السبت 18 مايو 2024

من «ضرب الودع» إلى «التاروت».. ومن «أبو رماح» لـ«بابا فانجا».. النصب على العالم بـ«البنورة المسحورة»

تحقيقات27-12-2020 | 15:31

"هافتح الودع وأقرطس الجدع وأعمل حجاب مسحور لو شافه القمر ما يدور"، هكذا نصب مدرس الفلسفة "مستطاع الطعزي"، (الذي قام بدوره الفنان الراحل أحمد زكي في فيلم البيضة والحجر)، مستغلًا في ذلك ذكاءه العقلي وجهل المجتمع حتى أصبح رجلًا معروفًا وثريًا من خلال نصبه على كثير من الناس، ويعود ذلك للفضول في طبيعة البشر، إذ أصبح التعرف على علوم التنجيم والتي تدعي التنبؤ بالغيب حاضرا بقوة في بعض المجتمعات، فالكل طواق لمعرفة ما سيحدث في هذا العالم المتقلب، وفي نهاية كل عام يتسمّر المشاهدون أمام الشاشات لمتابعة ما يسمى بالعرافين والعرافات على حساب المهنية والشفافية. 


وعلى رغم إيمان البعض منا بكذب ما يقوله المنجمون بشأن ما يتعلق بالمستقبل فإننا نجرب من باب التسلية، لذا نجد هذا الإقبال على علم الخرافات، كما يسميه العلماء، إقبالًا واسعًا، حتى أصبحت له ضروب وطرق شتى، منها الموجودة في التراث الشعبي لبعض الشعوب مثل قراءة الكف، عبر قراءة التعرجات والخطوط على كف الإنسان، التي عُرفت قديما (تعود لنحو 3000 قبل الميلاد) في بلاد الرافدين الهند والصين، ويعد "أنجاويدا" هو أقدم توثيق مكتوب يلقي الضوء على هذه الممارسة في الهند، كما عرفها اليونانيون والرومان وأسموها "قحافة اليد"، ومنذ القرن الرابع الميلادي حظرت الكنيسة قراءة الكف وكان كل من يخرق هذا الحظر يعتبر كافرا، ومع توافد الغجر على أروبا في العصور الوسطى انتشرت طرق قراءة الكف بشكل كبير، وكذلك في عصر النهضة، ومن وجهة نظر العلم هي مجرد خزعبلات ولا توجد أي أبحاث تثبت صحتها.، جعلت بعض الناس فريسة سهلة للدجالين والنصابين.


يأتي بعد ذلك "ضرب الودع" كأقدم وسائل التنجيم، وفي الغالب تقوم بها النساء، وتقوم المنجمة بضرب أو تحريك الودع بشكل عشوائي تدعي من خلاله قراءة بعض الأمور وليس فقط التنبؤ بالمستقبل، ويعد الغجر هم أشهر من قاموا بضرب الودع، ومن الطريف أنه يشترط وضع بعض النقود ليتمكن من قراءة الطالع بصورة أوضح.


أما قراءة الفنجان فهي عادة قديمة مارسها الأترك عند المعابد، إذ كانوا يقومون بشرب القهوة وترك الفنجان للبابا لقراءة المستقبل، وبنظر المنجمون هناك طرقا وشروطا كي تكون القراءة صحيحة كما يدعون كأن تكون القهوة سادة ومضاف إليها بعض الروائح كالعنبر وحب الهيل، وأن يتنفس صاحبها شهيقا وزفيرا مع كل رشفة، ويرجع علماء النفس هذه الظاهرة إلى الكبت والضغوط النفسية التي يعاني منها الشخص وعجزه عن حل مشكلاته بطرق علمية سليمة.


وانتشرت أخيراً "أوراق التاروت" وهي عبارة عن مجموعة من الصور الرمزية يستخدمها العراف لقراءة حياة الشخص ومستقبله "كما يدّعي"، واختلفت أصول تسميته إذ ينسبها البعض إلى كلمة توراة، ويرى آخرون أنها مركبة من كلمتين بالهروغليفية "تا" و"رو"، ويقصد بها الطريق الملكي، كما قيل إن أصلها هندوسي نسبة إلى Tara أم الآلهة الهندوسية، ولم يعرف أحد كيف نشأت هذه الممارسة، إلى أن أنطوان كورت مؤلف كتاب "العلم البدائي" يرى أن أول ظهور لهذه الأوراق كان بأوروبا في منتصف القرن الرابع عشر.


أما الكرة البلورية فتعتبر من أشهر أدوات العرافين للكشف عن الطالع، إلى جانب المرايا السوداء وماء البحيرة الراكد، وقد جاءت في القصص الشعبية كعلامة مميزة للسحرة والأشرار، ويعتبر العرافون بلورة الكريستال أفضل تلك الأنواع إذ أنها تحتوي، كما يزعمون، على بعض الذبذبات.


