السبت 27 ابريل 2024

كل يوم كتاب| "الطاعون" رواية كامو التي جذبت القراء في زمن الكورونا

فن4-1-2021 | 11:27

"الطاعون" رواية للكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو، نشرت لأول عام 1947 وهي تنتمي للأدب العبثي كمعظم أعمال كامو وهي في الأغلب مستوحاه من وباء الكوليرا.


ألبير كامو هو كاتب، روائي، مسرحي وفيلسوف فرنسي ولد في 7 نوڤمبر لعام 1913 وتوفي في 4 يناير عام 1960 بسبب حادث سيارة، و كامو حاصل على جائزة نوبل عام 1957 ويقال أن السبب في حصوله على الجائزة كان إبداعه في رواية "الطاعون"


ولد كامو في الجزائر لأب فرنسي وأم أسبانية، وقُتل والده بعد سنة واحدة من ميلاده، وعاش طفولته الفقيرة هناك وفي شبابه أنتقل لفرنسا حيث قضى عمره هناك حتى الوفاة، ومن أعمال ألبير كامو، السقوط، الغريب، سيزيف، الموت السعيد و السقطة.


"الطاعون" رواية تحكي عن انتشار مرض وبائي في مدينة وهران الجزائرية وقيل أن سبب اختيار كامو لوهران تحديداً هو أنها أصيبت مع المناطق المحيطة بها بالأوبئة عدة مرات قبل أن ينشر كامو هذه الرواية، وفقًا لتقرير بحثي قامت به مراكز مكافحة الأمراض واتقائها، فتك الطاعون وهران في عامي 1556 و1678، لكن كل التفشيات اللاحقة، في عام 1921 "185 إصابة"، و1931 "76 إصابة"، و1944 "95 إصابة"، كانت بعيدة جدًا عن درجة الجائحة الموصوفة في الرواية.


تبدأ الرواية بوصف كامو للمدينة وعلى حد قوله إنها مدينة "قبيحة" حيث لا أشجار فيها ولا زرع ولا حمام طائر وهي مطلة على البحر المتوسط وذلك كان في ظل الحكم الاستعماري الفرنسي.


الجائحة تفترس شعب المدينة وحتى أن المدينة يتم غلقها وعزلها عن باقي المدن والدول "من كان منكم داخل وهران لن يخرج ومن خرج لن يدخل حبيبا كان أو ابنا، زوجة كانت أو أما، لقد فرق الأحباب وشتت الشمل وعزل الناس عن العالم". 


تحتوي الرواية على العديد من الشخصيات وأهمهم شخصية الطبيب ريو الذي يكتشف المرض في بدايته ويدير مستشفى للعزل بعد تعرض المدينة للجائحة وهو شخص يقوم بواجبه على أكمل وجه.


وكذلك تطرح الرواية عددًا من الأسئلة المتعلقة بطبيعة القدر والحالة البشرية وهذه عادة كامو في أعماله، وتساعد كافة شخصيات الكتاب، المشتملة على أطباء ومصطافين ولاجئين، في إظهار تأثيرات الطاعون على عامة الناس في وهران.


وتقول الكاتبة المغربية "فاطمة واياو" في دراستها عن أدب الأوبئة، إن ألبير كامو في مرحلة تاريخيّة لاحقة،  استطاع أن يجعل من روايته "الطاعون" رمزاً سياسيّاً بامتياز؛ فعلى الرّغم من أنّ الرواية تتحدّث عن وباء الطاعون الذي سيضرب مدينة وهران الجزائريّة، إلّا أنّه كان يرمز إلى تفشّي النازيّة واحتلالها بلده الأصلي فرنسا، والنازيّة كما الطاعون، لن تتحرّر منها فرنسا إلّا بمُساعدة الحلفاء في الحرب العالَميّة الثانية، وبتضافُر كلّ قوى التحرُّر عبر العالَم من أجل القضاء على الطاعون الذي هو صنو الاحتلال والفساد السياسي.


وتقول رشا المالح في مقالتها، الطاعون رواية رمزية بأسقاط معاصر، أن أبرز ما يميز سكان تلك المدينة زمن الاحتلال الفرنسي قصور مخيلتهم على استبصار القادم، وتحمل بداية الرواية حالة من الرعب تقارب بشكل رمزي ما يحدث في الواقع المعاصر، حيث يؤدي الغزو للبلد من قبل جماعات الجرذان، إلى ارتفاع نسبة حصاد الموت دون وضوح سبب الموت الجماعي في البداية.


وفي العدد 523 من مجلة الفيصل، قيل: "تمثّل رواية الطاعون أول تجريب قصصي في أدب العبث ذات موضوع خاص بالوباء، وهي رواية قسمها ألبير كامو في خمس لوحات سردية تنتمي إلى جنس الرواية الدرامية ذات الحبكة السردية، وتقع أحداث الرواية في مدينة وهران الجزائرية حيث تفشى الطاعون بين سكان المدينة مما أجبر السلطات على غلق المدينة وعزلها، ويمثل الدكتور "برنار ريو" بطلا لهذه الرواية، وهو طبيب مطالب طيلة أحداث الرواية بمقاومة عدوى الطاعون، ومساعدة المرضى ورعايتهم ومحاولة شفائهم، والطريف هو أن هذا الطبيب لا يؤمن بأي تبرير ميتافيزيقي لهذا الوباء القاتل ويتخاصم في ذلك مع الكاهن بانولو، وهي بذلك رواية تصور الطابع العبثي والتراجيدي للوجود الإنساني، فالبطل طبیب يقضي حياته في مداواة المرضى لكنه ليس قادرا على مداواة زوجته التي تموت وحيدة في المدينة". 


ويعرض كامو خلال روايته مدى اختلاف الأراء حول الوباء، تحديداً أراء رجال الدين متمثلة في "الأب بانولو" الذي يعتقد أن الطاعون هو لعنة الرب على خطايا البشر، يلقی حتفه إثر مشاهدة طفل بريء يقتله الطاعون، كأنما هو بذلك يكتشف عبثية القدر الإلهي وانهزام التبرير اللاهوتي إزاء الوباء، "كاتارو" الشخصية الكلبية التي استغلت الوضع بشكل انتهازي فراح يستثمر في آلام الآخرين بالتجارة الموازية، انتهی مجنونا، "تارو" الذي

ساعد الطبيب ريو على إدارة مؤسسة صحية للتخفيف من معاناة المرضی ومساعدتهم في محنتهم مع الوباء.


وسيعرف القارئ لهذه الرواية أن المدينة ستدخل في معاناة طويلة مع الموت تستغرق حياة برمّتها، إنه سياق الموت كعلامة كبری على عصر الكارثة بوصفها قد دفعت العالم إلى شکل جديد من الموت يصفه كامو بالموت العصري لذلك من المزعج جدا أن يموت الشخص في مدينة كهذه. 


ورواية الطاعون هي أول نجاح كبير للكاتب من حيث المبيعات -161000 نسخة في السنتين التي تلت النشر، وملايين النسخ منذ ذلك التاريخ-. مع جائحة فيروس كورونا في إيطاليا في عام 2020، تصدرت الرواية قائمة المبيعات في إيطاليا.


وقد ساعدت أزمة كورونا هذه الأيام على بيع المزيد من نسخ رواية الطاعون في دول العالم حيث تشير أرقام مبيعات الكتب إلى زيادة ملحوظة في الإقبال على الروايات التي تتحدث عن الأوبئة، وخاصة في إيطاليا، حيث تضاعفت مبيعات مثل هذا الروايات ثلاثة أضعاف.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa