الأربعاء 27 نوفمبر 2024

هل عبرت عن صورتها الحقيقية؟ .. المرأة الصعيدية فى الدراما .. بين الواقع والخيال

  • 2-5-2017 | 11:23

طباعة

تحقيق : محمد بغدادى - عمرو والى

تزخر الدراما المصرية بالعديد من الأعمال التي تتناول الصعيد بشخصياته وحياته وقضاياه، حيث تمثل دراما الصعيد عنصر جذب كبيراً للعديد من الفنانين، لاسيما وأنها حققت على مدار سنوات طويلة نجاحاً كبيراً مع الجمهور، وارتبطت فى أذهانهم بمجموعة من الكتاب والمؤلفين، والذين أبدوا اهتماماً بهذا النوع،

فيما تعددت أوجه المرأة الصعيدية ، وتباينت صورتها عبر مختلف الأعمال التي تم تقديمها، فالبعض يرى أن تلك الصورة وقعت فى فخ التشويه وحيث أظهرت بعض الأعمال أخيرا «المرأة الصعيدية» التى تعلم أن زوجها يتاجر فى السلاح والمخدرات وفى الوقت ذاته تربي أبناءها علي الفضائل بخلاف شخصية هدي سلطان فى الوتد علي سبيل المثال، التكرار والنمطية، ويرى آخرون أنها حاولت الاقتراب من الواقع اعتماداً على المؤلفين المنتمين للصعيد فى الأساس ... "الكواكب" تطرح تساؤلاً حول تغير صورة المرأة الصعيدية فى الدراما، وهل عبرت عن واقع حياتها والبيئة المحيطة بها أم لا؟، وذلك من خلال المتخصصين عبر السطور القادمة.

مجتمع الصعيد

قال المؤلف عبد الرحيم كمال، إن المرأة الصعيدية تعد هي المحرك الرئيسي لكافة الأحداث، ورغم أن الرجال هم المتصدرون لكل شيء، إلا أنها بالفعل تعتبر هي المحرك في الكواليس، لأنها من ربت وعلمت، وهي الأم والزوجة والابنة والعمة والخالة، ودائمًا ما تشير علي زوجها في كل تحركاته، مشيراً إلى أن الفارق بين أول مسلسل كتبه «الرحايا» وآخر مسلسل تم تقديمه خلال شهر رمضان الماضي وهو «يونس ولد فضة» مايقرب من 10 سنوات الأول تحدث عن مجتمع الصعيد فى التسعينيات والذي شكل الذكريات والمخزون الذي يريد التعبير عنه، وسط وقائع تجسد الأصول والقيم والشهامة، وفى نفس الوقت رصد لسلبيات مثل عدم المساواة أو الظلم بين الأبناء، أما يونس ولد فضة فكان بمثابة الصعيد في الحاضر والمستقبل، موضحاً أن مواطنى الصعيد أصبحوا يحملون الهواتف المحمولة، ويتواصلون عبر «فيس بوك»، وانتشرت القنوات الفضائية هناك، وانطلاقاً من هذا التطور الذى طرأ على المجتمعات فإنها تسهم فى خلق شخصيات درامية ثرية.

وأضاف كمال أن «يونس ولد فضة» عبر عن المرأة فى الصعيد بنماذج مختلفة ومتعددة أصبحت موجودة وقريبة من الواقع، فهناك المرأة التي تحدت الفقر، ورفضت الظلم، واختارت الثأر من زوجها وعائلتها، هنا نتحدث عن «فضة». وتلك الفتاة الصعيدية المتعلمة في الجامعة الأمريكية، لكنها في نفس الوقت محتفظة بعادات وتقاليد الصعيد، وهى «صفا» التي قدمتها ريهام حجاج.

أما الثالثة فهى الشخصية التي قدمتها، هبة مجدي تلك الفتاة التي حافظت على شرفها، واختارت أنه تعمل في ورشة سيارات، متخلية عن أنوثتها حفاظا على نفسها، وعلى أختها، فالمرأة هنا صنعت الحدوتة، وظهرت بمظهر صاحبة القرار، فكان الشكل أقرب تماماً للحقيقة، دون غربة، لافتاً إلى أنه حاول تحقيق التوازن بألا يكون منغلقاً فى الحكي لتظهر صور غير موجودة حالياً، عبر فتح مساحة من الحرية تحقق متعة الحكي، وفي نفس الوقت تبتعد عن الزيف، ففي النهاية حدث تغير فى الزمن والأحداث.

