الجمعة 10 مايو 2024

الكاتب إياد درويش يفتح قلبه لـ"الهلال اليوم": نجاح المؤلف يأتي من احترام عقلية القارئ

فن19-12-2020 | 19:23

طبيب شاب تعددت هواياته ومواهبه، فهو يلعب الشطرنج والكاراتيه، يقرأ ويكتب ويرسم ويحب القيادة، لكنه قرر أن يطلق لكتاباته العنان، وضع قدمه على أول درجات التاليف، كتب أربعة روايات، نشر منهم "منزل إبليس، معتذرًا عن منصب في وزارة الصحة، في سبيل التفرغ للإبداع الأدبي.
الدكتور إياد درويش، استشاري الجلدية والأمراض التناسلية، حاورته "الهلال اليوم" للتعرف على فصولٍ من حياته التي تفرعت بين الطب والأدب، خاصة بعد صدور باكورة أعماله رواية "منزل إبليس"، التي تتحدث عن الصراع الدائم بين الحقيقة والوهم، الشعوذة والدجل وصحيح الدين، والتفريق بين حالات تعاني من أمراض نفسية مثل الفصام وغيرها، وأخرى تعاني من مس شيطاني حقيقي، والخوض في المجهول وما وراء الطبيعة.

-في البداية يريد القارئ التعرف على مؤلف رواية إبليس، مَن هو إياد درويش؟

أنا طبيب استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية، عملت معيدا في جامعة الزقازيق بكلية الطب، وأيضا طبيب مقيم لمدة 3 سنوات بمستشفيات الجامعة، حصلت على الدكتوراة، وترقيت في المناصب وعملت مديرا لمستشفيات الشرقية، هذا بالإضافة لمنصب مدير الطب العلاجي بالمحافظة، أسرتي شرقاوية وأطباء، فقد كان والديا رحمة الله عليهما أطباء، وكذلك شقيقتي الوحيدة طبيبة وأيضا زوجتي، ولدّي 3 أبناء أكبرهم في الثانوية العامة.

-من هم الأشخاص الأكثر أثرا في حياتك،  من النواحي الإنسانية والطبية؟

تأثرت بوالدي رحمة الله عليه، علمني المبادئ واحترام الذات، وكان الأب الذي يقال عنه عاش لأجل إسعاد أبنائه، كما تأثرت بوالدتي والتي كان لها الأثر الأكبر في حبي للقراءة، وكانت هي الأخرى كاتبة جيدة، لكنها لم تنشر أعمالها، فمنذ صغرها وكانت على تواصل مع الكاتب الكبير توفيق الحكيم بفضل والدها، واشتركت لي في دار الكتب وكانت تهاديني بها أيضا، وتأثرت ببعض أصدقائي المقربين الأدباء منهم والأطباء، وأساتذتي في كلية الطب قسم الجلدية فكلهم كانوا داعمين لي، على مدار سنوات الدراسة وحتى اليوم.

أما بالنسبة لأكثر الاشخاص المؤثرين في كطبيب، هو الدكتور هشام مسعود، تعلمت من خلال عملي معه الكثير في العلم وفن الإدارة، فهو بالنسبة لي إنسان على قدر عالي من الكفاءة والمهارة، وهو بمثابة الأب والمعلم والقائد. 

-هل نستطيع أن نطلق عليك طبيب متعدد المواهب؟.. فأنت حاصل على بطولات في الكاراتيه والشطرنج؟

أتركها للمحيطين بي ان يطلقوا علي هكذا، أما بالنسبة لهواياتي فهي بالفعل متعددة منذ طفولتي، فقد هويت القراءة ولدي مكتبة كبيرة تتنامى كل يوم بعدد الكتب التي طالعتها، وكنت محبا للرياضة فكنت اتدرب على لُعبة الكاراتيه وحققت فيها مراكز وكنت تحت السن، هذا بالإضافة لحصولي على بطولة الجمهورية في الشطرنج وكنت متيما به.

 كما كنت وما زلت محبا للرسم ولدي لوحات كثيرة من أعمالي بالزيت، وبفضل الله طبيب ماهر في تخصصي، كما أعتبر نفسي شخصا قياديا وإداري ناجح وقادر على صنع واتخاذ القرار.

-حدثنا عن "منزل إبليس" ولماذا اتسمت بطابع الرُعب؟

إن رواية منزل إبليس، هي أول رواية تُنشر لي في السوق، تأخرت لبعض الوقت في نشرها، نظرًا لعدم وجود متسع من الوقت لاستكمال باقي أجزائها التي بدأتها منذ عام 2014، لتشتت وقتي ما بين دراسة الدكتوراة والسفر إلى السعودية، وكذلك عملي بالعيادة، ومنصبي بمديرية الصحة، لكنها اكتملت على خير ووصلت للقارئ.

