لم يكن هذا العام كسائر الأعوام السابقة نستقبل عاما جديدا ونودع آخر، فقد اختبرت البشرية فى عام 2020 بعدة تجارب مؤلمة، جعلت الدول والمجتمعات والفرد نفسه يعيد نظرته للحياة، فأصبح يختبر مكوثه فى البيت لعدة أشهر، ويدخل فى غمار العديد من المغامرات التي فرضتها علينا الظروف الحياتية وأزماتها والإشارة هنا بالأخص إلى "تداعيات كوفيد-19 "، التى أعادت تعريف ماهية الحياة من جديد، فعكف الكتاب والمنظرين يعيدون صياغة الحياة من خلال فلسفة كانط، شوبنهاور، نيتشه وجان بول سارتر، بات الإنسان يسأل عن معنى الحياة فى ظل عزلته التي قاربت على العام، ومعنى الوجود فى ظل الجدرات الأربعة التي قوضت حركته، وتلك الجائحة التي لم تختبر البشرية شراستها من قبل، فما بين الإيجابيات والسلبيات وإعادة الأمل من جديد وإعادة صياغة السعادة من خلال أشياء بسيطة كانت كبارقة الأمل، لعلها اللحظة التي ينتهي فيها هذا الكابوس الذي استيقظت عليه البشرية منذ مارس 2020، فمنذ انتشار تلك الجائحة المفزعة أصبح العالم يدور فى دائرة مفرغة ولا يجد للخلاص سبيلا بعد أن استنفدت الطاقات البشرية والعلمية، فقد كانت رائحة الموت منتشرة فى كل مكان.
وقد واجه الوسط الثقافى العديد من الصدمات، فقد طوى الزمن أعمار العديد من الأدباء والمترجمين فى هذا العام، سواء أكان السبب "جائحة فيروس كورونا المستجد، أو لأسباب أخرى جعلت هذا العام صورة غائمة تحتل المشهد وتخُيم على آخر صفحة من حياتهم.
لينين الرملي:غيب الموت الكاتب المسرحي الكبير لينين الرملي، هذا العام في 7 فبراير 2020، عن عمر يناهز الـ74 عاما، وهو يعد واحدا من أهم الكتاب الذين قدموا أفكارهم بحس كوميدي متفرد، فقد شهدت خشبة المسرح المصري العديد من أعماله التي شكلت أبرز كلاسيكيات المسرح المصري، وخاصة بثنائيته الناجحة مع الفنان محمد صبحي، حيث قدم معه العديد من المسرحيات الناجحة أبرزها"الهمجي"، "تخاريف"، "انتهى الدرس يا غبى" و"وجهة نظر".
كما قدم لينين الرملي، مع الفنان الكبير فؤاد المهندس مسرحية "سك على بناتك"، ومن أشهر أعماله السينمائية "على بيه مظهر"، "الإرهابي"، "بخيت وعديلة1" و"البداية"، ومن أهم أعماله التلفزيونية "هند والدكتور نعمان"، "حكاية ميزو" و"برج الولد".
محمود حمدي زقزوق:فى الأول من إبريل لهذا العام توفى الكاتب والأكاديمي "محمود حمدى زقزوق" عن عمر يناهز الـ86 عاما، وهو وزير الأوقاق المصري الأسبق الذي تولى هذا المنصب فى عام 1955 حتى عام 2011.
ولد زقزوق، بقرية الضهرية التابعة لمركز شربين بمحافظة الدقهلية، حاز على الإجازة العالمية من كلية اللغة العربية بالأزهر الشريف فى عام 1959، ودكتوارة الفلسفة من جامعة ميونخ بألمانيا فى عام 1968، وتم تعيينه مدرسا للفلسفة الإسلامية بكلية أول الدين بجامعة الأزهر فى عام 1969، ثم تدرج بالوظائف حتى أصبح عميدا لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر في الفترة من عام 1987 حتى عام 1989، ومنذ العام 1991 حتى عام 1995 .
أصبح محمود حمدي زقزوق، نائبا لرئيس جامعة الأزهر في عام 1995، ثم أصبح وزيرا للأوقاف في العام الذى يليه 1996، شارك فى عدة مؤتمرات منها المؤتمر الدولى للعلاقات الثقافية فى مدينة بون بألمانيا فى عام 1980، ومؤتمر دار حضارات العالم فى برلين بألمانيا عن الإتجاهات الإسلامية المعاصرة فى عام 1991، والمؤتمر السنوى للجمعية الدولية لتاريخ الأديان بجامعة همبورغ بألمانيا فى عام 1988 .
يعتبر زقزوق عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر وعضو اتحاد الكتاب، وله العديد من المؤلفات منها: "المنهج الفلسفى بين الغزالى وديكارت"، "دراسات فى الفلسفة الحديثة"، "الإسلام فى مرآة الفكر الغربى" و"الدين والفلسفة والتنوير".