وأوضح أن فكرة الثأر لدى الأرملة فى الصعيد، والتي تم مناقشتها فى بعض الأعمال ترتبط فى أغلب الأحيان بفقدها لمصدر رزقها، وهو الزوج، لافتة إلى أن موت الزوج يعني وجود أزمة مالية واقتصادية طاحنة، فيتجه التفكير لشخص منع الحياة عن شخص آخر، فيتحول الأمر إلى كابوس لاسيما أنها مسئولية غير مدربة عليها، فتبدأ فى إثارة حفيظة الشباب الصغار للانتقام.

وأكد كمال أن الأمهات والجدات فى الصعيد لديهن مساحات واسعة للحكي، وبالتالي يكون لكل القصص إيقاع آخر، موضحاً أن الصعيد يتغير كل عام، ويحدث فيه نقلات.. لافتا إلى أن التغير قد يزحف ببطء، ولكنه ليس دائماً إيجابياً، فمازال هناك إهمال على كافة المستويات اقتصاديا، وسياسياً واجتماعيا، كذلك نظرة أبناء العاصمة، ففي النهاية هي أوضاع لا تناسب التاريخ الذي يحمله هذا المكان.

نقلة حضارية

ويرى المؤلف مجدي صابر أنه لأول مرة قدم قصة صعود امرأة فى الصعيد، خلال مسلسل «سلسال الدم»، لافتاً إلى أن النماذج التي تم تقديمها، وعلى رأسها شخصية ناصرة التي قدمتها الفنانة عبلة كامل تعد امرأة إيجابية تربى وتعلم وترفض الثأر، مع رفضها التنازل عن حقها، مشيراً إلى أن الصعيد تغير كثيرا، وأصبح قريبا للمدن، وهناك نقلة حضارية حدثت مع وسائل التواصل الاجتماعي، مشدداً على أنه لم يعد هناك إلا قليل يرفضون تعليم البنات.

وأضاف صابر أن الفتاة الآن فى الصعيد أصبح لها الحق فى العمل واختيار من ستتزوجه، وهي أمور تفسر تغير الصورة الخاصة بالمرأة الصعيدية فى الدراما، موضحاً أن الصعيد مجتمع مثله مثل أي مجتمع يطرأ على التغيرات بتغير الزمن، لافتاً إلى أن المسلسل حاول عمل تشريح عميق لمجتمع انعزل لزمن طويل عن ركب التطور والنمو الحضري، ولم يفقد يوماً أصالته ولا قيمه ولا تقاليده، مشيراً إلى أن أعمالاً عديدة قدمت الثقافة الصعيدية فى صورة سطحية، اعتمدت فقط على التندر على اللهجة، والتصرفات الساذجة للصعيدي، ولم تستح من اتهامه بالغباء فى بعض الأحيان.

وأشار صابر إلى أن الشخصيات النسائية ظهرت إيجابية تتمتع بالجدية والهدوء والكرم والتسامح، ورغم حسن نواياها إلا أنها لم تكن أبداً ضعيفة، أو قليلة الحيلة، كذلك اتسامها بالكبرياء وعزة النفس، والرحمة والعدل، موضحاً أن الدراما تقدم وجهة نظر فى الواقع، لكنها لا تقدمه كما هو، لأنها ليست صورة «فوتو كوبى» وإلا كانت تزيف الواقع، هى ترصد الواقع وتحاول أن تقول فيه وجهة نظر.

أكذوبة

ويرى المخرج حسنى صالح، إن المرأة الصعيدية لم تتغير ومازال لديها حدود وخطوط حمراء، والرجل أيضًا لا يزال الأب الروحي والذاتى للمرأة، وهذا الأمر فى مختلف الطبقات الاجتماعية داخل الصعيد، والحديث عن تغيير فى شخصية المرأة الصعيدية أكذوبة، وليس ذنبها أن الدراما تناولتها بشكل مغلوط، ويسأل فى ذلك صناع هذه الدراما غير الصحيحة. وأوضح صالح، أن التكنولوجيا وإن كانت أصابت الصعيد إلا أنها لم تمس شخصية المرأة أو شكلها، على الرغم من تغير بعض الملابس وفقاً لطبيعة وظائفهن، مضيفًا أنه ما زال فى الصعيد أشياء مقدسة يجب على المرأة والرجل احترامها، فالمرأة هى التى تتولى إدارة أمور المنزل . وأشار حسنى إلى أن السبب فى تغير صورة المرأة الصعيدية بشكل بعيد عن الحقيقة، يرجع إلى أن صناع هذه الأعمال لم يبذلوا جهدًا فى البحث والقراءة والتحضير وزيارة مثل هذه القرى، مشيرًا إلى أنه يحرص في أعماله علي زيارة القرى التى تتناولها قصة العمل، وعلى سبيل المثال مسلسل "شيخ العرب همام"، حيث قام بزيارة الهمامية، مع الفنان يحيى الفخرانى والمنتج، لبحث التفاصيل المستجدة فى الصعيد من أكلات متغيرة وتعاملات وغيرها.