الرواية مستوحاة من أحداث حقيقية وأحداثها تدور على أرض محافظة الشرقية وجزء منها في صعيد مصر، حول فتاة بها مس شيطاني تدمرت حياتها لسنوات، وجاء بطل القصة الطبيب النفساني "طه"، الذي لم يصدق الخزعبلات والدجل، ثم يتولى شأنها وينقذها ويعالجها بالقرآن، اتسمت الرواية بالرعب لأني أميل في الغالب للكتابة عن المجهول وما وراء الطبيعة، وهي وسيلة جيدة لجذب القارئ، معتمدا على إبراز مبادئ الإيمان والحب والتعاون، فالإنسان بلا مبادئ لا يساوي شئ.

-قلت أن القصة مستوحاة من أحداث حقيقية.. ممكن توضيح للقارئ أكثر؟

بالفعل القصة مستوحاة من بعض الأحداث الحقيقة، وبطل القصة هو "طه" الطبيب النفسي، وهو قريب إلى شخصيتي الحقيقية في بعض التفاصيل، بالإضافة إلى الحبكة الدرامية، هذا بالإضافة لوجود شخصيات تعاني من مس شيطاني قابلتهم في الواقع وقد تدمرت حياتهم، وأنا أؤمن بوجود الجن وحالات التلبس به، لكن باختلاف التفاصيل، فالأطباء يستطيعون تحديد ما إذا كانت الحالة تلبس بالجن أم إنها حالة فصام أو حالة نفسية مرضية أخرى، وبقاء الجدل حول أن هذه الحالات حقيقة أم وهم، وعقيدتي الثابتة هي وجود الجن ومرجعيتي في ذلك القرآن والسنة، وكل الأديان السماوية تقر بوجودها.

-هل كنت بطلاً بشخصية طه لمنزل إبليس؟

ربما بعض التفاصيل من حياة طه قريبة إلى تفاصيل قليلة من حياتي، فأنا شغوف بالقراءة في مجال الرعب وما وراء الطبيعة وبالفعل تقابلت في الواقع مع أشخاص تعاني من  حالات تزعم تلبسها بالجن وكذلك معالجين، وكان هذا داعما لأحداث الرواية مع الخيال، أما بالنسبة لطه كطبيب نفسي ومأساته وحرمانه من حلمه، فهو حقيقي فأنا درست الطب النفسي لأنه تخصص مقترن جدا بتخصص أمراض الجلدية، كما وأنني استبعدت عن التدريس بالجامعة، وكنت معيدا بها لثلاث سنوات، فسافرت يأسا إلى السعودية، ووالدي رفض محاولات عودتي بأي طريقة تنافي مبادئه، وحصلت على الدكتوراة، وكانت قصتي هذه هي الشرر الأول للرواية، فقصدت من خلالها مشاركة الناس شيء يؤلمني وحُلم حُرِمت منه.

-قلت أنك تميل للرعب مع احترام ذهن القارئ.. كيف ذلك؟

بالفعل أميل لكتابة الرعب مع احترام ذهن القارئ، بألا أستهين به وبعقليته، فمثلا أحب تأليف الرعب، ولكن أترك مساحة التخيل للقارئ للتأثر أكثر قدر ممكن بالرواية، لا أحجمه بالوصف الكثير للأشياء محل إثارة الرعب وكذلك الأحداث، ربما يكون تصوره أعمق من خيالي، والرعب هو مجال ممتع ومثير للتساؤلات وكذلك التنقيب في المجهول لاكتشافه.
ونجاح الكاتب هنا يأتي ثماره أولا من احترامه لعقلية القارئ، بأنه أيضا، يؤثر فيه بعمله وأن لا يقف التخيل عند حدود الرواية، بل يفتح له أفاقا جديدة لإعمال العقل، كما أن سعادة القارئ واستمتاعه برواية لي هي مكافأتي وسعادة لي أنا الأخر
.

-قلت أنك قارئ جيد وأول ناقد لأعمالك.. حدثنا أكثر عن ذلك؟

أعتبر نفسي قارئا جيدا، فقد بدأت القراءة في عمر صغير، وهذا أتاح لي المعرفة، وقرأت لمؤلفين أوروبيين وعرب، تأثرت بأعمالهم، ولذلك أول الأشياء الأكثر أثرا من بعض المؤلفين أسلوبهم البسيط، فدمجت بين استخدام الفصحى والعامية للتواصل مع القراء بكافة مستوياتهم.
أما كوني ناقد لنفسي فأنا دائما أقرأ  أعمالي وأقيمها، هذا بالإضافة لتقبلي النقد من الأخرين بصدر رحب، لأنه أول طريق للقمة واكتساب الكثير لتصحيح الاتجاهات وثقل الموهبة الأدبية
.

