الخميس 28 نوفمبر 2024

فن

«صالة أورفانيللى».. حكاية مصر فى صالة مزادات

  • 3-1-2021 | 09:42

طباعة

طرحت الدار المصرية اللبنانية" أحدث روايات الكاتب أشرف العشماوي "صالة أورفانيللي"، والتي تدور أحداثها في زمن  مصر الملكية تحت حكم الملك فؤاد، وفي قلب القاهرة الخديوية، التي كانت مركز الضوء وبؤرة مجتمع المال والسلطة والمؤامرات، والجريمة أيضًا.


وتروى الرواية مصادفة غريبة، ستقود "أورفانيللي" الشاب اليهودي المصري المنحدر من أصول إيطالية، ليشارك صديقه "منصور التركي" في صالة مزاد، لن تلبث أن تقلب حياتيهما رأساً على عقب بفعل لعنةٍ ما، لتتبدل مصائرهما بعدها للأبد وبوتيرة لاهثة من الأحداث والتحوُّلات، قبل أن تظهر شخصية ثالثة تربط بين الاسمين، لنصبح أمام ثلاث شخصيات رئيسية.


سلسلة من الجرائم الغامضة المتلاحقة، رسائل غريبة، فاعل مجهول، تشابُك معقد بين كواليس صالة المزاد وكواليس المشهد المصري اجتماعياً وسياسياً، وصولاً لخبايا كواليس الحكم نفسها في خمس حقب من السلطة، يشملها زمن روائي شاسع وممتد من  أوائل القرن العشرين وحتى سبعينياته فترة حكم السادات.


وكتب الناشر: في روايته الجديدة يخوض أشرف العشماوي مغامرة روائية فريدة، ربما تكون الأكثر طموحاً في مسيرته، ليعيد التنقيب في صفحة مطوية من تاريخ مصر، كاشفاً المسكوت عنه، عبر حكاية شائكة غير متوقعة تضمها بنية سردية غير تقليدية.


ويعود العشماوي مجدداً للرواية التاريخية، شغفه الأثير والذي ترجمه إلى عدد من أبرز علاماته الروائية مثل "تذكرة وحيدة للقاهرة" و"سيدة الزمالك"، لكن في سياق جديد وبأسئلة غير مسبوقة والأهم، بطرح فني مبتكر.


ويقدم العشماوي رواية تاريخية عميقة في قالب بوليسي مثير، تجمع ببراعة بين الاستقصاء التاريخي والتوظيف المبهر لأدب الجريمة في بنية سردية غير تقليدية تجعل من "صالة أورفانيللي" رواية مختلفة على مستوى بنائها والطريقة التي تتشكل بها الحكاية.


ويبرع صاحب "بيت القبطية" مجدداً في تقديم رواية أصوات نابضة، لا تكتفي بسارد واحد، بل تقدم الوقائع عبر وجهات نظر مختلفة تمنح القارئ رؤية بانورامية للأحداث والوقائع.


ولن تكتفي الشخصيات الثلاثة بسرد الحكاية، لكن كلًا منها تقلب ما ظنناه الحقيقة مرة بعد مرة، لتقدم حقيقة جديدة ولتزيح الستار عن تفصيلة غائبة تجعلنا نعيد ترتيب الأحداث من جديد كلما ظننا أنها استقرت ولم تعد تحتمل التكذيب أو التشكيك، وكأننا نشهد الأحداث لحظة وقوعها ونكتب الرواية رفقة أبطالها. وفضلاً عن الشخصيات الرئيسية تنهض العديد من الشخصيات التي لا يمكن وصفها بالثانوية، حيث تلعب أدواراً فاعلة وحاسمة في تحريك الصراع وتشكيل الحدث ما يجعلها قادرةً على البقاء للأبد في ذاكرة قارئها.


وتتشابك العلاقات فيما بينها وتتعقد حتى يظن القارئ أنه يستحيل فكها، لنفاجأ بخيط رفيع يربط بينها في نهاية كل جزء من أجزاء الرواية، يجذبه المؤلف برفق كل مرة لنجد أنفسنا أمام تحولات درامية جديدة مُربكة، وأحداث متسارعة شديدة الغموض، تتسلل عبر النص بسلاسة فائقة لتعرية سلوكيات مجتمع تعامل بعض أفراده في علاقاتهم الإنسانية بنفس طريقة مزايدتهم على قطعة فنية غالية، لكن لا أحد يخسر دائمًا، ولا يوجد فائز للنهاية.


وبقراءتك لهذه الرواية ستتعرف على خبايا المزادات، هذا العالم الغامض الذي سيطر عليه اليهود المصريون من بدايات القرن الماضي وحتى ما بعد قيام ثورة يوليو، ستقرأ وكأنك ترى كل الحيل وطرق الخداع ونوعية الزبائن وانفعالاتهم، لتكتشف جانبًا من حقيقة الوجوه المدفونة خلف الأقنعة.


ولن يغيب عن العشماوي في خضم هذا التشابك السردي تحليل أسئلة الواقع والعالم والنفس الإنسانية، واستخلاص الأفكار العميقة من تُربة الحدث، بحيث تكون المحصلة رواية شديدة الحيوية يسكنها التأمل.

    الاكثر قراءة