تزعم دراسة صغيرة حديثة أن هناك بعض الاختلافات الواضحة في الطريقة التي يتفاعل بها الأشخاص ذوو السمات الشخصية "المظلمة" مع "كوفيد-19".
وتشمل سمات الشخصية المظلمة هذه النرجسية والاعتلال النفسي والسادية والميكيافيلية (التلاعب بالآخرين واللامبالاة)، وغالبا ما ترتبط بالنتائج الاجتماعية السلبية - يشار إليها في علم النفس باسم "رباعي الظلام''.
ولكن هل يمكن لهذه السمات الشخصية أن تتنبأ بكيفية استجابة الأفراد لأزمة عالمية؟
بالنظر إلى حالات 402 فردا في الولايات المتحدة تتراوح أعمارهم بين 18 و78 عاما، وجد باحثون من جامعة ميسيسيبي أن هناك بعض الاختلافات الدقيقة، ولكن الملحوظة، المرتبطة بسمات الشخصية هذه - من سلوكيات التنظيف إلى المزاج.
وكتب المعدون في ورقتهم المنشورة على الإنترنت قبل الطباعة، في نوفمبر 2020: "تشير النتائج إلى أنه خلال المراحل الأولى من الوباء في الولايات المتحدة، تنبأت الشخصية المظلمة بشكل مختلف بالاستجابات المعرفية والعاطفية للوباء".
وعند تجنيد المشاركين عبر الإنترنت، طلب الباحثون من الأفراد ملء استبيان حول مشاعرهم وأفكارهم وسلوكياتهم خلال الوباء - وصُنّفت سمات شخصيتهم المظلمة باستخدام مقياس Dirty Dozen، واختبار تقييم الشخصية السادية.
ومن المثير للاهتمام، أن الأشخاص ذوي السمات النرجسية والميكيافيلية كافحوا عاطفيا الاضطرابات الاجتماعية التي جاءت مع الوباء. ولكن البحث وجد أن أولئك الذين صنفوا أنفسهم على أنهم يتمتعون بصفات سادية أفادوا بتأثير إيجابي كبير استجابة لـ "كوفيد-19".
وقد يكون هؤلاء الأفراد يستمدون المتعة من الأحداث التي ينظر إليها عموما على أن لها تأثيرا سلبيا على المجتمع، وفقا للباحثين.
وللتوضيح، كانت هذه الاختلافات ذات دلالة إحصائية ولكنها ما تزال دقيقة إلى حد ما، وتضمنت الدراسة الإبلاغ الذاتي وإجابات بسيطة بـ "نعم" أو "لا"، لذا فهي ليست الكلمة الأخيرة في هذه المسألة بأي حال من الأحوال.
ولا يعني هذا أيضا أن الأشخاص المشاركين في الدراسة كانوا نرجسيين أو ساديين - ببساطة عبروا عن امتلاكهم لبعض هذه السمات. ولكنها فكرة مهمة ومثيرة للاهتمام حول كيفية استجابة أنواع الشخصيات المختلفة للاضطرابات الاجتماعية واسعة النطاق، مثل تلك التي نعيشها حاليا.
وعلاوة على الاستجابات العاطفية، درس الباحثون كيفية تغيير أنواع الشخصية لسلوكهم استجابة للوباء.
وأظهرت النتائج أن أولئك الذين لديهم سمات نرجسية أو سيكوباتية، كانوا أقل عرضة للانخراط في سلوكيات التنظيف المنتظمة، مثل مسح المناطق التي تُلمس بشكل متكرر.
وفي الواقع، كلما سجلوا درجات أعلى من حيث النرجسية والاعتلال النفسي، انخفض سلوك النظافة لديهم.
وبينما كان الأفراد ذوو الصفات الميكيافيلية أكثر خوفا من الإصابة بـ "كوفيد-19"، أفاد أولئك الذين لديهم سمات نرجسية بالمشاركة في السلوكيات التي ساعدت المتضررين من الوباء.
وقد يبدو هذا غير بديهي، لكن الباحثين يقولون إن هذا مدعوم بأبحاث سابقة وجدت أن النرجسيين قد يشاركون في سلوكيات اجتماعية إيجابية للحصول على موافقة الآخرين.
ووجدت دراستان سابقتان نشرتا في شهري يوليو ونوفمبر، أن بعض سمات الشخصية المظلمة يمكن أن تتنبأ بمدى احتمالية اتباع الناس لنصائح الصحة العامة، مثل التباعد الاجتماعي وارتداء قناع.
ولكن هذه الدراسة لم تجد أن هذا هو الحال - في ملاحظة إيجابية، قال معظم المشاركين إنهم يشاركون بالفعل في التباعد الاجتماعي وغسل اليدين بشكل متكرر وتجنب السفر والتجمعات الشخصية.
واقترح الباحثون أن هذا الاختلاف في النتائج قد يرجع إلى حقيقة أن الوباء هو "وضع قوي" تتغلب فيه الإشارات الظرفية على دور الشخصية "في التنبؤ بسلوك الناس.
وبينما نظرت الدراسة فقط في الروابط، وليس ما تسبب في هذه الاختلافات، اقترح الباحثون أن كيفية استجابة رباعية الظلام للأزمات قد يكون لها علاقة بمدى أهمية الاستقرار الاجتماعي لكل سمة من سمات الشخصية.
ويعتمد النرجسيون على ردود الفعل الاجتماعية لدعم صورتهم الذاتية، ومن المعروف أن الميكافيليين يستغلون الآخرين في النظام الاجتماعي لتحقيق أهدافهم الخاصة.
وتساءل الباحثون في الماضي عما إذا كانت السيكوباتية والميكيافيلية هي في الواقع بنيات منفصلة على الإطلاق - لكن هذا البحث يشير إلى أن الاختلاف في الدرجة التي يعتمد بها الأشخاص الذين لديهم هذه السمات على بيئات اجتماعية مستقرة قد يكون نقطة مميزة.
وبالطبع، يلاحظ الفريق أيضا قيود العمل، نظرا لأن جميع الاستبيانات أبلغ عنها ذاتيا وأجريت دون إشراف.
وينبغي إجراء مزيد من البحث على مدى فترة زمنية أطول من أجل فهم كامل لكيفية استجابة الشخصيات المختلفة لهذه الأزمة المستمرة.
ولكن بينما يستعد العالم لمزيد من الاضطرابات في العقود القادمة، وذلك بفضل تغير المناخ وندرة الموارد، فإن معرفة المزيد عن كيفية استجابة أنواع الشخصية للصراع الاجتماعي أمر بالغ الأهمية.
وكتب الباحثون: "تمثل نتائج الدراسة الحالية إضافة مهمة لفهمنا لكيفية عمل سمات الشخصية المظلمة في الأوقات غير المؤكدة، وإلى فهمنا العام للتجارب النفسية للأشخاص الذين يعيشون في ظل جائحة عالمي".