-من هم الكتاب الذين تأثرت بهم؟ ومن هو معلمك الأول حسب تعبيرك؟

يعد "العراب" الدكتور أحمد خالد توفيق، هو معلمي الأول الذي تأثرت به لأنه الأقرب إلى قلبي، فقد قرأت كل مؤلفاته، كما أسعدني رأي بعض القراء عندما قال أحدهم أن أسلوبي أدبيا يشبهه، وتأثرت بالعالم مصطفى محمود والشيخ محمد متولي الشعراوي، كما قرأت لعدد كبير من الكتاب القدامى والشباب الجدد في عالم الرواية المتواجدين على الساحة اليوم، والدكتور نبيل فاروق رجل المستحيل، ستيڤين كينج كاتب الرعب الأمريكي، باولو كويلو الكاتب البرازيلي، وأنا لست حديث العهد بالقراءة، فهي هواية منذ الطفولة، ورثتها عن والدتي.

-قلت أن لك روايات قيد النشر.. حدثنا عنها؟

حصيلة رواياتي أربعة، نشرت واحدة وتم توزيعها، ورواية "أسفل سافلين"، وهي استكمالا لـ"منزل إبليس"، باختلاف التفاصيل والاحداث، لكنها أكثر واقعية، هذا بالإضافة لرواية "الحب الملعون"، التي تتجاوز الـ240 صفحة، وتدور أحداثها بمدينة ساحلية في دولة المغرب الشقيق، وهي قصة حب تجمع بين الرعب والرومانسية، وأخيرًا "المصقول"، سيخرجون جميعهم للنور، بعد الانتهاء من الاتفاق على النشر والتوزيع، تلك المرحلة التي تؤرقني كثيرًا.

-ما هي مؤرقات النشر والتوزيع.. وهل توقفك عن الاستمرار في الكتابة؟

لا يؤرقني سوى بعض المعوقات اللوجيستية التي تتعلق بدور النشر والطباعة، لأنهم يتعاملون مع الكتاب المشهورين ويتغافلوا عن التعامل مع الكتاب الجدد أو الذين ليس لديهم انتشار في السوق، هذا بالإضافة إلى مشكلة التوزيع، وهذا عبء كبير على الكاتب أن يتولاه، وسعيت لحل هذه المشكلات في نشر الروايات القادمة، أما بالنسبة للمعوقات فهي لن تستطيع أن توقفني عن مواصلة الإنتاج الأدبي، لأن الطاقة والمخزون أكبر من أي معوقات وعراقيل.

-ماذا تتوقع لمستقبلك الأدبي والروائي؟ وهل من الممكن ترك مهنة الطب لأجل الأدب؟

أتوقع مزيد من الإبداع في أدب الرواية، لأن لدي مخزون كبير لم يخرج للنور لسنوات طويلة، ولذلك اعتذرت لبعض الوقت عن منصب مدير الطب العلاجي بالصحة، لخلق مزيد من الوقت والتهيؤ للكتابة وتحقيق إنتاج أكبر.
وهذا يتطلب بذل جهد وكذلك إصرار لمواصلة المسيرة الأدبية، مع الحفاظ على تقديم أعمال هادفة تعلم الشباب دون ابتذال، وخلق أجيال قادرة على انتقاء الجيد من الردئ من الأعمال الأدبية.
أما بالنسبة للطب، فقد انغمست فيه للنهاية، وبالطبع لا يمكن ترك المهنة فأنا طبيب ماهر الحمد لله في تخصصي، هذا بالإضافة لإنها رسالة ومسؤولية تجاه وطني مصر، لكن ربما أتنازل عن أعمال إدارية، رغم كوني قيادي من الطراز الأول وصاحب قرارات، لكني أسعى دائما لخلق وقت لأسرتي وعيادتي والكتابة
.

 

-ما هي أمنياتك وأهدافك القادمة؟

أرجو من الله أن يحفظ مصر وشعبها ونكون من أول البلاد المتقدمة، وها قد بدأنا بالفعل في الإصلاح الإداري والاقتصادي وإن شاء الله نستمر، وأسال الله نجاح ابني في الثانوية العامة، وأتمنى الخير لأسرتي الصغيرة، وأن اقدم أعمالا يفخر بها اهلي، وأن أقدم ما يستحقه القارئ المصري، وأكون على مصاف الأطباء العالميين وأن تتم ترجمة رواياتي إلى لغات عديدة ويا حبذا لو نلت جائزة نوبل للآداب.

    Dr.Radwa
    Egypt Air