رؤوف وصفي:يعد الكاتب والمترجم الدكتور رؤوف وصفي، أحد أبرز الكتاب الذين ساهموا فى تشكيل هوية كتابة الخيال العلمي، فقد حصل على جائزة أدبية من جمعية "دكنز" للروايات العالمية، حيث اختيرت بعض قصصه للعرض على الجمعية، وقد حصلت على إشادات إيجابية واسعة، كتب وصفي العديد من المقالات لأبرز مجلات الأطفال منها مجلتي"ماجد" و"العربي الصغير" الكويتية.
يعتبر وصفية رائد تبسيط العلوم في العالم العربى، فقد قام بتأليف الكتب العلمية وترجمتها إلى اللغة العربية، وكان يعمل مدرسا في العديد من جامعات الوطن العربي مثل الجامعة الأمريكية بالقاهرة، رأس تحرير سلسلة الكتاب الشهري "الثقافة العلمية للشباب" الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب بوزارة الثقافة، وصدرت له العديد من المؤلفات عن المركز القومي للترجمة مثل "ثلاث رؤى للمستقبل: أدب الخيال العلمي الأمريكي والبريطاني والروسي"، "حرب العوالم"، القصص القصيرة لـ "راى برادبورى"، "استشراف المستقبل: ثورة التكنولوجيا النانونية".
كما كتب الدكتور رؤوف وصفي سلسلة من روايات الجيب المصرية للشباب وهى سلسلة "نوفا" والتي تعد واحدة من أبرز سلاسل الخيال العلمي فى العالم العربي، التي استهدفت المراهقين والشباب والتي استطاعت أن تحوذ على اهتمامهم بشكل كبير، كما تم ترجمة قصصه إلى اللغة الإيطالية وحصل على جائزة أفضل كاتب علمي من مؤسسة "هانز زايدل" الألمانية، كما حاز على جائزة الترجمة العلمية من المركز القومى للترجمة امتنانا وتتويجا لمسيرته الطويلة في مجال الترجمة، وتوفي يوم 5 نوفمبر 2020 .
سعيد الكفراوي:في يوم السبت 14 نوفمبر الماضي، من هذا العالم فوجئ الوسط الثقافي بوفاة القاص الكبير سعيد الكفراوي عن عمر يناهز 81 عاما بعد صراع طويل مع المرض، ولد فى قرية كفر حجازى بالمحلة الكبرى لعام 1939، وبدأ شغفه بالأدب فى سن مبكرة، ينتمي الكفراوي إلى جيل الستنيات، ففي بداية الستنيات شكل ناديا أدبيا في قصر ثقافة المحلة الكبرى مع أصدقائه جابر عصفور، محمد المنسي قنديل، صنع الله إبراهيم ونصر حامد أبوزيد، وكان ذلك قبل أن يتعرف الكفراوي على الأديب العالمي نجيب محفوظ وتتوطد علاقته به.
تعرض "الكفراوى" للإعتقال قبل أيام من وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بسبب قصة كتبها، وبعد خروجه من المعتقل حكى ما حدث له لـ"نجيب محفوظ" فاستلهم من حكايته شخصية إسماعيل الشيخ فى روايته "الكرنك"، وترجمت أعماله إلى لغات عدة منها الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية والتركية، وترأس سعيد الكفراوى تحرير سلسلة "آفاق عربية" الصادرة عن الهئية العامة لقصور الثقافة .
من أهم أعماله مجموعته القصصية: "مدينة الموت الجميل"، "ستر العورة"، "مجرى العيون"، "كشك الموسيقى"، "يا قلب مين يشتريك"، "زبيدة والوحش"، وحاز الكفراوي على جائزة السلطان قابوس بن سعيد للقصة القصيرة عن مجموعته القصصية"البغدادية"، وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب لعام 2016 .
رفعت سلام:فقدت مصر فى 6 ديسمبر 2020، الشاعر الكبيررفعت سلام، عن عمر يناهز 69 عاما، بعد معاناة مع المرض، وهو واحدا من أبرز الشعراء الذى كان ينتمى إلى جيل السبعنيات، حاز على جائزة كفافيس الدولية للشعر فى عام 1993، ولد بمدينة منيا القمح فى محافظة الشرقية، التحق بجامعة القاهرة فى عام 1969 ودرس الصحافة وتخرج منها فى عام 1973، شارك فى تأسيس مجلة "إضاءة 77 "، وأسس مجلة"كتابات" الأدبية، صدر له تسعة داواوين شعرية، وترجم للعديد من الشعراء العالمين منها الاعمال الكاملة "لبودلير"، "بوشكين"، "ماياكوفسكى" و"آرثررامبو".
أصدر رفعت سلام أول ديوان شعري له عام 1987 بعنوان "وردة الفوضى الجميلة" ومن أشهر أعماله الشعرية ديوان "إشراقات رفعت سلام"، "إلى النهار الماضى"، "حجر يطفو على الماء"، "إنها تؤمى لى".