ويرى آخرون أنه لا يهم معدن البلورة، ويرى علماء النفس أنها محض خرافة لا أكثر، وأن الأجواء التي يقوم بها العراف تنقله من حالة ذهنية إلى حالة ذهنية أخرى مختلفة عن حالة الوعي الكامل وما يراه من خيالات وصور ناتجة عن تأثير الإضاءة الخافتة وحالة الهدوء والتركيز.


واليوم نشاهد ظهور بعض العرافين والعرافات مثل "أبو رماح الخزان" وهو عراف يمني يرفض الظهور في وسائل الإعلام ويكتفي فقط بالإشارة باللقب، ویکشف توقعاته للمقربين منه، حيث يقول إنه ورث علم التوقعات من جده الذي صدقت معظم توقعاته خلال العقود الماضية.


وقال العراف اليمني، إن اليمن ستشهد حرباً طاحنة بين كل الأطراف بشكل حاد في بداية النصف الأول من العام المقبل، مع صعوبة أي طرف في حسمها، كما توقع أن العام المقبل سيشهد خلافاً حاداً بين الإمارات والانتقالي.


أما على مستوى العالم، فقال العراف أبو رماح، إن الأوضاع في ليبيا ستتحسن، ويعود لها الاستقرار بشكل نسبي، وفي سوريا كذلك تستقر الأوضاع ويتحسن الاقتصاد ويبدأ السوريون بالعودة، وهناك احتمال كبير مع منتصف العام يموت زعيم عربي، كما تنبأ بحدوث مجاعة قوية في القرن الإفريقي وتتجدد الصراعات المسلحة بين الفصائل في القرن الإفريقي.


وتوقع أيضا، أن زلزالا قويًا يضرب إحدى الدول الأوروبية، وتتأثر دولة عربية من الزلزال، بالإضافة إلى انهيار اقتصادي لثلاث دول أوروبية بسبب فيروس كورونا، وانتشار وباء جديد في أمريكا وحدوث وفيات كبيرة بسبب هذا الوباء.


ومن قبله انتشرت نبؤات العرافة البلغارية "بابا فانجا" للعام 2021، حيث تنبأت بمعاناة العالم للكثير من الكوارث في السنة المقبلة، لافتة إلى "تنين قوي" سيستولي على الأرض، حيث فسّر كثيرون ذلك بالهيمنة المتزايدة للصين في العالم.


ومن أبرز توقعات "بابا فانجا" للعام 2021، والتي أعلنت عنها قبل وفاتها في العام 1996، توصل العالم إلى علاج لمرض السرطان، حيث قالت: "سيأتي اليوم الذي يربط فيه السرطان بسلاسل حديدية".


وبالطبع يأتي على رأس العرافين المشهورين نوستراداموس قبل أكثر من 400 سنة خلت، حيث ظهر الرجل في فرنسا، مدعياً كشف أسرار الغيب بقراءتها في الماء، ولايزال الغرب يمجده إلى حد الساعة، بسبب نبوءات جاءت مصادفة في أبيات تقبل ألف تأويل.


ففي العام 1555، صدر كتاب باسم "التنبؤات العظمى"، لطبيب فرنسي يدعى ميشال دي نوتردام، اشتهر بعدها بـ"نوستراداموس"، وجاءت أول طبعة عبارة عن 942 رباعية شعرية، تتنبأ بما سيحدث في القرون المقبلة؛ حيث صاغ نوستراداموس نبوءته بالتشفير الذي يزيد من حالة الغموض على الطريقة اليهودية، وكان يضع لكل قرن مائة بيت من الشعر تتضمن مائة نبوءة، لكل عام نبوءة، لذا سميت بـ"القرون".


ومن أشهر تنبؤات العراف استنتج مفسرو كتاب نوستراداموس أن بعض النبوءات تحققت، مثل اختراع الطائرة أو "الطيور الحديدية"، والقنبلة الذرية والكهرباء والاستنساخ وظهور نابليون وهتلر أو "هسلر كما تقول النبوءة"، وقيام وسقوط الاتحاد السوفيتي الذي رمز له باسم "إمبراطورية الدبّ".


ويتنبأ العراف بأنه في القرن الحادي والعشرين سيتلون جلد الإنسان، وسيستعيد المسلمون قوتهم وسيغزون أوروبا ويؤسسون ما يعرف بالولايات المتحدة الإسلامية.


ويعتقد البعض أن الرباعية 81 تنبأت بفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية لعام 2016، وجاء فيها: "الغني الشقي ينتخب حاكماً للجيش، الجسر انكسر، وعمّ الخوف"، ومن بين مناصب الرئيس الأمريكي القائد الأعلى للجيش، ما جعل البعض يقفز إلى الاستنتاج أنها عنه.

    الاكثر قراءة