أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أهمية التحول الرقمي في تطوير الدول العربية اقتصادياً واجتماعياً، مشددا في ذات الوقت على أهمية بناء القدرات الوطنية في مجال أمن المعلومات ومكافحة القرصنة الإلكترونية.
جاء ذلك في كلمة "أبو الغيط" أمام أعمال الدورة (50) للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك، التي انعقدت اليوم "الأربعاء"، برئاسته، في فرع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالقرية الذكية بالقاهرة، وعبر آلية "الفيديو كونفرانس" بمشاركة المدراء العامين ورؤساء مؤسسات ومنظمات العمل العربي المشترك، والدكتور طلال أبو غزالة رئيس مؤسسة طلال أبو غزالة العالمية.
وقال "أبو الغيط ": "إن اختيارنا لموضوع التحول الرقمي كمحور أساسي لهذه الدورة نابع من قناعاتنا بأهميته الحاسمة في الحاضر والمستقبل، في الاقتصاد والسياسة، والأمن"، مشيرا إلى أن "التكنولوجيا الرقمية" تقع في القلب من المنافسة العالمية على قمة النظام الدولي بين الولايات المتحدة والصين، والقضايا المتعلقة بها، سواء فيما يتعلق بالخصوصية أو صيانة الأمن المجتمعي في مواجهة موجات التحريض والشائعات، هي قضايا محل جدل على مستوى العالم كله، أما مكانتها في الاقتصاد الجديد فليست في حاجة إلى بيان.
وأضاف "أن شركات التكنولوجيا الرقمية، بما في ذلك المنصات الاجتماعية والترفيهية، خرجت كرابح وحيد تقريباً من عام جائحة" كورونا المستجد" وذلك بعد أن أجبرنا وباء" كورونا" على المكوث في بيوتنا، ووجدنا أنفسنا مجُبرين على استخدام تطبيقات التكنولوجيا الرقمية واكتشفنا الحلول التي تتيحها للتعامل مع الأزمة الصحية، وضمان استمرار تعليم أبنائنا عن بعد واحترام التباعد الاجتماعي، وسير أعمالنا دون تعطيل".
وشدد أبو الغيط على أن تطوير الإمكانيات والبنية الأساسية والبشرية المتعلقة بتطبيقات التكنولوجيا الرقمية المختلفة يكتسب زخماً وأهمية تتزايد كل يوم، في مجالات الصحة والتعليم وغيرها، لذلك فإن العديد من الأفكار التي سنتناولها في الاجتماع ، تعتمد على التكنولوجيا الرقمية بشكل أساسي، مشيرا في هذا الصدد إلى مقترحات المرصد العربي لتوثيق الاستجابات الوطنية، وإنشاء منصة عربية للتعليم، والمبادرة بإنشاء جامعة رقمية عربية.
وأردف قائلا "إننا نحتاج في المقام الأول، ومن أجل تنفيذ هذه الأفكار إلى توفير بنية تحتية رقمية، وهو موضوع تشهد فيه الأقطار العربية تفاوتاً ينبغي العمل على معالجته لتسهيل اندماج بلداننا في الثورة التكنولوجية الرقمية التي تتسارع وتيرتها بصورة غير مسبوقة".
ولفت"أبو الغيط" إلى الارتباط الوثيق بين موضوعي التحول الرقمي وأمن المعلومات، منبها إلى أنه بالرغم من الفرص الهائلة التي تتيحها التكنولوجيا الرقمية لتوفير الرخاء الإنساني، إلا أنها تفسح أيضاً ثغرات ومساحات يستغلها المجرمون والأعداء لشن حروب نفسية وهجمات إلكترونية، وحملات لتغليط الرأي العام وشق وحدة الصفوف، دون ترك أثر للجريمة "وهو ما يستدعي التفكير بجدية في بناء قدراتنا في الأمن السيبراني ورفع حصانتنا، حتى لا تكون مجتمعاتنا مسرحاً لهذه الجرائم".
وتابع " ينتابني شعور يمتزج فيه الأمل بالحيرة، فبالرغم من بريق الأمل الذي يلوح في الأفق في مستهل هذا العام الجديد بعد إطلاق حملات وطنية للتلقيح في العديد من دول العالم، إلا أن جائحة"كورونا المستجد" مستمرة في التفشي في كل مناطق العالم، وقد رأينا كيف عادت الدول إلى فرض إجراءات صحية مشددة كالحجر، وحظر السفر إثر اتساع نطاق الموجه الثانية من الإصابات بالفيروس"، مشيرا إلى أن المتابع لتطورات هذه الأزمة يدرك يقيناً أن نهايتها لن تكون سريعة، وبأن آثارها الممتدة ستظل حاضرة لسنوات عديدة للأسف.
وقال "أبو الغيط " إن الوضع العربي المُثقل بالمشكلات، والذي زادت عليه هذه الأزمة أعباء إضافية، يفرض علينا أكثر من أي وقت مضى مضاعفة جهودنا لوضع استجابة متعددة الأطراف، كما يحتم علينا تركيز اهتمامنا على مواضيع بعينها"، مشيرا إلى القرار الصادر خلال اجتماع اللجنة في دورتها (48) التي عقدت في بيروت يوم 20 يونيو 2019 بتحديد ثلاث قضايا أساسية للعمل سوياً عليها وهي: ريادة الأعمال، التنمية المستدامة، والتحول الرقمي.
ورحب بمشاركة الدكتور طلال أبو غزالة رئيس مؤسسة طلال أبو غزالة العالمية ضيفاً علي اللجنة، مؤكدا ثقته في أن الأفكار التي سيتم مناقشتها خلال هذه الدورة، والتي ساهم الدكتور طلال أبو غزالة مشكوراً في إثرائها، ستشكل منطلقاً للخروج بتوصيات عملية بناءة.
وصرح مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية بأن الاجتماع تناول عدداً من الموضوعات الهامة، حيث أطلع الأمين العام للجامعة العربية على الأوراق والمساهمات والأفكار العملية التي تقدمت بها المنظمات العربية المتخصصة لمجابهة فيروس كورونا، وتسريع وتيرة التحول الرقمي في الدول العربية.
وأضاف أن الدكتور طلال أبو غزالة عرض عدة مبادرات وأفكار بشأن التعاون بين المنظمات العربية المتخصصة والقطاع الخاص في مجال البحث العلمي على وجه الخصوص.
وأفاد المصدر بأن اللجنة أعربت عن سعادتها وتشجيعها لمقترح الدكتور طلال أبو غزالة لإنشاء جامعة رقمية تحت مظلة جامعة الدول العربية وتشجيع بناء وتعزيز المزيد من الشراكات بين المنظمات العربية والقطاع الخاص العربي في مجال البحث العلمي والسيبراني.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة تعقد بشكل نصف سنوي برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية وعضوية المدراء العامين ورؤساء المنظمات العربية المتخصصة، وهي أعلى هيئة في منظومة العمل العربي المشترك وتهدف إلى تعزيز التنسيق والتعاون بين كافة المؤسسات العاملة تحت مظلة جامعة الدول العربية.