أكد الدكتور إبراهيم نجم – مستشار مفتي الجمهورية، أمين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- أن دار الإفتاء المصرية تسعى خلال السنوات الخمس المقبلة لأن تكون المؤسسة الرائدة في توظيف الوسائل التقليدية والحديثة لتلبية الحاجة المتزايدة لطالبي الفتوى الشرعية المؤسسية المنضبطة في مصر والعالم، وأن تكون المرجعية العالمية في صناعة الفتوى والتأهيل لها والعمل على تطوير وتأصيل كل ما يتصل بها من أبحاث ودراسات.
وقال مستشار مفتي الجمهورية في تصريحات اليوم إن الرسالة التي تتبناها الدار من خلال خطتها التي وضعتها للسنوات الخمس المقبلة هي بيان صحيح الدين في إطارٍ من الوسطية والانضباط المؤسسي والانفتاح الحضاري الواعي بتحقيق مصالح الأفراد والأوطان في ظل مقاصد الشريعة عبر الريادة والابتكار في المجال الإفتائي ، مشيرا إلى أن الخطة الخمسية تستهدف الوصول بالدار كمرجعية إفتائية إلى العالمية، فبعد أن اعتبر الاتحاد الأوروبي دار الإفتاء المصرية مرجعية له فيما يخص رسالتها، تسعى الدار إلى استكمال سعيها المتواصل إلى البيان المنضبط للأحكام الشرعية عبر استهداف كونها مرجعية دولية لكبرى المنظمات الدولية، ويأتي ذلك في إطار استهداف الدولة تأكيد قوة مصر الناعمة في رؤيتها 2030م.
وأوضح أن الدار ستعمل على تحقيق ذلك على أصعدة مختلفة ومن خلال مشاريع ومبادرات ستعمل على تحقيقها ضمن خطتها على مدار السنوات الخمس المقبلة، يأتي في مقدمتها إنشاء مجمع فقهي مختلف نسبيًّا عن المجامع الموجودة بحيث يكون متخصصًا في وضع ضوابط الإفتاء فيما يستجد من قضايا ونوازل ، لافتا إلى أن الدار ستسعى كذلك إلى تعزيز قنوات الاتصال مع المستفتين، وتذليل كافة سبل الوصول إلى المتصدرين للفتوى وممثلي دار الإفتاء المصرية، لتقديم الجواب عن الحكم الشرعي المراد معرفته، وتولي عناية خاصة بالخدمات الإفتائية الموجهة إلى الأقليات المسلمة وكيفية إعدادها ومعالجتها.
وأشار إلى أن الدار ستعمل على التوسع أفقيًّا بإنشاء عدة فروع لدار الإفتاء في محافظات مصر المختلفة، على أن يبدأ ذلك في يناير 2022 وينتهي في ديسمبر 2025، كما ستطلق عددًا من القوافل الإفتائية، تستهدف الوصول للقرى والنجوع البعيدة والأقل استخدامًا لوسائل التواصل؛ مما يقلل من فرص تواصلهم مع دار الإفتاء، على أن يبدأ التنفيذ في مارس 2021، وينتهي في ديسمبر 2024، فضلًا عن زيادة عدد المتصدرين للفتوى، بالعمل على زيادة عدد المتصدرين للفتوى في مقر دار الإفتاء وفروعها لاستيعاب أعداد السائلين المتزايدة، ويكون البدء في يناير 2021، على أن يتم الأمر في ديسمبر 2024.
وعلى صعيد تعزيز الدور المجتمعي لدار الإفتاء ، أوضح مستشار مفتي الجمهورية أن الدار تسعى من خلال خطتها الخمسية إلى تعزيز دورها داخل المجتمع المصري، وعدم الاقتصار على دورها الأصيل من بيان الأحكام الشرعية، وتجاوز ذلك للقيام بدورها في الإصلاح المجتمعي بوصفها مؤسسة لها مكانتها الكبيرة في قلوب المواطنين، ويأتي ذلك في إطار استهداف الدولة في رؤيتها 2030م تفعيل منظومة القيم الإيجابية في الخطاب الديني.
