تقدم حرب أكتوبر
دروسًا هامة وملمهة في عالم المال والأعمال، فلا يجب النظر أبدًا، لحرب أكتوبر على
أنها مجرد عمليات عسكرية، فهمي نموذج في التخطيط، حيث أن التخطيط الناجح لا يترك أي
تفاصيل قد تبدو غير هامة ولكنها تؤثر في نجاح العمل ككل.
حديثًا،
وبانتشار مفهوم ريادة الأعمال يسعى رواد الأعمال من جميع أنحاء العالم للاستفادة
والاطلاع على جميع الخبرات الملهمة والمبدعة في جميع المجالات، ومن شتى بقاع الأرض،
ويمكن أن يستخلص من حرب أكتوبر دروس هامة لرواد الأعمال بتقديمها حلول مبتكرة
للمشكلات ونستعرض بعض النماذج المبتكرة لهذه المشكلات وحلها.
يمكن القول أن
التأمل في الطبيعة الكونية قد يكون أهم مصدر من مصادر الإبداع فقد نجد حلول بسيطة
للغاية لمشكلات عميقة جدًا.
حصار كبريت
تمكن الجندى
المصرى صبرى هيكل، أحد أفراد الكتيبة 603 مشاة، من اختراع جهاز لتحلية مياه البحر
أثناء الحصار المفروض علي نقطة كبريت الحصينة بعد تحريرها من العدو، وذلك لتقليل
الآثار السلبية للحصار الذى فرضه الإسرائيليون، حيث تمكن من اختراع جهاز تحلية
للمياه من بقايا خردة الدبابات القديمة، وأن الجهاز كان بإمكانه تقطير وتحلية نصف
لتر مياه فى كل مرة .
تدمير الساتر
الترابي بخط بارليف
كان السؤال الذي
يدور في بال القادة هو كيفية فتح ثغرات فى الرمال والتى لا تؤثر فيها الصواريخ؟ وفي
آلية من الآليات والتي تشبه إلى حد كبير جلسات العصف الذهني، حيث تم تقدير قيمة الإبداع
وكل فرد كان لديه فكرة مؤثرة كنت تصل لصناع القرار وبحث إمكانية تنفيذها علي أرض
الواقع، وقد جاءت فكرة من اللواء أركان حرب المهندس باقي زكي يوسف، وكانت عبارة عن
استخدام طلمبات السد العالي التوربينية لهدم الساتر الترابي لفتح ثغرات فيه لإرساء
الكباري. وبعد سلسلة من الأبحاث والمناقشات تبقى السؤال الهام كم يحتاج كل متر
مكعب من التربة من المياه لهدمه؟ وكم يستغرق من الوقت؟ وبدء تطبيق محاكاة المانع
المائي لقناة السويس، بجوار القناطر.
الشفرة النوبية
كان لابد من
إيجاد وسيلة مناسبة لإيصال التعليمات من القيادة إلى الجنود، حيث استخدموا لغة
جديدة وغير موجودة وهي اللغة النوبية هي لغة يتحدث بها النوبيون ولكنها لا تكتب.
وكان صاحب الفكرة المجند أحمد إدريس.
حائط الصواريخ
وكتائب الخداع
كانت مصر تبني
حائط الصواريخ وهو أمر هام للغاية لحماية العمق المصري من الطيران الإسرائيلي
وحماية القوات المصرية التي ستعبر في أي معركة مستقبلية، وكانت إسرائيل تدمر أي بناء لهذا الحائط فكانت
الفكرة بإقامة كتائب هيكلية مكونة من خشب وصاج وأجهزة لاسلكية تذيع حتى يعتقدوا
أنها مواقع حقيقية للخداع وهي مواقع غير فعالة لتكون خدعه للطيران العدو، هذه
الفكرة ساهمت بشكل كبير في بناء حائط الصواريخ .
وقود صواريخ
الدفاع الجوي
أصدرت مصر قرارًا
بطرد الخبراء السوفييت من مصر، وكنتيجة لذلك قام الاتحاد السوفيتي بمعاقبة مصر على
هذا القرار الذي كان يعد إهانة كبرى، وبدأ تطبيق سياسة غامضة بخصوص طلبات مصر من
السلاح المتعاقد عليها، وبينها بالطبع وقود صواريخ الدفاع الجوي، وكان عدم وجود
وقود يعني أن حائط الصواريخ المصرية لن يدخل الحرب، وبالتالي لن تقوم القوات بعبور
سيناء، وذلك يعني كارثة أسوء من نكسة 67، المركز القومي للبحوث كان له دور حاسم في
استعداد القوات المسلحة في حرب أكتوبر عن طريق الأستاذ الدكتور محمود يوسف سعادة وفريق
عمله والذي تمكن بعد سلسلة من الأبحاث والتجارب من الحصول علي أول لتر من وقود مماثل
للوقود السوفيتي الذي كانت تعمل به صواريخ الدفاع الجوي، ونجحت التجربة وعلى الفور
بدأ التجهيز وظل حائط الصواريخ المصري يعمل بكفاءة طوال أيام الحرب، وكانت مفاجأة
من العيار الثقيل ليس للعدو فقط بل للاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية أيضاً.
هناك العديد من
النماذج الإبداعية التي تقدمها حرب أكتوبر يمكن الاستفادة منها في ريادة الأعمال
وتدعيم الابتكار لتطبيق حلول لمشكلات اجتماعية كبيرة، فيجب استلهم الإبداع من
البيئة المحيطة، وحتى من التاريخ لأن ريادة الأعمال قائمة بالأساس على تقديم حلول
ابتكارية مختلفة وأن العلم والتكنولوجيا يعدان أهم الحلول، فريادة الأعمال الناجحة
تنطلق من فهم متطلبات البيئة المحيطة والمساعدة في تحويل العوائق الي نجاح غير
مسبوق، وهذا هو جوهر العبقرية، ومن هنا نجد أن حرب أكتوبر تعطي دروسًا هامة، لا
يمكن إغفالها عن الابتكار .