الأحد 19 مايو 2024

«توماس هاردي» كاتب ڤيكتوري اهتم بقضايا المجتمع الأمريكي

فن11-1-2021 | 12:25

توماس هاردي عشقه العقاد كشاعر كتب الغزل ببراعة وأثر بشعره وكتاباته في حركة الأدب في الخمسينات والستينات، فهو الشاعر الڤيكتوري الذي تأثر برومانسية وردزورث وأدب تشارلز ديكينز. 


يوافق اليوم 11 يناير ذكرى وفاة الكاتب والروائي والشاعر الإنجليزي توماس هاردي، وهاردي ولد في 2 يونيو عام 1840 في دروست بأنجلترا وكان والده يعمل مهندساً معمارياً محلياً، أما والدته والتي كان لها الدور الأكبر في نشأته وتكوينه هي جميما هاردي المرأة ذات الإطلاع الواسع والفكر المتجدد وقد أهدت هاردي كتب وأهتمت بتثقيفه الأدبي. 


حين أتم هاردي عامه الثماني ألتحق بمدرسة في بوكهامبتون، كما ألتحق لعدة سنوات بأكاديمية السيد لاسر للشبان الصغار في دوركستر، حيث تعلم هناك اللغة اللاتينية. 


وفي العام السادس عشر له ونظراً لعمل والده البسيط ودخلهم المادي المحدود لم تستطع أسرته تحمل نفقات دراسته، لذا هاردي بدوره لم يستطع استكمال دراسته الجامعية فأتجه للتدريب مع مهندس معماري يدعى چايمس هيكنز. 


في عام 1862 قبل أن ينتقل إلى لندن ألتحق بكلية كينجز، وقد حصل هاردي بعدها على جوائز من المعهد الملكي البريطاني للمهندسين، وفي نفس العام سافر إلى لندن و خلال اقامته هنام أبدى شغفاً واهتماماً بالإصلاح الاجتماعي تحديداً أعمال جون ستيوارت ميل. 


وكان صديقه هوراس مول سببا في إطلاعه على أعمال شارلز فوريي وأوغست كومت، وأستقر هاردي حوالي خمس سنوات في لندن وبعدها عاد إلى دورست واستقر بواماوث، بسبب عدم احساسه بالراحة في لندن، نظرا للطبقية المنتشرة آنذاك، وقرر أن يكرس نفسه للكتابة. في عام 1870، وخلال أعمال ترميم بكنسية القديس جوليو في كورنوول، التقى هاردي بإيما لافينيا غيفورد، وتزوجها سنة 1874.


في عام 1867 كتب هاردي أول رواية له بعنوان "الرجل البائس" ولم يكن لها حظ النشر حتى الأن، فقد عرضها هاردي على مجموعه من أقاربه وأصدقائه والذين أكدوا له إنها لا تصلح للنشر بسبب جدلها السياسي، فلو نشرها هاردي لكان منع من النشر بقية حياته، لذلك أطاع رأيهم ولم ينشرها.


وفي عام 1871 كتب روايتين هما العلاجات الميؤس منها و تحت الشجرة الخضراء، نشرهم هاردي تحت أسم مجهول، أما في عام 1873 فقد أصدر روايته الثالثة والتي نشرت بأسمه وهي "زوج من العيون الزرقاء".


أما عام 1874 فقد شهد إصدار روايته "بعيدا عن الحشد الصاخب" والتي كانت سبباً رئيساً في تحول المسار المهني لهاردي  أنذاك لإنها حققت نجاحاً مبهراً جعله يتخلى عن عمل المعمار والهندسة ليتجه للكتابة طيلة عمره، وقد تناول هاردي لأول مرة فكرة المنطقة الخيالية في غرب إنجلترا المسماة ويسكس وهو اسم إحدى المملكات الساكسونية القديمة تقع تقريبا في نفس المنطقة من إنجلترا. 


انتقلت عائلة هاردي من لندن إلى يوفيل، ثم إلى ستورمينستر نيوتن، حيث كتب رواية "عودة المواطن" عام1878، تلتها القصة الرومانسية "إثنين في البرج" سنة 1882. لاحقا في عام 1885، انتقلت العائلة للمرة الأخيرة وهذه المرة إلى ماكس غايت.


وكتب هاردي في ماكس غايت عدة روايات نذكر منهم "عمدة كاستربريدج" عام 1886، "أهل الغابات" عام 1887. 


