السبت 23 نوفمبر 2024

فن

"كذبة غير بيضاء".. قصة لـ"أسماء حسين" من مجموعة "فسحة بويكا"

  • 19-12-2020 | 10:26

طباعة

تنشر بوابة «الهلال اليوم»، قصة "كذبة غير بيضاء"، للكاتبة أسماء حسين، من مجموعتها القصصية "فسحة بويكا" الصادرة عن دار فصلة للنشر والتوزيع في طبعتها الأولى يناير 2018.

كذبة غير بيضاء 

كان دومًا يشدني من ضفيرتي، "ذيل حصاني أحيانًا لتوخى الدقة"، ثم يركض ويختبيء في المطبخ، يخفي جسده الضئيل بين أمي وصديقات أمه، وينتهز فرصة غضبي منه بأن يبكي في حضن أجمل امرأة متظاهرًا بالخوف مني.

يُبقي رأسه مدفونًا في صدرها، و يمنح أذنيه الماكرتين لثرثرات النساء ليختزل حديثهنّ، وحين يكبر، يسرده عليّ، وأعرف لماذا كان لا يأكل معنا بعدما يجهّزن السفرة فى العائلة عندما نجتمع هناك، مع أنه لو فعل ذلك لحظي بمكان قريب من امرأة جميلة يحبها وتطعمه بيديها وتتضاحك مع النسوة عليه هي أمي.

كانت أمي امرأة بسيطة، فلاحة كما تقول عن نفسها، مرحة وحنونة، وترى نفسها "عادية"، ولكن الجميع يحبونها، لم أعرف أحدًا حتى الآن لم يحب أمي، ولم ينهرها حين تقول عن نفسها بحياء: "أنا يدوب فلاحة "، ليخبرها أنها كانت أجمل الفتيات في صباها وأحبهن، ولا زالت.

لذلك لم أستغرب من هذا الفتى أن يحب أمي، ويكرهني أنا ويتعمد مضايقتي على الدوام حتى أبكي بوهن، وأعاتبه من خلف ستار من الدموع يلتمع في عينيّ الحانقتين مثلي.

لكنه بعد ذلك بسنين أخبرني بالسر.

فبعد أن كانت تنتهي النسوة من الأكل ويتركن المطبخ يعج بالفوضى وروائح البهارات والتوابل، يذهب هو ويلملم ملاعقهن بحثًا عن ملعقتى! ويدسها في جيب بنطاله وعندما تودع أمه صديقاتها وتنفرد بأمي تنهرني أمي  بشدة لأبكي، لظنها بأني أضيع ملعقتي كل مرة أكون فيها عند زوجة عمي. دون أن تعرف من سرقها في كل مرة.

أخبرني ابن عمي أخيرًا لماذا كان يسرق ملعقتي في كل مرة، التي لدهشتي قال أنه كان "يلعقها" خلفي في حجرته، مارًا بلسانه فوق موضع لساني، ولماذا كان يتعمد مضايقتي حتى أبكي.

أخبرني ابن عمي أنه أحبني منذ كنت صغيرة، لأول مرة. في صباح اليوم الذي يلي يوم رفضت خطبته لي ونجوت من مضايقاته، وأهداني صفًا من الملاعق التي تعرض للضرب كلما اكتشفت أمه أحدها في جيب بنطاله لاحقًا، ليتركني كعادته، أبكي في منتهى الضيق.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة