تبدأ اليوم الأحد جولة
جديدة من مفاوضات سد النهضة، دعا إليها الاتحاد الأفريقي، بعد توقف الاجتماعات
لأكثر من شهر عقب فشل التوصل لاتفاق، بمشاركة كل من سامح شكري وزير الخارجية،
والدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الري.
وتحرص مصر على اتباع
المسار التفاوضي والحل الدبلوماسي للأزمة عبر اتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف يحفظ
حقوق مصر المائية من خلال تحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وذلك على خلفية ما تمثله
مياه النيل من قضية وجودية لمصر وشعبها، وهو أمر أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي
خلال مباحثاته الهاتفية مع رئيس جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي.
10 سنوات من المفاوضات
ومنذ نحو 10 سنوات
عقدت مصر والسودان وإثيوبيا لقاءات مستمرة للتفاوض والاتفاق حول أزمة السد، حيث
كانت البداية في فبراير 2011، عندما أعلنت إثيوبيا عزمها بدء بناء سد عل النيل
الأزرق وهو ما عرف باسم سد النهضة، والذي وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق ملس
زيناوي حجر الأساس له في أبريل 2011.
وفي سبتمبر 2011، اتفق
الدكتور عصام شرف، رئيس وزراء مصر حينها، مع نظيره الإثيوبي ميلس زيناوي، على
تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء السد الإثيوبي بعد عزم أديس أبابا بناء السد.
وبالفعل تم تشكيل لجنة
مكونة من 10 خبراء الدراسات الإثيوبية الهندسية للسد وتأثيره على مصر والسودان،
وأصدرت توصيات مهمة بعد أن استغرق عملها نحو عام من مايو 2012 وحتى مايو 2013، من
بينها إجراء دراسات هندسية تتعلق بارتفاع السد وسعة تخزينه وأمان السد (أهم محور
بالنسبة لمصر).
كما أوصت اللجنة
بإجراء دراسات مائية تتعلق بمؤامة السد مع المياه التي يقف أمامها ونسب التسرب،
إلى جانب إجراء دراسات بيئية تتعلق بعمل دراسات اقتصادية واجتماعية وتأثير ذلك على
الدول المحيطة بالسد.
السيسي يطلب استئناف
المفاوضات
وعقب تلوي الرئيس عبد
الفتاح السيسي الحكم في يونيو 2014، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي برئيس الوزراء
الإثيوبي حينها هيلي ماريام ديسالين، على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في 25 يونيو
2014 وطالب باستئناف المفاوضات.
وبالفعل في أغسطس
2014، استأنفت المفاوضات بحضور وزراء الري في الدول الثلاث، وجرى تشكيل لجنة وطنية
مكونة من 12 مفاوض لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية من خلال مكتب استشاري عالمي.
اتفاق المبادئ
في مارس 2015، وقعت
مصر والسودان إثيوبيا، اتفاق إعلان المبادئ، خلال قمة ثلاثية عقدت حينها في
الخرطوم، حيث تتكون هذه الوثيقة من 10 مبادئ من بينها مبدأ التسوية السلمية
للمنازعات والذي نص على أنه تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير
أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن
النوايا، وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات،
فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس
الحكومة.
وفي سبتمبر2016، وقع
رؤساء وفود مصر والسودان وإثيوبيا، عقود المكاتب الاستشارية المنفذة للدراسات
الفنية، لوضع قواعد الملء الأول للخزان وتحديد آثار السد على كل من مصر والسودان.
رفض إثيوبي لدخول وسيط
في نوفمبر 2017، أعلنت
وزارة الري المصرية رفض السودان وإثيوبيا التوقيع على التقرير الاستهلالي الخاص
بدراسات سد النهضة، عقب جولة جديدة للمفاوضات في القاهرة، وبعدها في ديسمبر 2017،
اقترحت مصر إشراك البنك الدولي في المفاوضات، وذلك خلال لقاء عقده سامح شكري،
بنظيره الإثيوبي ي أديس أبابا حينها، لكن إثيوبيا بعدها أعلنت رفضها لهذا المقترح.
وخلال الفترة من 2017
وحتى 2019 استضافت الدول الثلاث اجتماعات متعددة في إطار المفاوضات، بين عواصم
الدول الثلاث لكن لم تحقق هذه اللقاءات الأهداف المرجوة منها، حتى نوفمبر 2019،
بعقد الاجتماع الأول للمفاوضات بحضور ممثلين عن البنك الدولي والولايات المتحدة
الأمريكية كمراقبين، وذلك في السودان، أعلنوا خلالها أن المحادثات بين الدول
الثلاث ستتواصل في يناير المقبل.
رعاية البنك الدولي
وواشنطن للمفاوضات
وعقدت بعدها أربعة
لقاءات بين الوفود وبحضور ممثلين من البنك الدولي، بدءا من نوفمبر 2019 في
إثيوبيا، وكان الاجتماع الثاني في القاهرة
في 2 ديسمبر 2019، وعقد الاجتماع الثالث في الخرطوم في 12 ديسمبر 2019،
وعقد الاجتماع الرابع في يناير 2020، في واشنطن وفود الدول الثلاثة مصر والسودان
وإثيوبيا، كما التقى الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب بوفود الدول
الثلاث.
واتفقت اللقاءات على
التوقيع على مسودة اتفاق إلا أن إثيوبيا تخلفت عن التوقيع في اليوم الأخير.
وفي 3 مارس 2020 اتهمت
إثيوبيا الولايات المتحدة بتجاوز دورها كمراقب محايد بعد أن قالت الولايات المتحدة
إنه ينبغي عدم استكمال السد دون اتفاق.
مصر تتجه لمجلس الأمن
في يونيو 2020 تقدمت
مصر بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة حول سد النهضة الأثيوبي، حيث عقدت جلسة في
نهاية يونيو 2020 لبحث هذا الملف، أكدت خلالها مصر أن رفض تهديد أمنها المائي
وأنها لجأت للمجلس بسبب التعنت الإثيوبي، وقال وزير الخارجية في كلمته أمام الجلسة
أن مصر تواجه خطرا وجوديا يتهدد المصدر الوحيد للمياه ولحياة أكثر من 100 مليون
مصري بسبب السد، الذي شيدته إثيوبيا على النيل الأزرق.
وفي منتصف يوليو
الماضي أعلن وزير الري الإثيوبي عن البدء في ملئ سد النهضة رغم عدم التوصل إلى
اتفاق بين الدول الثلاثة، إلا أنه بعدها بأيام وتحديدا في 21 يوليو عقد الاتحاد
الأفريقي قمة أفريقية مصغرة بشأن سد النهضة، بمشاركة مصر والسودان وإثيوبيا ، وفي
أغسطس الماضي توقفت المفاوضات، حتى تم استئنافها في 27 أكتوبر الماضي بحضور وزراء
الري في الدول الثلاث إلا أنها لم تسفر عن أي تقدم حيث اقترح السودان تغيير منهجية
التفاوض.
لتعود وتستأنف
المفاوضات اليوم بدعوة من جنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي بمشاركة
وزراء الري والخارجية في الدول الثلاث لمناقشة المقترحات السودانية بمنح دور أكبر
للاتحاد الإفريقي عبر خبرائه للوصول لاتفاق قانوني ملزم للسودان ومصر وأثيوبيا،
وهو أمر رحب به الاتحاد الأوروبي، واصفا إياه بأنه فرصة مهمة للتقدم نحو اتفاق على
قواعد ملء سد النهضة والتوصل إلى حل للخلافات بين الدول الثلاثة حول قواعد الملء
والتشغيل للسد الأثيوبي.