نبيل فاروق:غيب الموت فى 9 ديسمبر 2020، واحدا من أبرز كتاب الأدب البوليسى والخيال العلمى الدكتور نبيل فاروق الذي كان له فضل كبير فى انتشار هذا النوع الأدبي، والتفاف شريحة كبيرة من القراء حوله وخاصة المراهقين والشباب، التي باتت سلاسل الروايات الجيب مثل"رجل المستحيل" واحدة من أهم ذكريات أجيالا عديدة فى الوطن العربى.
ولد فاروق فى 9 فبراير 1956 فى محافظة طنطا، حصل على شهادة الثانوية العامة، التحق بكلية الطب فى طنطا وتخرج منها بدرجة بكالوريوس فى الطب والجراحة عام 1980، بعد نجاج سلسلتي "رجل المستحيل"، "ملف المستقبل" اعتزل الدكتور فاروق ممارسة الطب ليتفرغ إلى الكتابة.
حصل نبيل فاروق على جائزة من قصر ثقافة طنطا عن قصة "النبوءة" وذلك فى عام 1979، وفاز بجائزة المؤسسة العربية الحديثة بجمهورية مصر العربية عن قصته "آشعة الموت" والتى نشرت كأول قصة فى عدد سلسة"ملف المستقبل"، وفاز أيضا فى أكتوبر 1998 بالجائزة الأولى فى مهرجان ذكرى حرب أكتوبر عن قصة "جاسوس سيناء: أًصغر جاسوس فى العالم".
وجاءت سلسلة "رجل المستحيل" في 160 عدد، كذلك جاءت سلسلة "ملف المستقبل" فى 160 عدد، ومن اشهر أعماله أيضا سلسلة "زهور" والتي صدرت فى 30 عدد، وسلسلة كوكتيل 2000 فى 51 عدد، سلسلة"حرب الجواسيس"فى 6 أعداد وسلسلة"فارس الأندلس"فى 10 أعداد.
بهاء عبد المجيد:حالة من الحزن خيمت على الوسط الثقافي إثر وفاة الكاتب الدكتور "بهاء عبدالمجيد" متاثرًا بكوفيد ١٩ فى مساء يوم الأحد 13 ديسمبر 2020، وذلك بعد استغاثته بأيام قليلة عبر صفحته الشخصية فيس بوك بسرعة تدخل الجهات المعنية من الدولة لإنقاذه.
يذكر أن الكاتب الدكتور بهاء عبدالمجيد كانت له مسيرة علمية طويلة، فهو أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة عين شمس، وعمل أستاذا زائرا للأدب بجامعة "ترينيتي كوليدج" و"جامعة أكسفورد"، و حصل "عبدالمجيد فى عام 1996 على الماجستير في الأدب الإنجليزي بعنوان "موضوع العنف في شعر تيد هيوز عن الحيوان" من قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية – جامعة عين شمس، وفى عام 2000 حصل على درجة الدكتوراة أيضًا من قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية- جامعة عين شمس، وكان موضوع الأطروحة يدور حول " تطور التيمات الأدبية في أعمال شيمس هيني الشعرية".
صدر للكاتب الدكتور بهاء عبد المجيد، عدد من الأعمال الأدبية منها: المجموعة القصصية "البيانو الأسود"، رواية "سانت تريزا" 2001، "النوم مع الغرباء" و"جبل الزينة" في عام2005، "خمارة المعبد" 2011 ، بالإضافة إلى المجموعات القصصية "ورق الجنة" 2012 ، و"طقوس الصعود" 2016، وقد ترجمت ونشرت أعماله "سانت تريزا"، "النوم مع الغرباء" و"خمارة المعبد" إلى اللغة الإنجليزية، ووايتة الأخيرة "القطيفة الحمراء" والتى حازت على إشادات واسعة وصدى كبير فى الوسط الثقافى.
رضا غالب
توفي أمس الأحد 20 ديسمبر الجاري، الناقد الكبير رضا غالب أستاذ الدراما فى المعهد العالي للفنون المسرحية، كانت له بصمة واضحة ومؤثرة فى مجال النقد المسرحي من خلال كتاباته والدراسات المنشورة له، فمن أهم مؤلفاته "الممثل والدور المسرحى"، "الممثل العربى بين ستانسلافسكى وبريشت"، "الميتاتياترو المسرح داخل المسرح"، ويطرح هذا الكتاب تحديدا لمفهوم "الميتاتياترو" سواء على مستوى النص أو العرض، وكيف يتداخل مع المسرح فى العديد من الخصائص.
وقد نعته وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم، فى بيان رسمى، حيث أكدت على مكانته الكبيرة في مجال النقد المسرحى وكذلك مشاركته الفعالة فى العديد من الفعاليات المسرحية وتوجهت بالعزاء لأسرته وأصدقائه ومحبيه داعية الله أن يتغمد الفقيد برحمته.