نماذج مختلفة

فيما يشير المخرج مصطفى الشال إلى أن تغير صورة المرأة الصعيدية فى الدراما التليفزيونية ناتج عن التكنولوجيا والتطور والمعاصرة التى شهدتها أغلب قرى ومدن الصعيد، حيث إن انتشار القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعى، جعل الأفكار الجديدة أكثر انتشارًا وأسهل وصولا للصعيد، مشيرًا إلى أن الأجيال المتعاقبة مختلفة، وعلى سبيل المثال شخصية "ناصرة" التى جسدتها النجمة عبلة كامل فى مسلسل "سلسال الدم" بالطبع مختلفة عن شخصية ابنتها عليا "راندا البحيرى" أو شخصية هنية "منه فضالى"، نظرًا لفرق العمر بينهما. وأضاف الشال:" لو ذهبت إلى الصعيد ودخلت الجامعات هناك سوف تجد نماذج مختلفة للمرأة الصعيدية، وهذا التطور يعد طبيعيا مقارنة بعصر الستينيات الذى لم يتمتع بمثل هذه الإمكانيات ولم يشهد الانفتاح والتكنولوجيا التى ظهرت مؤخرًا، مشيرًا إلى أنه على الرغم من تطور الغالبية العظمى فى الصعيد باتت متطورة، إلا أن هناك بعض القرى مازالت تعيش الحياة التقليدية الريفية البسيطة، ولذلك أرى أن ما تقدمه الدراما التليفزيونية عن الصعيد واقعى وملموس.

صورة واقعية

تؤكد الفنانة الشابة هبة مجدى أن قرى الصعيد لم تعد منعزلة وبعيدة عن عادات وتقاليد أهل المدينة، حيث إن الفتيات فى كافة أنحاء الجمهورية ترتدين ملابس شبيهة فى التصميمات لبعضهن، كما يضعن مكياجاً مماثلاً لفتيات القاهرة وبنات المدن، مشيرة إلى أن المرأة المصرية بمختلف فئاتها العمرية تشاهد قنوات فضائية واحدة.

وأكدت مجدى أن الإنترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة ساهمت بشكل كبير فى تغير صورة المرأة فى الصعيد والقرى، مستشهدة بـ مدينتى أسوان والأقصر، حيث شاهدت فتايات يرتدين ملابس مماثلة لبنات القاهرة، والأمر نفسه فى الشرقية وغيرها من المحافظات، ولذلك اعتبرت أن ما تقدمه الدراما التليفزيونية عن المرأة الصعيدية واقعى.

وأشارت هبة إلى تجربتها فى مسلسل "يونس ولد فضة"، إذ قالت :" تجربة مختلفة وصعبة وشعرت بخوف من ردود أفعال الجمهور وفهمهم لطبيعة الشخصية بشكل خاطئ، وخاصة أنها فتاة تفتقر للأنوثة وترتدى ملابس رجال، نظرًا لنشأتها فى ورشة ميكانيكا للإنفاق على شقيقتها الصغرى، مؤكدة أن هذا الأمر يعد نادر الحدوث فى الصعيد.

الكتابة الأرشيفية

وقال الناقد الفني، طارق الشناوي، إن هناك مجموعة من الكتاب منهم الراحل محمد صفاء عامر، وعبد الرحيم كمال، وناصر عبد الرحمن استطاعوا رصد الصعيد بصورة حقيقية، وبالتالي قاموا برصد صورة المرأة الصعيدية بتطوراتها بشكل أقرب ما يكون للواقع، موضحاً أن المرأة فى الصعيد تحكم ولا تملك، بمعني أنه ليس في يديها مقاليد الحكم، لكن هي من تحرك وتسير الأمور، مشدداً على أن المرأة فى الصعيد قد تبدو على عكس ما يتصور البعض بأنها مقهورة أو ما شابه، وأن الرجل بمجرد أن ينظر إليها فتشعر بالخوف هذا غير حقيقى تماماً.

