تحل اليوم ذكرى ميلاد هنري ميلر الذي ولد في مثل هذا اليوم من العام 1891، وكانت كتاباته عبارة عن خليط بين
القصة الطويلة والسيرة الذاتية، وهو الأمر الذي لم يكن متعارف عليه في الكتابة
الأدبية في ذلك الوقت.
وعرف عن الرسام والروائي الأمريكي هنري ميلر، تمرده على الاتجاه الأدبي العام في أمريكا، وبدأ يكتب نوعا جديدا من الأدب.
وكتب هنري ميلر عن التصوف، النظرات الفلسفية
والنقد المجتمعي، وكتب عن الواقع والخيال، ومن أكثر مؤلفاته شهرة رواية "مدار
السرطان" والتي تم نشرها لأول مرة في عام 1934، لكن تم حظرها فيما بعد لأنها مخالفة
للمعايير المجتمعية حينذاك، وفي العام 1961، تم إعادة نشرها للمرة الثانية، لكن تم
حظرها مرة أخرى ومحاكمة الناشر، لكن في النهاية، أعلنت المحكمة العليا في الولايات
المتحدة الأمريكية في عام 1964، أن هذه الرواية لا تخالف المعايير، وأنه يمكن
اعتبارها على نطاق واسع بأنها "تحفة
مهمة في أدب القرن العشرين".
وتدور رواية "مدار السرطان" بين عدة متناقضات كما هي أفكار وحياة
الكاتب، جمع فيها بين الواقع والخيال، وتحدى بين صفحاتها الأعراف المجتمعية وقتئذ،
فكتب عن عقله الباطن، وما يدور بداخله، فهذه الرواية تؤرخ لحياة هنري ميلر في حقبة
العشرينيات من القرن الماضي، في مدينته التي عاش فيها "نيويورك".
لكن أولى رواياته على الإطلاق كانت بعنوان
"أجنحة مقطوعة" وهي لم يتم نشرها أبدا، حتى إنه لم يبق على القصاصات التي
كان بدأ يكتب فيها، وكانت عن قصص لحيوات إثنى عشر ساعيا يعمل في "ويسترن
يونيون" حيث كان يعمل ميلر لسنوات طوال بعيدا عن حياته الإبداعية، وبينما قال
ميلر بنفسه عن "أجنحة مقطوعة" بأنها سيئة للغاية، فقد استخدم أجزاء منها
في أعمال أخرى، منها روايته "مدار الجدي" التي صدرت في عام 1939، وهي
ثالث رواية في ثلاثية ميلر بعد "مدار السرطان" و"ربيع أسود" حيث
عبرت تلك الثلاثية عن حياة الكاتب في حي بروكلين بنيويورك، والتي كتبها بطريقة
"السرد السريالي" تلك الطريقة الأقرب لرسوماته الشخصية وأفكاره التي عبرت
عن تيار الوعي في الأدب الأمريكي في تلك الفترة، والتي يستطيع فيها الكاتب أن يطلق
العنان للذكريات، المشاعر والانطباعات لديه، وأن يكتب وفق ما تمليه عليه دون قواعد
أو قوانين.
ثلاثية تشبه قصيدة من السرد، تحكي عن انحطاط
الحلم الأميركي في أحياء نيويورك الخلفية، بلهجة شديدة الحيوية وصورة إبداعيّة
تعكس عبقرية هنري ميلر، لأنه بالرغم من تلك الواقعية الشديدة، فإنه كتب ثلاثيته
بكثير من الأمل، البهجة وقليل من الجمود.