الأحد 19 مايو 2024

معجزة خالدة.. سيدة لغات العالم فى عيدها.. دعوات لإحياء الفصحى فى حياة الشعوب العربية

تحقيقات18-12-2020 | 12:19

لو كان الفارق بسيطًا بين الظاء والضاد، والخطأ بهما عاديًا وغير مؤثر؛ لما ارتبطت الجنة بالظِلال، والنار بالضلال. عبارة لخصت وأوجزت قيمة لغتنا العربية ، لغة الضاد، ومدى تأثيرها البالغ فى كافة مجربات الحياة ، بداية من نزول القرآن الكريم بها.

فى الثامن عشر من ديسمبر من كل عام يحل اليوم العالمي للغة العربية، وهو اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في هذا التاريخ عام 1973، والذي يقر بموجبه إدخال لغة الضاد ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته كل من المملكتين المغربية والعربية السعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.

ومع احتفالنا اليوم بهذه المناسبة، حدّدت منظمة الأمم المتحدة، قضيتين أساسيتين، ليكونا موضوعي العام، ألا وهما تأثير اللغات الأجنبية على لغة الضاد، وقل استخدام الفصحى، إذ يستخدم عدد متزايد من الناس، اللهجات العربية المحلية، وشدّدت الأمم المتحدة، على ضرورة صون سلامة اللغة العربية الفصحى من خلال جعلها متوافقة مع متطلبات المشهد اللغوي والمتغيرات الحالية.

محاولات التهميش

فى رسالتها بتلك المناسبة، بدأت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو "أودري أزولاي"، رسالتها بقول الشاعر الكبير أحمد شوقي: "ًإن الذي ملأ اللغات محاسنا - جعل الجمال وسره في الضاد".

وذكرت "أزولاي" فى تغريدة عبر "تويتر" ان لغة الضاد تواجه تحديات رغم مساهمتها الهائلة في الحضارة البشرية، ومنها محاولات ﺗﻬميشها واستخدام لغات أجنبية للتدريس ًبدلا منها، بالإضافة إلى افتقار الوسائل التكنولوجية الجديدة إلى التنوع اللغوي.

ووفق موقع "اليونسكو" فإن اللغة العربية أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصحى والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء.

السيادة منذ قرون

سادت اللغة العربية قرونا طويلة من تاريخها ، إذ كانت لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيرًا مباشرًا في كثير من اللغات الأخرى مثل التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصةً المتوسطية منها الإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.

كما مثلت اللغة العربية حافزاً كبيرا لإنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة، كما أتاحت إقامة الحوار بين الثقافات .

ضرورة ملحَّة وواجب القومى

فى يومها العالمى طالب الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم- بضرورة الحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها، وعدَّ ذلك من باب الضرورة الملحَّة والواجب القومى فى سبيل الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية، وشدد فضيلته على أهمية استعادة لغتنا الفصيحة والنهوض بها؛ كونها أداةَ التواصل والتعبير عن هويتنا وحضارتنا العريقة.

وقال مفتى الجمهورية فى كلمة اليوم الجمعة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى للغة العربية: إن اللغة العربية هى لغة القرآن الكريم، مصداقًا لقول المولى عز وجل: {إنَّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعْقِلُونَ}، وحسبها هذا الشرف! مشيرًا إلى أن اللغة العربيَّة تعدُّ من أوفر اللغات من حيث المعانى والمواد على مستوى العالم، وهى بذلك تكون أوفى بالتعبير عن دقائق الحاجات الإنسانية، وتلك وظيفة أى لغة فى الأساس.

كما استدل بقول الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِى وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِى مُبِينٌ} على أهميَّة اللُّغة العربيَّة في فهم آيات القرآن الكريم وتوضيح مقاصده وبيان معانيه، باعتبار القرآن الكريم نزل بلسانٍ عربى فصيح معجز، في عصرٍ كان العرب فيه يتباهون ببلاغة لغتهم ويتفاخرون بفصاحة ألسنتهم.

وأوضح أن وظيفة اللغة فى المجتمعات لا تقتصر على التواصل فحسب، بل هى الأداة التى يفكر بها الإنسان والوعاء الذي يحفظ التراث الثقافى، وهى العامل الأول في انتشار الثقافة والتحضر.

وقال: إن اللُّغة هى أحد أهم مُكوِّنات المُجتمع الإنسانى الرئيسة، بل هى السَّبب الأول فى نشوء الحضارات؛ لأنَّ التَّواصل الذي يتمُّ عن طريق اللُّغة يعد اللَّبنة الأساسيَّة في عمليَّة البناء والعمران، كما أن قوَّة وبلاغة اللُّغة تُعبِّران بشكل كبير عن تماسك المجتمع النَّاطق بها، وتعكسان اهتمامه بها وبقواعدها، وبعلومها وآدابها وضوابطها.

جامعة الألسن والألوان

تتميز اللغة العربية بثراء معلوماتها وبلاغة ألفاظها، وهي الوحيدة التي تجمع مختلف الألسن والألوان، فالقرآن يتلوه الناس في كل الدول العربية والأجنبية بمختلف ألسنتهم، وألوانهم بلغة واحدة، وهي اللغة العربية، هكذا قال الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية.

وأضاف "الهدهد خلال احتفال رواق التصوف بمؤسسة البيت المحمدي، باليوم العالمي للغة العربية، أن الحركة في اللغة العربية تعطي مدلولات متنوعة وهو ما يميز تلك اللغة عن غيرها، فالسلام بالفتح تعني ما يسود من ألفة بين الناس، والسلام بالكسر، تعني الصخر، والسلام بالضم تعني العضو في الجسد، فكل حركة تدل على معنى يختلف عن الآخر وهذا ما يجعلها لغة باقية تملك من الثراء النحوي والصرفي لا يمكن أن تموت، إضافة إلى تملكها لنظام صوتي منسجما فليس فيها تعثرا في النطق، لافتا إلى أن مفردات اللغة العربية تصل إلى ما يقرب لـ12 مليون مفردة عكس غيرها من اللغات الأخرى، نظرا لما تتميز به من اشتقاقات.

وأوضح "الهدهد" أن السبيل للحفاظ على لغتنا العربية، يتمثل في اهتمام وسائل الإعلام بها، في النشرات والبرامج والمواقع الإخبارية وكذا الخطابات الرسمية والتعليم في المدارس والجامعات.

المعجزة الخالدة

وبالتزامن مع يومها العالمى أصدر المركز الإعلامي للأزهر الشريف، عدة رسائل مصورة عن "سحر اللغة العربية" ورونقها وعذوبتها، تضمنت الرسائل الاتى:

ان اللغة العربية هى أغنى لغات العالم، لا تضاهيها لغةٌ في غزارة مفرداتها وسمو تراكيبها وحُسن مبانيها.

إن اللغة العربية هي النهر الخالد، وإن شئت فقل: المعجزة الخالدة التي لا تهرم ولا تموت.

حُقَّ لأهلها أن يفتخروا بها، وحق لذاتها أن تفخر بنفسها.

إن اللغة العربية من بين سائر اللغات تجدها فتيةً، لا تعرف لها طفولة أو شيخوخة.

إن اللغة العربية لغة القرآن الكريم، ولغة الفصاحة والبيان، ومفتاح التفقه في الدين.

ان اللغة العربية أشدُّ اللغات تمكنًا، جعلت حلية لنظم القرآن، وعلق بها الإعجاز، وصارت دلالة في النبوة.