وأضاف الشناوي أن هؤلاء الكتاب ابتعدوا عما يمكن أن نطلق عليه الكتابة الأرشيفية للمرأة الصعيدية والتي ظلت تنقل من عمل لآخر بدون صدق، لافتاً إلى أنهم نقلوا ورصدوا واقع المرأة فى الصعيد إلى حد بعيد بمنطق ومعايشة، بنسبة لا بأس بها على الإطلاق، بعدما ظلت صورة الصعيد بالكامل تقتصر فقط على التندر أو التسطيح، موضحا أننا قد نجد المرأة فى بعض الأعمال زوجها أو ابنها يتاجر فى السلاح أو الآثار كجزء من قصة العمل، وتشجعه فى نفس الوقت على التمسك بالقيم والأخلاق، والعادات والتقاليد ، وهذا التناقض يعد جزءاً عميقاً من التركيبة البشرية، ضارباً المثل بفيلم العار، فالأب ظهر وكأنه رمز العطاء والدين، وهو فى النهاية تاجر مخدرات.

وأكد الشناوي أن الانتقادات الموجهة لصورة المرأة الصعيدية بالأعمال الدرامية من الناحية الشكلية تعد عيباً انتقل من السينما إلى الدراما التليفزيونية، وهو أمر لا يقتصر فقط علي المرأة الصعيدية وإنما فى صورة المرأة بشكل عام، لاسيما وأن المرأة فى الريف أو الحضر أو القاهرة، لا تكون مهندمة الشكل أو بمكياج كامل إلا خارج المنزل فقط، وهو خطأ يجب على المخرجين أن يتداركوه للحصول على مصداقية أكبر فى العمل.

التنميط والتكرار

وفي نفس السياق قالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوي إن هناك حالة من التنميط تم من خلالها اختزال صورة المرأة الصعيدية عبر مجموعة من الصفات الإنسانية والشكلية والتي لم تتغير وفقاً للسنوات المختلفة، وطبيعة الزمن، لافتة إلى هناك نماذج عديدة للمرأة فى جنوب مصر تختلف باختلاف المحافظات، وهو ما يستوجب ضرورة عمل بحث اجتماعي حقيقي بالنسبة للمرأة فى الصعيد، موضحة أن هناك حالة من غياب الاجتهاد لدى البعض، وبالتالي عند مقارنتها بواقع المرأة الصعيدية وفى ظروفها والبيئة المحيطة بها، سنجد الصورة مختلفة.

وأضافت البشلاوي أن الصعيد جزء كبير من مصر وكل منطقة لها عاداتها وتقاليدها الخاصة بها، وبالتالي لايمكن أن نقول فى المطلق إن الدراما نقلت واقع المرأة الصعيدية خاصة مع غياب فكرة البحث التشريحي الاجتماعي لتلك المناطق، وبالتالي لا يمكن هنا الاعتماد علي الدراما كمرجع أساسي نستطيع أن نستمد منه صورة المرأة فى الصعيد، موضحاً أنه بطبيعة الحال اختلف الأمر الآن بعد أن تم افتتاح الجامعات، ودخول الإنترنت ووسائل التواصل .

وأوضحت أن هناك حالة من الاستسهال والتسطيح فى تناول هذا الملف مثلما حدث مع فكرة الحارة الشعبية فى مصر، متسائلة: هل يوجد مفهوم الحارة الآن مثلما تم تناوله فى السابق؟ لافتة إلى أنه فى السينما قد نجد بعض الأعمال التي عبرت عن المرأة الصعيدية مثل الطوق والأسورة، أو عرق البلح.

وأكدت البشلاوي أنه طالما ظل المسلسل التلفزيوني مجرد سلعة تجارية توزع فقط علي القنوات، وبشكل سريع دون عمل مدروس اجتماعياً سيفقد العمل قيمته الفنية، ويخسر الجمهور من النساء العاديات ممن يريدن التعرف علي طبيعة وعادات وتقاليد النساء فى الصعيد أو اعطاء فرصة للاجيال القادمة لمعرفة تاريخ وتراث جزء أصيل من المجتمع المصري، وهو ما يتطلب التدقيق للتعرف على البيئة الحقيقية لها بعيداً عن التضليل .

