الأربعاء 26 يونيو 2024

حدوتة مصرية

أخرى29-12-2020 | 17:11

لا أستحي أن أقول نعم أني من أعضاء حزب الكنبة الموقرة وأفتخر، بل وأتشرف أن أقول أني في مراحل كثيرة فشلت في فهم مجريات الأمور وحقيقتها، وعجز عقلي المتواضع أن يقبل ويتقبل مصطلح "الفوضى الخلاقة"، لأنه يناقض نفسه بالتأكيد، فلا يمكن للفوضى أن تصبح خلاقة يومًا ما، ولا يمكن للوطن أن يصبح مكاناً يمرح ويعبث به من كانت الفوضى سلوكًا له ولمن يحركه.


وكنت أتأمل كجميع المصريين ما تتناقله قنوات الأخبار من خراب ودمار يطال الأوطان في الجوار، ويشرد الملايين من النساء والأطفال، وكأن طوفان يوم القيامة، فالكل يجري ويصرخ ويبحث بين الأنقاض عن ولد وبلد وشرف ضاع بين شعارات زائفة رفعها الصبية ودفع الوطن ثمنها غالياً.


ومع مرور الأيام تكشفت النوايا، وظهر ما كان بين السطور مستترا، وظهرت وجوه قبيحة أرادت بمصر مصيراً كان مخططاً كي تصبح كما أصبح جيرانها في فوضى غير خلاقة، ومصير ابتغوه لها ولكن أرادة الله أعلى رغم كيدهم ومكائدهم. وسارت مصر وانتصرت بفضل من الله لو يعلمون عظيم، وصرنا نبدأ أيامنا بثورات بناء الوطن، ولا يمر يوم دون انتصار وفتح جديد، يفتح معه أبواب الخير لمصر وأهلها.


ومما لا شك فيه أن كل خير لمصر هو ألم كبير لكل من ناصبها العداء، وهزيمة لكل من أراد لمصر الهزيمة، وما زال الأعداء يتربصون، وما يزال الوطن ينتصر ويكبر ويتقدم رغم كل الصعوبات والمحن، وبين كل هذا الخير تطل علينا وجوه قبيحة كانت ومازالت تبحث عن شيء تنقضه وتنقص من قدره، فتجد من يتهامز ويتلامز وينصب جلسات النميمة والردح عبر أثير وسائل التواصل غير الاجتماعي، ويتحدث عن توافه الأمور، وينشر الأكاذيب ويدس السم في عسل الأفاعي، وينصب نفسه الحاكم والوصي على الشعب، يتحدث من منتجعات الخارج مدفوعة الأجر لكي يرضي أسياده ويحلل ما يتقاضى من أجر في مقابل هدم الوطن ومؤسساته، بل وهدم الثوابت في المجتمع المصري.


ولأن فينا من يعشق الشائعات، ويستهويه ما يُساق إليه من أخبار، وضعت في قوالب أعدت خصيصاً لأهداف تخدم مصالح كارهي مصر وأهلها، فوجب علينا أن نحاول أن نُفتح أعينهم ونعمل على إيقاظ ضمائرهم كي لا ينساقوا خلف كل ما يقال، ولا يغتروا بكل صاحب شعارات ولا صُناع الحكايات.


وحدوته اليوم هي قصة بناء الوطن، والأهم بناء الثقة والحفاظ على الهوية من قيادة أرداها الله لخير مصر ونمائها، فأصبحنا وأمسينا على أخبار كلها بناء وتشييد طُرق ومشاريع في كل مكان في ارض مصر من أقصاها إلى أقصاها.


لا يسع الحديث في سطورنا الضيقة لشرح كافة ما جرى من خير على أرض الوطن، ولكن سأتوقف أمام مشهد لا يمكن أن يمر مرور الكرام، مشهد أختصر كل الكلام والشعارات الرنانة التي طالما ما طرقت أذاننا عن حقوق الإنسان والحريات، وهو حديث السيد الرئيس في زيارة فرنسا يوم 7 ديسمبر الحالي، وكيف دافع فيه عن حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، وليس بازدواجية في المعايير كما يفعل البعض، ودافع عن حريات الأديان بمفهومها الواسع، ورفض بشكل قطعي خطابات الكراهية التي تسببت في حالة غضب للمسلمين في أرجاء المعمورة، وأعطى درساً في الدفاع عن سيد الخلق (ص) في كلمات صادقة وواضحة وصريحة أعطت لمن تطاول درساً في قبول الآخر، وعكست نموذجاً حقيقياً من خُلق الإسلام ورحابته.


في زيارة فرنسا مشاهد كثيرة تُدرس، فقط لمن أراد بحق أن يعرف قدر مصر، ففي استقبال الرئيس ماكرون للسيد الرئيس صورة جلية لحجم مصر ومكانتها، وكيف أصبحت كبيرة وقوية رغم الصعاب التي واجهتها وتواجهها، وفي حديث السيد الرئيس دفاع حقيقي عن الإسلام، ورد اعتبار للمسلمين. ومازالت مصر تدافع عن القضايا المنسية والمتناسية، فتحدث عن القضية الفلسطينية رغم ضياعها بين سطور الآخرين، وتحدث عن حق ليبيا في الاستقرار والعيش دون نزاعات وإرهاب، ومازالت مصر السند والمدد والعون لمن لجأ واحتمى بها رغم كل ما تحمل من هموم وما تواجه من صعوبات.


وفي وسط كل هذا البناء ما زالت هناك أبواق من الخارج تنعق بتوافه الأمور وتلبس الحق بالباطل، ومازال هناك للأسف آذان تهوى أن تسمع الأكاذيب، وعقول لا تبتغي التعلم من دروس الماضي القريب، ولكن مما لا شك فيه أن مصر باقية مهما كرهوا أو فعلوا، فمصر جاءت ثم جاء العالم كله.


تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر