أتاحت "وكالة الاستخبارات التركية" MIT وثائق سرية لعناصر"تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا – داعش " لمساعدتهم على تجنب الملاحقة والإفلات من التعقب من قبل وكالة إنفاذ القانون المسؤولة عن المناطق الحدودية والمناطق الريفية والنائية.
وتضمنت الوثائق السرية المسربة "كتيب العمل السري" الخاص بوكالة إنفاذ القانون، والذي يقع في 832 صفحة، ويغطي موضوعات "الأمن الداخلي" و"قراءة الخرائط"، وهي المعلومات التي تستخدم في قاعات الدرس المخصصة للمدارس العسكرية لقوات الأمن.
وبحسب تقرير للمركز الاوروبى لمناهضة التطرف ، اكتُشفت تلك الوثائق المسربة مخزنة على قرص تخزين ملفات "هارد ديسك" أجهزة حاسب آلي صودرت من منازل عناصر إرهابية تابعين لتنظيم "داعش" وينتمون إلى ما يعرف بـ"خلية تركيا" التي يقودها إلهامي بالي، العقل المدبر للعديد من التفجيرات والهجمات في تركيا، وهو يعد أحد عملاء الاستخبارات التركية "ميت".
ويعتقد على نطاق واسع أن الوثائق سُلمت لتنظيم "داعش" عن طريق "وكالة الاستخبارات التركية"، التي نسقت شن عدد من الهجمات بالتعاون مع عملاء تنظيم داعش في تركيا، من أجل الترويج للأجندة السياسية لحكومة رجب طيب إردوغان.. وكان حزبه الحاكم "العدالة والتنمية" فقد حصة الأغلبية في البرلمان في انتخابات 2015، لأول مرة منذ 13 عاماً، غير أنه استعاد تلك الأغلبية في انتخابات مبكرة جرت في نوفمبر 2015 على وقع تفجيرات إرهابية كبرى ووجهت أصابع الإتهام إلى تنظيم "داعش" الإرهابي.
وبحسب التقرير .. افتضح أمر العملية السرية غير الشرعية لوكالة الاستخبارات التركية في 30 أكتوبر 2015، عندما أرادت قوات الشرطة استيقاف سيارة تحمل لوحات رقم 21FN027، في كمين مروري اعتيادي على أحد طرقات مدينة غازي مختار باشا الواقعة على الحدود السورية، والمتاخمة لإقليم غازي عنتيب الجنوبي التركي. غير أن قائد السيارة حاول الالتفاف والهرب من الكمين، وألقى قنبلة يدوية على عناصر الشرطة، غير أن القنبلة لم تنفجر، وتمكن عناصر الكمين من قطع الطريق وإلقاء القبض عليه، وتبين أنه أحد عناصر تنظيم "داعش"، ويدعى عبدالقادر ديمريل، ويبلغ من العمر 26 عاماً، وكان بصحبته رفيقه في التنظيم يوسف كابايل (32 عاما).
وعثرت قوات الشرطة في سيارة ديميريل على قنبلتين، وطبنجة تسليح شخصي، وسترة مفخخة بسبعة كيلوجرامات من مادة تي إن تي المتفجرة. ولدى خضوعه لأول جلسة تحقيق، اعترف ديميريل بأنه تلقى أوامر عميل الاستخبارات التركية "إلهامي بالي" لتنفيذ هجوم انتحاري على مكتب تابع لـ"حزب الشعب الكردي الديموقراطي" HDP في مدينة إسطنبول في 31 أكتوبر لعام 2015. وأردف قائلاً إن رفيقه كابايل ساعده على العبور من سوريا إلى الأراضي التركية، وأنهما كانا في طريقهما إلى إسطنبول لتنفيذ العملية. وأفادت اعترافات ديميريل أن تاريخ الهجمة الانتحارية لتنظيم "داعش" تتزامن مع أجندة الانتخابات التركية، إذ أن العقل المدبر أراد لهذا التفجير أن يحدث قبيل انتخابات نوفمبر.