صناع الدراما

بينما ألمحت الناقدة الفنية ماجدة موريس، إلى أن هناك سيدات من الصعيد متمردات على الواقع، واللائى رفضن حصرهن فى فكرة قيامهن بنظافة المنزل ورعاية الأولاد والاهتمام بقضية الأخذ بالثأر، بل استطعن أن يشغلن مناصب هامة فى المجتمع، ولكن الدراما لم تتناول مثل هذه النماذج المشرفة. وأضافت موريس قائلة:" كثير من نساء الصعيد متفوقات دراسيًا ولكن مازلنا نقف عند الصورة النمطية القديمة للمرأة التى ترتدى الجلباب الأسود"، مؤكدة أن الكتاب الكبار محمد صفاء عامر ومحفوظ عبد الرحمن وأسامة أنور عكاشة هم الذين كانوا يهتمون بمناقشة القضايا والمسائل المتعلقة بالمجتمعات المصرية بشكل عام، ووصفت صفاء عامر بـ«محامى المجتمعات الصعيدية».

وأوضحت موريس أن هناك محاولة من الكاتب مجدي صابر لتأصيل مجتمعات الصعيد من خلال مسلسل "سلسال الدم"، الذي يعرض له الجزء الرابع حاليًا وتقوم ببطولته النجمة عبلة كامل. واختتمت حديثها قائلة:" أعيب على الدراما وبعض صناعها ممن لم يبذلون جهدًا فى معرفة المجتمع المصري ضرورة بذل مجهود لتقديم صورة أكثر واقعية عنه، فنحن شعب لا نعرف عن بعضنا البعض شيئاً".

تغيرات متعاقبة

وكانت الناقدة الفنية حنان شومان: أكثر عمومية حينما ذكرت أن الأمر لا يقتصر على الدراما الصعيدية فقط، بل كافة أنواع الدراما التى تقدم للمشاهدين، مشيرة إلى أن أغلب الأعمال الفنية التى تقدم تظهر خلالها أغلب الفنانات بـ " ميك أب" كامل، دون مراعاة طبيعة الشخصية، مؤكدة أن ذلك لا يعد أمرًا جديداً، وأن الدراما التليفزيونية القديمة لم تخل من ذلك.

وأكدت شومان ان السبب فى ظهور المرأة الصعيدية بشكل يعد مغايرًا للواقع هو أن هناك فنانات يفرضن أراءهن على بعض المخرجين ضاربة مثالاً بسؤال كانت قد طرحته على أحد المخرجين أثناء تصوير أحد الأعمال التليفزيونية، حيث كانت الممثلة تجسد شخصية فتاة ريفية بـ "ميك أب" كامل، فقالت للمخرج كيف ذلك؟ وهو لا يتناسب مع طبيعة الشخصية، فأجابها:" غسلت لها وشها 3 مرات بس مضطر أصور".

وأوضحت حنان شومان أن هناك تغييراً بشكل عام فى المرأة من وقت لآخر نظرًا للتغييرات الطبيعية الملموسة فى الواقع، ضاربة مثالا بالنجمة الكبيرة الراحلة هدى سلطان التى يختلف جيلها عن جيل الفنانة عبلة كامل وجيل فنانة شابة من الجيل الجديد، كما أوضحت أن صورة المرأة الصعيدية تغيرت ليس بسبب تغير الواقع ولكن بسبب ممثلات يتدخلن فى غير اختصاصهن ومخرجين ضعاف ومؤلفين غير موهوبين.

واستطردت حديثها قائلة: الفكرة تختلف وفقا لطبيعة الممثل، فهناك ممثلة تلتزم بطبيعة الشخصية وترسم ملامحها وتجسدها بروحها، وهناك ممثلة أخرى يهمهما فقط أن تظهر جميلة، بصرف النظر عن مدى تطابق ذلك للواقع، مستشهدة بالكاتبين الكبيرين محفوظ عبد الرحمن وأسامة أنور عكاشة اللذين كانا يحرصان على التواجد في التصوير ومتابعة كافة مشاهد العمل الفنى، مختتمة حديثها:" البنت فى الصعيد تغيرت ولكن صورتها غير الواقعية فى الدراما مرتبطة بطبيعة الممثلة وقوة المخرج والنص".

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة