وصف الدكتور فرحات عمر أو "الدكتور شديد" المسرح بأنه مدرج كبير يقف عليه الأستاذ الجامعي ليلقي على الطلبة عصير الفلسفة المحلي بالملابس والديكور والمكياج، فهو الحاصل في مستهل حياته على ليسانس الفلسفة بجامعة القاهرة وأعقبها بحصوله على الدكتوراه.. وقد رأى الدكتور فرحات أن هناك تشابه كبير بين الفلسفة والكوميديا وهناك رباط كبير بينهما، لذا عمل على تطبيق نظريات الفلسفة في أعماله الكوميدية.
لم يكن الدكتور فرحات عمر يعتقد يوماً أنه سيصبح ممثلاً، حيث اتصف بوقاره ونظارته السميكة، حتى عند الحديث تجده يتكلم بنفس أسلوب الأساتذة الكبار وهو منهم، عندما يلقون المحاضرات والدروس ويرسمون الـجاهات الفكرية، لذا كان يضغط على مخارج الألفاظ ويتحدث بأسلوب فلسفي، ونادراً ما كان يضحك.
تعرف "فرحات" على نجوم فرقة ساعة لقلبك في أول شبابه، وذات مرة قدمه أصدقائه إلى فهمي عمر في جلسة خاصة.. وجلس يشكو رئيسه في العمل عندما يوبخه عند حضوره متأخراً، وقلد أسلوب رئيسه وأيضاً رده عليه عند التأنيب.. ولم يكن فرحات عمر يدرك أنه يقوم بدور تمثيلي رائع أمام فهمي عمر والحضور الذين انفجروا ضاحكين عند رؤيته وهو يصف ما يحدث بينه وبين رئيسه.. تجهم "فرحات" وسأل الحضور .. إيه الحكاية؟ كلامي بيضحك ولا إيه؟ .. وهنا عرض عليه فهمي عمر أن يظهر في برنامج ساعة لقلبك في تمثيلية قصيرة يبرز فيها شخصية رئيسة في العمل بنفس الطريقة التى رواها أمامهم.. تردد في قبول العرض، لكن تحت ضغط وإلحاح زملائه وافق وأصبح من نجوم فرقة ساعة لقلبك.
وابتكر "فرحات" شخصية جديدة وهي شخصية الدكتور شديد، التي ترمز إلى الرجل الذي يتكلم برقة ويجامل بإبتسامة.. ثم طور الشخصية عندما صعد إلى المسرح ليواجه الجمهور للمرة الآولى، فقد كانت التجربة قاسية عليه ، فقد كان دوره أن يضحك الناس كما يفعل الممثلون الحقيقيون، ولم يكن له سابق معرفة بهذا الفن.. ولأنه حديث العهد بالتمثيل، فقد كان ينسي بعض كلمات دوره.. فيعيد الكلمة مرة ومرتين وثلاثة حتى يتذكر باقي الحوار مثل: "آه يا اخويه.. وماله .. آمال.. يارب يا خويه يارب".. وزادت تلك الكلمات المكررة من إضحاك الجمهور، ورسمت شخصية الدكتور شديد على المسرح بأنه الرجل المتردد، وقد شعر "فرحات" بذلك، لذا تعمد بعد ذلك أن يلصق التردد وتكرار الجمل والكلمات متعمداً في أدواره.
أصبحفرحات عمر ممثلاً محترفاً بعد ذلك في برامج الإذاعة وعلى المسرح وأيضاً قام بأدوار عديدة في السينما.. هذا بجانب عمله مذيعاً وناقداً فنياً في إستوديوهات الإذاعة البريطانية، ويروي أنه أصبح عاشقاً للتمثيل، وهذا ما أوجد اختلافاً بينه وبين زوجته ذات الأصول العريقة، فهي كانت ترى أن التمثيل عملاً لا يليق به.. لذا كان مضطراً لإقناعها بأن هناك علاقة بين الكوميديا والقواعد الإنسانية ودوران الفلسفة والإضحاك وجوداً وعدماً، ويشرح لها ذلك بطريقة فلسفية حتى تطلب منه أن يسكت ويفعل ما يحلو له.