وقال نجم إن الدار ستعمل على إنشاء مكاتب تمثلها في المحاكم من أجل الإرشاد في قضايا المنازعات الأسرية وغيرها، وإنشاء مركز تحكيم تابع للدار يختص بالنظر في المنازعات المالية والأسرية خاصة المتعلقة بالميراث والتركات، وتطوير لجنة الأبحاث الاجتماعية، وهي لجنة مشتركة من خبراء ومتخصصين لعمل دراسات وأبحاث شرعية وعلمية وميدانية حول الظواهر والقضايا الاجتماعية.
وفيما يتعلق الأهداف التي تضمنتها خطة دار الإفتاء .. أوضح مستشار المفتي أنها تضمنت تعزيز المنهج الوسطي ومحاربة الفقه المتطرف، في محاولة لتفكيك الفكر الإرهابي المتطرف والرد على أطروحاته الغوغائية بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوعية المجتمعات بمخاطره وآثاره على مستوى العالم، وذلك من خلال تطوير مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، وإنشاء برنامج "سلام" وهو برنامج إلكتروني يستند إلى التقنية الحديثة في تشكيل مخرجات تجمع كافة العوامل المرتبطة بالتطرف والإرهاب في شكل شبكي وفق عوامل متفاعلة مجددة، وإصدار المرجع المصري في دراسة التطرف ومواجهته، وهي موسوعة علمية للتعريف بظاهرة التطرف ودوافعها ومصادرها ومنطلقات الفكر المتطرف، وسبل الوقاية منها وطرق مواجهتها وتصدر في 30 مجلدًا، وإطلاق منصة "محاكمة" وهي منصة إلكترونية تعتمد على تقنية الواقع الافتراضي Virtual Reality تبنى من خلالها مبنى محكمة يمكن للزائر أن يلتقي فيها بالعديد من الشخصيات المتطرفة، وتقوم المنصة بعمل احتكاك بين الزائر وبين تلك الشخصيات لتوليد الأفكار المرتبطة بحجج هؤلاء الأشخاص لارتكاب جرائمهم والجواب عن تلك الحجج وبيان الصحيح منها. فضلًا عن تطوير وحدة الرسوم المتحركة، وإنشاء مركز سلام لدراسات التشدد، وهي مبادرة تُعنى بإنشاء مركز لإعداد الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، يعالج مشكلات التشدد والتطرف ويقدم توصيات وبرامج عمل لكيفية مواجهتها.
وأضاف أن خطة الإفتاء تهدف أيضًا إلى القيام بدورها الرائد في دعم صناعة الإفتاء في مصر والعالم عن طريق تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الدار والهيئات الإفتائية على مستوى العالم، وذلك من خلال إنشاء المكاتب التمثيلية للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التابعة لدار الإفتاء المصرية، وهي مبادرة تعنى بإنشاء مكاتب تمثيل للأمانة العامة تكون فروعًا لمقرها في القاهرة، وكذلك لتكون محور ارتكاز لزيادة التواصل بين الدار ونظام الإفتاء القائم في بلد المكتب، وإيفاد القوافل الخارجية، ودعم جائزة الإمام القرافي وهي جائزة سنوية في التميز الإفتائي سواء في موضوعات فقهية أو إدارية تتعلق بمؤسسات الفتوى، وإنشاء وحدة للاستشارات الإدارية تُعنَى بتأهيل دور وهيئات الإفتاء إداريًّا بهدف تحويلها لمؤسسات مطبقة للنظُم الإدارية الحديثة للارتقاء بعملية الإفتاء.
وفي حقل إثراء البحث العلمي في مجال الإفتاء ومستجداته ..أشار مستشار مفتي الجمهورية إلى أن الدار ستعمل من خلال الأمانة على التغلب على غياب مجال الفتوى عن ميدان البحث الأكاديمي عن طريق توجيه الباحثين إليها وإعداد قواعد البيانات اللازمة للرسائل والجامعات، والاهتمام بتحقيق التراث الإفتائي وإعداد المراجع العلمية في الإفتاء.
وأوضح أن ذلك سيتم من خلال إنشاء مرصد المستقبل الإفتائي، وهي مبادرة تهدف إلى استشراف المستقبل للتنبؤ بمآل حركة الإفتاء فيه وكيفية إدارة التعامل معه، ويأتي ذلك في إطار استهداف الدولة في رؤيتها 2030م إرساء ثقافة البحث والاستشراف المستقبلي، وإنشاء مركز دعم البحث الإفتائي، وهي مبادرة تعنى بتنشيط البحث الأكاديمي في مجال الفتوى، ومشروع إحياء تراث أعلام مفتي مصر، وهو مشروع علمي يهدف إلى جمع التراث العلمي لأكبر المشايخ الذين تقلدوا الإفتاء في مصر، ومراجعته وتحقيقه وإخراجه، وإطلاق مشروع المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية، وهي موسوعة علمية تهدف إلى جمع مبادئ وأركان العملية الإفتائية وتصدر في 30 مجلدًا، وخروج قاعدة بيانات محرك البحث الإلكتروني للمؤشر العالمي للفتوى وهي قاعدة تضم 2 مليون فتوى مصنفة ومحللة من كافة النطاقات الجغرافية بجانب فتاوى التنظيمات الإرهابية كنواة لأكبر قاعدة بيانات للفتوى بالعالم.
أما في مجال تأهيل وإعداد الكوادر الإفتائية والشرعية وزيادة خبراتها في مجال العمل الإفتائي، فأكد مستشار مفتي الجمهورية أن خطة الدار لم تغفل هذا الجانب المهم، حيث ستعمل الدار من خلال هذا الهدف على التغلب على أزمة قلة الكوادر الإفتائية والتي تتسبب كثيرًا من فوضى الفتاوى.
وعن آلية تنفيذ ذلك .. أوضح أن الدر ستطلق برنامج التأهيل الإفتائي للمتصدرين للفتوى عبر الفضاء الإلكتروني، وهي مبادرة تعنى بإنشاء برنامج تأسيسي للمتصدرين للفتوى يمنحهم المعرفة العلمية والتطبيق العملي والعلوم اللازمة للربط بين المعرفة الشرعية والواقع، وتطوير منصة هداية الإلكترونية، وهي مبادرة تعنى بإنشاء منصة إلكترونية متعددة المهام والتخصُّصاتِ، تقدِّمُ مجموعةً من البرامج التعليميةِ والثقافيةِ والسلوكيةِ، والدوراتِ التدريبيةِ ويستهدف في هذه الفترة زيادة توسعها.
وأضاف أن من ضمن المشاريع التي وضعتها الدار في خطتها الخمسية تطوير وسيلة الفتوى الهاتفية، وذلك بربط عدد من هواتف المتصدرين للفتوى برقم خاص للفتاوى في الدار، وإنشاء قسم نسائي يتكون من مجموعة من الباحثات للإجابة عن القضايا النسائية المحرجة، ولزيادة مشاركة المرأة في العمل، وإنشاء مرصد للجاليات المسلمة، ويراد بهذه المبادرة إنشاء آلة بحثية لخدمة دار الإفتاء لتحقيق الرصد والمتابعة الرصينة لأوضاع الجاليات الإسلامية في الخارج، وإنشاء ملتقى بحوث ودراسات الأقليات المسلمة، وهي مبادرة تعنى بإنشاء ملتقًى يجمع الباحثين والدارسين من مختلف التخصصات التي تتعلق بشئون الأقليات المسلمة، لعقد حلقات نقاشية والخروج بأوراق عمل رصينة، وإطلاق التطبيق الإلكتروني العالمي للفتاوى، وهو تطبيق إلكتروني عالمي للفتاوى باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية (FatwaPro)، وإنشاء وحدة للإنتاج الفني متخصصة تهدف إلى إنتاج برامج وأفلام قصيرة لتسهيل الحصول على الفتاوى الشرعية بشكل إبداعي.