وصودر حاسب آلي محمول (لاب توب) وثلاث وحدات تشغيل وتخزين خارجية (هاردات خارجية) من المشتبه فيهم. وقام خبراء في تكنولوجيا المعلومات بفحص "اللابتوب" ووحدات التشغيل واستخراج محتوياتها وإرفاقها بمستندات القضية التي عرضت على المحكمة الجنائية العليا الثانية في غازي عنتيب ضد المشتبه فيهم.
وكشف تقرير خبراء تكنولوجيا المعلومات، الذي خرج في 49 صفحة، أن تنظيم "داعش" أُتيحت له وثائق سرية حساسة تساعدهم على التخفي والإفلات من قوات الدرك والشرطة في المناطق الحدودية. كما كشف أن ميليشيات تنظيم "داعش" تمكنت من اختراق تسع نقاط شرطة في المنطقة، وقاموا بالتجسس عليها، ورصد تحركاتها ومكالماتها، وتصوير العناصر الأمنية فيها. والتقطت إحدى الصور لمقرات الشرطة الإقليمية التي هوجمت عن طريق انتحاري مفخخ تابع للتنظيم في أول مايو 2016 وتسبب في مقتل ضابطين شرطة.
وأظهر كتيبان للعمل أعدتهما "داعش" في تركيا نوعية الهجمات الإرهابية التي تخطط لها المنظمة، وخرج أحدهما تحت عنوان "مسار السموم" (زيهيرلير كورسو باللغة التركية)، والآخر بعنوان "مسار التفجيرات" (باتلايشيلار كورسو). ويعتقد أن تنظيم "داعش" كان يخطط لتسميم خزانات المياه في المدن الكبرى لإثارة الفوضى وإيقاع أعداد كبيرة من الضحايا. كان من بين الوثائق مستندات تمكن خبراء تكنولوجيا المعلومات من استعادتها من ملفات ملغاة من محركات الحواسب الآلية.
كانت تقارير لمركز مناهضة التطرف الاوروبى نشرت هذا العام وثيقة داخلية للشركة السرية التركية كشفت فيها كيف كانت وكالة الاستخبارات التركية MIT تستضيف العقل المدبر "إلهامي بالي"، الذي يشتهر في تنظيم داعش باسمه الحركي أبو بكر أو أبو بكير، في أحد أرقى فنادق أنقرة بعد سلسلة من الهجمات الدامية في تركيا. وتعرض المحققون الذي كشفوا الروابط التي تجمع بين بالي والاستخبارات التركية للفصل والإبعاد من جانب حكومة إردوغان التي "دفنت" التحقيق داخل وكالة الاستخبارات التركية. غير أنه بعد ثلاث سنوات، وبالتحديد في أبريل 2019، تم الحكم على ديميريل وكابايل في نهاية المحاكمة بالسجن، بينما لم تجر أي تحقيقات بشأن صلات "وكالة الاستخبارات التركية" بعناصر تنظيم "داعش".
وتشير التقارير إلى أن ثلاثة من أكثر الهجمات الإرهابية الدموية التي وقعت في تركيا في عام 2015، وتسببت في مقتل 142 ضحية، حملت توقيع وبصمة العميل إلهامي بالي (أبو بكر)، الذي أدرج على رأس المشتبه فيهم في ارتكاب أكثر الهجمات الإرهابية وحشية في تاريخ تركيا في الهجوم الانتحاري الذي نفذ في 10 أكتوبر عام 2015 في أنقرة. وقد تسبب هذا الهجوم في مقتل 105 مدنيين، بما فيهم الإرهابيان الانتحاريان، وكان عنواناً لاستهداف "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش " ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والداعمين للأحزاب والتيارات اليسارية والكردية الذين كانوا ينظمون مسيرة سلمية خارج محطة القطارات الرئيسية في المدينة قبيل أسابيع من الانتخابات المبكرة التي عقدت في أول نوفمببر 2015. كما شن تنظيم "داعش" هجوما انتحاريا آخر في مدينة سوروش في 21 يوليو 2015، والذي خلف 33 قتيلاً، وكان من تدبير إلهامي بالي (أبو بكر)، حسبما تقول السلطات التركية.