اما عن روايته المثيرة للجدل "تس من آل دربرفيلوالتي نشرها عام 1891، فقد واجهه بسببها انتقادات لاذعه جداً  بسبب تجسيدها المتعاطف "لإمرأة ساقطة" حتى أنها منعت من النشر في البداية ولكن نشرت فيما بعد. 


وفي عام 1895 نشر هاردي أيضاً روايته "جود الغامض" والتي لم تختلف عن سابقتها سوى في زيادة الإنتقادات حيث قوبلت بردود فعل أكثر سلبية بسبب تناولها لمواضيع مثيرة للجدل تخص الجنس، الدين والزواج، حتى أنها أثارت مخاوف زوجة هاردي، إيما، من أن تتم قراءة الرواية كسيرة شخصية لزوجها.


ويذمر في ذلك الأمر أن حتى بعض الباعة كانوا يبيعوا الرواية مغطاة بورق قوي حتى لا تظهر للمارة. وقد  قام رئيس أساقفة ويكفيلد، ويلسهام هوو، بحرق نسخة من الرواية تعبيراً عن سخطه وغضبه منها. 


وعن تلك الحادثه قال هارجي عام 1912 أن رئيس الأساقفة قد حرق نسخة من الرواية عوضاً عن عدم استطاعته لحرقه هو شخصياً!، و رغم كل هذه الانتقادات، زادت شهرة هاردي خلال أوائل القرن العشرين، ونشر رواية أخرى تحت عنوان "المحبوب بشكل جيد" سنة 1897.


نال هاردي وسام ميريت ورشح لنيل جائزة نوبل للآداب وفي عام  1912 توفت زوجته ورغم بعض المشكلات التي كانت بينهما، كان وفاتها  له أثر كبير عليه، حتى أنه قام بالسفر إلى كورنوول لزيارة الأماكن التي تذكره بزوجته الراحلة، وأشعاره التي كتبها بين 1912 و1913 تعكس مشاعره إزاء هذا الحادث المؤلم.


وفي عام 1914 تزوج من سكرتيرته فلورس إيميلي وكانت تصغره بـ39 عاماً، وقد نشرت إيميلي لاحقاً كتابا تحت عنوان "الحياة المبكرة لتوماس هاردي، 1841-1891" يحوي العديد من الملاحظات والرسائل واليوميات، ومعلومات أخرى من محادثاتها معه طيلة سنوات زواجهما.


ذاع صيت توماس هاردي كروائي أكثر منه شاعر على الرغم أن هاردي قد كتب الشعر أولاً ولكن لم ينشر أياً من أشعاره حتى عام 1898 والتي أصبحت خمسينيات القرن العشرين، ذات جودة مماثلة لرواياته، وكان لها تأثير واضح في حركة الشعراء خلال خمسينيات وستينيات القرن العشرين.


وعن شعر توماس هاردي يقول عباس العقاد في "أعاصير مغرب" ورأیي في الغزل الذي نظمه هـاردى بين السبعين والثمانين ليس بالرأى الحديث، فلم أعجب به اليوم لأننی صاحب دیوان بعد وحی الأربعين، بل أعجبت به: لأنى كنت أرى في زمن الفتوة أن الشعور والتعبير لا ينتهيان بانتهاء الشباب، ومتی بقى الشعور والتعبير فما

الذي فنى من مادة الغزل والغناء؟ واتفق منذ بضع عشرة سنة أننى كتبت فى هذا المعنی وأن کتابتی فيه كانت بصدد الكلام عن هـاردى الذي أوحى إلى اليوم أسم ديواني الجديد. فأثنيت على غزله أجمل ثناء، وقلت أجيب الأديب


وقد أتفق هاردي في رواياته مع تشارلز ديكينز في دراسة التناقضات الاجتماعية في حياة من يعيشون في إنجلترا الفيكتورية، وانتقد الآراء والمعتقدات السائدة في ذلك العصر، خاص ما تعلق منها بالزواج، التربية والدين، هذه المعتقدات التي خنقت حياة الناس وسببت لهم التعاسة والمعاناة وبجانب تناوله لقضايا المجتمع الأمريكي فقد ركز على تناول قضايا الطبقة الريفية. 


وقد توفي توماس هاردي في مثل هذا اليوم لعام 1928 تاركاً العديد من الروايات والكثير جداً من القصص القصيرة والأشعار المؤثرة.