواح البريئة.
وأشار إلى أن لبنان يحتاج إلى المزيد من
التواصل والتنسيق في المجال الأمني مع الدول العربية الشقيقة، وخصوصا مصر وسوريا
والأردن والعراق، مؤكدا أن من شأن تعزيز التعاون الأمني حماية الاستقرار في
البلدان العربية والمنطقة ككل بشكل استباقي، إلى جانب تجنيب لبنان مخاطر أي عمل
أمني قد تكون نتائجه مؤلمة وخطيرة.
وفيما يتعلق بالمفاوضات التقنية غير المباشرة
بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية محل النزاع بين البلدين، أكد وزير
الخارجية اللبناني أن المفاوضات لم تتوقف، وإنما جرى الاتفاق على استئنافها في
أعقاب أعياد رأس السنة، لا سيما وأنه ليس هناك أي سقف زمني لانتهاء عملية التفاوض
التي تُجرى بوساطة أمريكية وبرعاية من الأمم المتحدة.
وشدد على أن لبنان لم يدخل المفاوضات على سبيل
المناورة أو إرضاء لأحد، وإنما عن قناعة بغية الوصول إلى حدود ترضي لبنان ولا
تقتطع من حقه الشرعي في مياهه الإقليمية، بما يمكنه لاحقا من الاستفادة من استخراج
ثرواته من النفط والغاز في المياه، مشيرا إلى أن المفاوضات هي "حاجة
مشتركة" وأن إسرائيل تحتاج إليها بنفس قدر احتياج لبنان، حتى يتسنى لها
استخراج النفط والغاز من البحر.
وأشار إلى أن لبنان يحتاج إلى المزيد من
التواصل والتنسيق في المجال الأمني مع الدول العربية الشقيقة، وخصوصا مصر وسوريا
والأردن والعراق، مؤكدا أن من شأن تعزيز التعاون الأمني حماية الاستقرار في
البلدان العربية والمنطقة ككل بشكل استباقي، إلى جانب تجنيب لبنان مخاطر أي عمل
أمني قد تكون نتائجه مؤلمة وخطيرة.
وفيما يتعلق بالمفاوضات التقنية غير المباشرة
بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية محل النزاع بين البلدين، أكد وزير
الخارجية اللبناني أن المفاوضات لم تتوقف، وإنما جرى الاتفاق على استئنافها في
أعقاب أعياد رأس السنة، لا سيما وأنه ليس هناك أي سقف زمني لانتهاء عملية التفاوض
التي تُجرى بوساطة أمريكية وبرعاية من الأمم المتحدة.
وشدد على أن لبنان لم يدخل المفاوضات على سبيل
المناورة أو إرضاء لأحد، وإنما عن قناعة بغية الوصول إلى حدود ترضي لبنان ولا
تقتطع من حقه الشرعي في مياهه الإقليمية، بما يمكنه لاحقا من الاستفادة من استخراج
ثرواته من النفط والغاز في المياه، مشيرا إلى أن المفاوضات هي "حاجة
مشتركة" وأن إسرائيل تحتاج إليها بنفس قدر احتياج لبنان، حتى يتسنى لها
استخراج النفط والغاز من البحر.
ولفت إلى أن الوساطة الأمريكية في عملية
التفاوض تأتي انطلاقا من ثقة لبنان في أن الولايات المتحدة بإمكانها أن تكون وسيطا
محايدا وأمينا، مشددا على أن الوفد الذي يمثل لبنان في المفاوض يحظى بثقة رئيس
الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وكافة سلطات وأجهزة
الدولة اللبنانية.