الأربعاء 26 يونيو 2024

قرارات السيسي والعبور في عصر كورونا

مقالات25-12-2020 | 13:19

تفصلنا أيام قليلة عن نهاية 2020، العام الذي سيظل عالقًا في ذاكرة الجيل الحالي، وربما لأجيال مقبلة، بعد الحرب التي خاضها سكان الأرض رغمًا عنهم ضد فيروس كورونا، العدو غير المرئي الخارج عن قوانين الحروب التقليدية.


وبعد هدنة قصيرة تراجع خلالها معدل الإصابات، طوّر كورونا نفسه ليصبح أسرع انتشارًا، ودخل الآن جولة ثانية ضد البشرية، لتبدأ مؤشرات الإغلاق العالمي العام تلوح مرة أخرى في الأفق، وقبل نحو 10 أشهر مع بداية انتشار كورونا في مصر، اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارات مسرعة عدة، كانت درعًا للمواطن المصري احتمى به من ويلات العام 2020.


وكان القرار الأبرز للسيسي هو حماية حياة وأرواح الناس؛ بتخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة الآثار الناجمة عن جائحة كورونا، وفرض الإغلاق العام للحد من تفشّي (كوفيد-19)، وتوجيه حكومة الدكتور مصطفى مدبولي لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية قوت يوم المواطن المصري.


وفي الوقت الذي انتشر فيه السطو على المحال التجارية في أمريكا بحثًا عن الطعام والمال، وفي ظل نفاذ بعض السلع الغذائية في أوروبا، كان المواطن المصري ينعم بمخزون استراتيجي من السلع الرئيسة يكفيه لأشهر عدة، ولم يتأثر بما أصاب العالم من اضطرابات.


وعلى رغم ارتفاع أسعار السلع الغذائية في أغلب دول العالم، انخفض معظمها في مصر، واشتكى المصريون من كثرة الباعة الجائلين الذين جابوا شوارع المحروسة لبيع خيرات الأراضي المصرية، التي فاضت بما يكفي خلال الأشهر الماضية، وكان الاكتفاء الذاتي من معظم السلع الغذائية في مصر واضحًا، بل فتحت أوروبا أبوابها للمحاصيل المصرية في ذروة الإغلاق العام العالمي.


وأقدم السيسي على خطوة ملموسة لبسطاء مصر من الشباب والشيوخ غير العاملين بالقطاع العام أو الخاص، فأصدر توجيهاته بحماية العمالة غير النظامية التي تقتات "اليوم بيومه" من آثار جائحة كورونا، وفتحت مصر خزائنها لمنحة العمالة غير المنتظمة على مدار 3 أشهر، ليستفيد منها نحو المليون ونصف المليون مواطن، وعلى رغم تلاشي تأثيرات كورونا على هذه الفئة خلال الأشهر الماضية، إلا أن السيسي وجه حكومة مدبولي مرة أخرى لصرف المنحة لثلاثة أشهر مقبلة، بدأت في ديسمبر الحالي.


وبالعودة بالذاكرة إلى الأشهر الماضية، كانت إيطاليا التي يحلم الشباب بالسفر إليها تعاني من قلة الخدمات الطبية، وتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها، وكانت تعيش أزمة إنسانية غير مسبوقة، إلا أن المواطن المصري فوجئ قبل غيره بإرسال حكومته لمساعدات متتالية إلى الشعب الإيطالي، وقبله إلى الشعب الصيني، لتكشف مصر عن قدراتها الطبية والاقتصادية، في الوقت الذي عانت فيه دول العالم الأول، كما يسميها البعض، من (كوفيد-19).


ولم تكن حياة المواطن المصري وردية خلال الموجة الأولى من كورونا، ولكنه عاش تعيسًا بعد إغلاق المقاهي، ومنع الشيشة من الكافيهات، وإلغاء الحفلات، خوفًا على حياته، ولكن أكثر ما كان ينغص عليه أيامه هو المكوث في المنزل لفترات أطول، ومتابعة الكم الهائل من مسلسلات رمضان!، والتجمع الإجباري للأسرة المصرية، التي أعادت اكتشاف نفسها.


وخلال الأشهر الماضية كانت مصر محط اهتمام العالم ومؤسساته الاقتصادية، وبرزت الإشادات بأداء الاقتصاد المصري وقوته وصموده وقفزاته خلال جائحة كورونا، إضافة إلى تعظيم الدور المصري في السياسة العالمية خلال 2020، وقرارت السيسي التي حمت وحدة الأراضي الليبية، ومياه مصر الإقليمية في المتوسط من السطو الأردوغاني، والتحرك في الأمم المتحدة وحشد للمجتمع الدولي ضد القرارت الأحادية لإثيوبيا، إضافة إلى قلب الطاولة على جماعة الإخوان الإرهابية التي لفظها الشعب المصري، وسئم أكاذيبها ضده وآمن بقيادته وحكومته وقدرته على صنع وبناء الحاضر والمستقبل.


وسيظل عالقًا في التاريخ أن المصريين واصلوا البناء والتعمير في الوقت الذي توقف فيه العالم عن الحركة بسبب كورونا، وكانت الدولة المصرية تطبق شعار القوات المسلحة "يد تبني ويد تحمل السلاح"؛ يد تعمر ويد تخطو "خط سرت الجفرة".. يد تطبب ويد تحمي مقدرات المصريين في المتوسط.. يد تُشيّد ويد تحارب الإرهاب في الداخل وفي الخارج نيابة عن العالم.


إن يوميات 2020 تحمل الكثير في تاريخ المصريين من العمل والجهد والتحمل والصمود، بقيادة واعية للرئيس السيسي الذي اتخذ قرارت مسرعة، ووضع خطط وبدائل لحماية الشعب المصري من تأثيرات كورونا وقاد مصر للعبور من نفق 2020، بتنفيذ متناغم لحكومة الدكتور مصطفى مدبولي على الأصعدة كافة، وبوعي للمواطن المصري الذي منح الثقة الكاملة لمسؤوليه.


ويحمل كثيرون تطلعات وآمال وثقة لقيادة هذه الدولة العريقة الشامخة لعبور من الموجة الثانية من فيروس كورونا المستجد بسلام، وتكرار النجاح الذي تحقق في الجولة الأولى، ولكن يبقى التزام المواطن المصري بقرارت حكومته حجر الأساس في تلك المواجهة التي بدأت بشراسة.