هالة زكى
عنوان الرواية التي تصدر في سلسلة روايات الهلال الشهرية للكاتب الروائي السوداني عبد الحميد البرنس بتاريخ ١٥ / ٥ / ٢٠١٧
ثمة عتمة ..
علي أرض الحوش الترابية القاحلة الجرداء تماما من خضرة ، لا قاتمة ولا خفيفة بين بين أما بعيد ، أعلي من ذري جبال العاديات ، وخلف مزق تلك السحب البيضاء القليلة المتفرقة ، فالسماء صافية .. حانية حتي .. ومضيئة .
مع ذلك ، لا قمر هناك ، ولا شمس .
هكذا ، بدأ الوقت نهارا أو ليلا ، أو نحو ذلك ، عندما أقبل علي عجل وغير توقع رجل طويل القامة ، علي محياه آثار النعمة ( واضحة وجلية ) .
تماما كما لو أن طعامه الضياء ، أما شرابه فالمطر ( لم يلامس قط أرضا ) .
أبيض البشرة ، شديد سواد الشعر ، باختصار ، لم تكن ملامحه تشبه ملامح أهل " هذه المدينة " في شيء .
أخيرا توقف ، شمر عن ساعده الأيسر ، وطرق بحذر ولكن بقوة تكفي كي تسمع باب حوش بيت الداية القانونية أم سدير ثلاثا .
ثم انتظر صامتا بمقدار ما هدأت أنفاسه ، لم يكن ثمة من عرق ينز عبر مسام جلده ، إطلاقا .
كان يرتدي جلبابا نظيفا أحمر رفيع الياقة ، عمامته زرقاء متقنة اللف صاعدة علي نحو مخروطي .
نعله ذو السير العريض المخلوف من جلد بعير أشهب ، مصقول ولامع ، كما لو أنه بدأ به المشي للتو ، حول عنقه تلتف مسبحة حجازية طويلة خضراء تتدلي مثل ثعبان ميت إلي أسفل صدره .
لم يمض وقت طويل علي وقفته المشحونة بالترقب تلك عندما فتح وعلي غير العادة من دون أدني ضجة تذكر باب خشب السنط العتيق علي مصرعيه .
وأطل من خلاله وجه الداية القانونية أم سدير وقد بدأ ( ليس بشوشا كسابق العهد به ) بل قاتما ، صنميا ، جهما ، باردا ، وخال باختصار شديد من أي علامة حية .
جدير بالذكر أن عبد الحميد البرنس ولد في مدينة كوستي السودانية ويعيش متنقلا بين مصر وكندا وإستراليا وصدر له مجموعة قصصية " ملف داخل كمبيوتر محمول " ، علي درب البلاد البعيدة ، مشاهد من رحلة يوسف الأخيرة في سلسلة أفاق عربية والتي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة .