شهدت أسعار البطاطس خلال الأيام الماضية تراجعا ملحوظا، وسط مطالبات من المزراعين بإيجاد حلول لمواجهة الخسائر التي تكبدونها نتيجة هذا الانخفاض، فيما تعمل وزارة الزراعة بالتنسيق مع الغرف التجارية لإيجاد حلول لهذه الأزمة بهدف تنظيم الأسواق، فيما أكد مراقبون أن هذه الأزمة مؤقتة بسبب جائحة كورونا ولن تؤثر على المساحات المزروعة من البطاطس خلال الفترة المقبلة.
وفي تصريحات له أمس، قال السيد القصير وزير الزراعة، إنه تم فتح 11 سوقا جديدة لتصدير المحاصيل الزراعية في الخارج وأبرزهم البرازيل واليابان فى ظل جائحة كورونا، مضيفا أن دور وزارة الزراعة قائم على توفير منتج جيد وفتح أسواق خارجية للتصدير، وفي بعض الأوقات تحدث زيادة في المعروض عن الطلب وهذا الأمر يحتاج إلى تنظيم مع جمعيات البطاطس، مشددا على ضرورة التزام المزارعين بالمساحات المخصصة لزراعة البطاطس كل عام.
كورونا السبب
وعن هذه الأزمة، قال الدكتور محمود سامي، أستاذ الخضر بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، إن أزمة تراجع سعر البطاطس السبب الأساسي لها هو جائحة كورونا وليس زيادة مساحة الأراضي المزروعة، مضيفا أن مساحات البطاطس والإنتاجية في نفس المعدل من كل عام، لكن الجديد هو تراجع الطلب بسبب جائحة كورونا منذ العام الماضي.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم"، أن المحال والمطاعم والفنادق والسياحة وكذلك مصانع الشيبسي والفارم فريتس كلها تأثرت بسبب جائحة كورونا، فبعض المصانع أغلقت وبعضها خفض ورديات العمل من 3 ورديات إلى واحدة فقط وتخفيض ساعات العمل مما أدى إلى انخفاض الإنتاج، مضيفا أن زيادة أعداد الإصابات بفيروس كورونا قد يؤدي إلى استمرار انخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة خاصة مع بدء طرح المحصول الجديد من البطاطس.
وأضاف أن بعض المزارعين خزنوا المحصول من العام الماضي على أمل انتهاء الجائحة لكن استمرارها دفعهم لطرح المحصول المخزن في الثلاجات إلى الأسواق ومع طرح المحصول الجديد فسيزداد المعروض بشكل أكبر، موضحا أن وزارتي التجارة والتموين من المفترض أن يضعوا خطة لتسويق هذا المحصل لإنقاذ المزارعين من خسائرهم، لأن البطاطس تزرع ثلاث عروات في السنة.
وأشار إلى أن وزارة الزراعة تحاول عن طريق إدارة الحجر الزراعي فتح أسواق خارجية جديدة لزيادة الصادرات من المحاصيل وخاصة البطاطس التي تعتبر المحصول الثاني الأعلى في الصادرات بعد الموالح، مضيفا أن ظهور سلالة جديدة من كورونا أدى لعودة الكثير من الدول للغلق مرة أخرى، وخاصة أن معظم الصادرات المصرية الزراعية موجهة إلى الاتحاد الأوروبي.
وأكد سامي أن مصر تحتل المركز الخامس على مستوى العالم في تصدير البطاطس وفقا لآخر الإحصائيات، مشيرا إلى طن البطاطس وصل سعره الآن إلى ما بين 800 جنيها إلى 1000 جنيها، مما أدى لخسائر كبيرة للمزارعين، حيث كان سعر الطن في السابق يصل إلى 3 آلاف جنيها، وهو أمر يهدد معظم المحاصيل.
ولفت إلى أنه من الوارد أن تلجأ بعض الدول إلى توفير احتياجاتها من المحاصيل الزراعية من مصر، بعد أن قررت الكثير من الدول المصدرة للمحاصيل الزراعية الغلق مرة أخرى، كما حدث في الثوم، حيث توقفت بعض الدول عن الاستيراد من الصين بعد ظهور الفيروس مما أدى لزيادة الصادرات المصرية منه.
وأشار إلى أن هذه الأزمة واستمرار الجائحة قد يؤدي إلى عزوف بعض المزراعين عن زراعة البطاطس الفترة المقبلة، مما قد يؤدي إلى تراجع المساحات المنزرعة حيث قد يزرعوا المحاصيل الحقلية لأنها قابلة للتخزين بخلاف الخضروات، مؤكدا أهمية أن تتعاون وزارة الزراعة مع وزارتي التجارة والتموين لتسويق المحصول فضلا عن تفعيل دور التعاونيات لتعويض الفلاحين ليستطيعوا الاستمرار.
أزمة مؤقتة
فيما قال سيد خليفة نقيب الزراعيين، إن المساحة المزروعة من البطاطس والإنتاج هذا العام تقريبا هو نفس الحجم من كل عام، لكن أزمة كورونا وغلق المطاعم وتوقف حركة السياحة أدت إلى حدوث أزمة تراجع سعر البطاط بشكل كبير خلال الفترة الماضية، مضيفا أن هذه الأزمة مؤقتة وليست دائمة حيث ستنتهي بمجرد عودة الحياة لطبيعتها.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن نمط الغذاء المصري ينبغي أن يتغير فبدلا من استهلاك كميات كبيرة من الأرز والقمح، ينبغي تغيير هذا النمط واستبداله باستهلاك البطاطس كأحد أنواع النشويات المتوافرة خلال هذه الفترة بشكل كبير، مؤكدا أن مصر كانت تستقبل سنويا من 6 ملايين إلى 9 ملايين سائح، وبعد توقف الحركة بسبب الجائحة تأثر الاستهلاك وزاد حجم المتاح من المنتج وانخفضت الأسعار.
وأشار إلى أن ما يقال عن إلقاء المزارعين للمحاصيل في الشوارع والترع أمر غير صحيح، فتكلفة جمع المحصول تصل لـ3 آلاف جنيها ويستحيل بعد أن يتحمل المزارع هذه التكلفة أن يلقي بالمحصول في الشارع، مضيفا أن المحصول لم يحقق العوائد الاقتصادية المرجوة للفلاحين، وتعرض الفلاحين لخسائر لأن السعر لم يكن مجزيا ولم يحقق الربحية المتوقعة.
وأكد أنه مع بدء توافر لقاح كورونا وتحجيم هذه الجائحة وعودة الحياة تدريجيا لأنحاء العالم ستعود الأمور لطبيعتها، مضيفا أن حدوث هذه الأزمة لن يؤدي إلى تراجع المساحات المزروعة من المحصول في المستقبل، لأن الفلاح يعرف ربحية البطاطس وأن ما حدث هذا العام هو أمر استثنائي.
جهود الزراعة
ومن جانبه، قال الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، إن البطاطس هي أحد المحاصيل التصديرية وتعد المحصول الثاني في الصادرات الزراعية المصرية، وتحتل مصر المرتبة السادسة على مستوى العالم في تصدير البطاطس، مضيفا أن هناك ظرفا استثنائيا أثر على العالم أجمع وهو أزمة كورونا ما أدى إلى حدوث أزمة انخفاض أسعار البطاطس خلال الفترة الماضية.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن العام الماضي شهد أزمة ارتفاع سعر البطاطس بشكل كبير وكانت وزارة الزراعة حريصة على تقدير الإرشاد اللازم للمزارعين، وتم رفع إنتاجية الفدان من 15 طن إلى من 18: 20 طن للفدان، وهو ارتفاع جيد في إنتاجية البطاطس وحقق عائدا جيدا للمزارع، مضيفا أن دور وزارة الزراعة هو تعظيم العائد والمتاح والمعروض من المحاصيل في الأسواق.
وأكد أن وزارة الزراعة تتواصل مع الغرف التجارية، كونها معنية بشكل كبير بتنظيم الأسواق، وهناك جهودا كبيرة في هذا الإطار بهدف تعظيم عمليات التخزين والتداول والتصنيع الزراعي للبطاطس للدخول في أشكال صناعية مختلفة مما يساهم في زيادة فترة صلاحيتها وتداولها بشكل أسهل مما سيؤدي إلى استقرار مستوى الأسعار، إن لم يكن هذا العام فسيكون في الأعوام القادمة طفرة أكبر في استقرار الأسعار.
وأشار القرش إلى أنه تم فتح أكثر من 22 سوقا جديدا خلال العام الجاري، حيث تهتم وزارة الزراعة بفتح أسواق جديدة للصادرات المصرية وتحسين القدرات السوقية ومراقبة الجودة للحفاظ على المعروض من البطاطس ليكون على أعلى مستوى، مضيفا أنه من المهم وضع آليات منظومة التصنيع الزراعي وتسهيل التداول من خلال منظومة سلاسل الإمداد منذ بدء معاملات ما بعد الحصاد حتى الوصول إلى المستهلك.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الزراعة أن هناك جهات معنية بتنظيم الأسواق وكذلك الغرف التجارية لتطوير عملية تداول المحاصيل، ويتم التنسيق معهم بهدف استقرار السوق الفترة المقبلة بشكل أكبر، مشيرا إلى أنه هذا العام هو استثنائي فواجه العالم أزمة كورونا أضرته بشكل كبير، والوزارة تعمل على زيادة المعروض وتوعية الفلاح.
ولفت إلى أن وزارة الزراعة قامت بمجهود كبير لرفع إنتاجية الفدان وتحسين جودة المنتج المعروض واستعمال أدوات وأسمدة ومستلزمات تضمن جودة المنتج، وما يتبقى هو تنظيم الأسواق عبر الجهات المعنية عن ذلك داخل الدولة، مضيفا أنه من المستبعد أن تتقلص المساحة المزروعة من البطاطس لأن المزارعين لديهم خبرة كبيرة ويعرفون أن هذا العام طارئ.